14-09-2021 03:51 PM
بقلم : مصطفى الشبول
أبو محمود ابن القرية وصاحب دكان الحارة والبالغ من العمر ما بين الخمسين والستين عام ، والأقرب إلى الستين ... له من الأبناء ثلاثة ذكور وبنت واحدة ... ويحمد الله دائماً بأنه أكمل تعليمهم الجامعي وزوجهم جميعاً ... شاءت الأقدار أن تمرض أم محمود (جلطة) بعد أن عانت من الأمراض المزمنة ،ضغط وسكري وروماتيزم ، عدا عن ألم الرُكب وخدر الأرجل ... ولم تلبث طويلاً أم محمود بالمرض حتى جاء أجلها وانتقلت إلى جوار ربها، بعد أن عانت من الأمراض ما عانت ...
ومرت الأيام وأحس أبو محمود بالوحدة بعد فراق زوجته رغم عدم مفارقة أولاده له ، وكان كل يوم يذهب إلى قبر أم محمود يدعو الله لها بالرحمة ويدعو لنفسه بالصبر على فراقها ، وقد عاهد نفسه بأن لا يتزوج بعدها ، لكن إصرار أبناء أبو محمود على والدهم وأصحابه بالمسجد ورجال الحارة على الزواج وافق بالنهاية ، وفعلاً سرعان ما وجد أبو محمود فتاه من نفس القرية تصغره من العمر ربع قرن ( من جيل أولاده)، ومن هنا بدأت حياته تتغير وانقلبت رأساً على عقب ... وأختلف أبو محمود ابن اليوم عن أبو محمود السابق صاحب اللحية الغزيرة الكثّة الذي يغزوها الشيب والبياض ، والذي يلبس الثوب الرمادي والبنطال الحراري ذو اللون الفيراني والطاقية البيضاء ... فقد سبغ شعره والشوارب بالسواد وتخلى عن اللحية بحلقها ، ولبس القميص وبناطيل الكتان والجينز بالإضافة إلى أواعي آخر موديل وبدلات الرياضة من أفضل الماركات ، والمشي الصباحي والتسجيل في نادي رياضي لتخفيف الوزن والخلاص من الكرش ... والقهوة الصباحية في الدكان مع العروس على صوت فيروز ، عدا عن الرحلات والطلعات كل أكم شهر ( تركيا ، والعقبة ، والبتراء ..... ) حتى صار أبو محمود يحب أكل المطاعم، مرة عند مطعم الصنارة ومرة عند مطاعم أبو رياض هذا غير الأندومي اللي صار يحبه أبو محمود ، بعد ما كان يحب يوكل أكلات شعبية(مجدرة ، وخبيزة ، وعكوب ، وأذان الشايب) من تحت أيادي أم محمود... هذا غير الكلام الحلو والرومانسي والشعر الجميل اللي صار يحكيه أبو محمود...
فالسؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا لم يكن أبو محمود بهذه الصفات في أيام أم محمود ؟ ولماذا لم يحمل الروح الشبابية وقتها ؟ حتى أنه كان يكره الخروج من البيت ولا يحب الرحلات والطلعات ولا أكل المطاعم ، ويعتبرها قلة عقل ، والمسكينة أم محمود (الله يرحمها) قديش كانت حابه تطلع طشه ومشوار مع أبو محمود تفضي بالها ، ومازالت تذكر المشوار الوحيد الذي رافقت أبو محمود فيه،كان في أول أيام زواجهم عندما أخذها على سوق البخارية للتسوق، وحيدوا على مطعم أكلوا فروج وكوكتيل وروحوا متهاوشين (هي من قليل أم محمود انجلطت) ... على فكرة ترى هيك معظم الزلم...