21-09-2021 08:13 AM
سرايا - أظهرت بيانات رسمية أن نسبة العاملين الأردنيين الذين يقل دخلهم الشهري عن 200 دينار ارتفعت خلال الأشهر الأولى من العام الحالي الأمر الذي وصفه خبراء بـ”الخطير”.
وكشف رصد أجرته أن نسبة الأردنيين الذين يقل دخلهم عن 200 دينار شهريا من إجمالي المشتغلين ارتفعت إلى 6.3 % في الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع 4.8 % في الربع الأخير من العام الماضي و4 % في الربع الثالث.
وأظهرت بيانات رسمية أن نسبة العاملين الأردنيين الذين يقل دخلهم الشهري عن 200 دينار بقيت مرتفعة خلال الربع الأول من العامين (2020-2021) مقارنة مع نفس الفترة من العامين (2018-2019).
وبحسب رصد يظهر أن نسبة الأردنيين الذين يقل دخلهم عن 200 دينار شهريا من إجمالي المشتغلين بلغت 6.4 % و6.3 % خلال الربع الأول من العامين (2020 -2021) مرتفعة من 4.4 % و4.5 % في الفترة نفسها من العامين (2018 – 2019) على التوالي.
يأتي هذا في الوقت الذي تظهر فيه الأرقام الخاصة بمسح العمالة والبطالة الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة أن نسبة المشتغلين الذين يقل دخلهم الشهري عن 200 دينار شهريا تراوح بين 4.8 % و5 % خلال الأعوام (2018 – 2020).
ويشار إلى أن هذه الاحصائية لا تشمل عمالة الأطفال لأنها تشمل العاملين ممن تزيد أعمارهم على 15 سنة.
ووفقاً لمسوحات فقد أظهرت السنوات الأخيرة الماضية تراجعا في أعداد المشتغلين ممن تقل دخولهم عن 200 دينار فقد قدرت في 2018 بـ5 % من عدد المشتغلين الكلي والذي بلغ حوالي 1.3 مليون أردني، وتراجعت هذه النسبة في 2019 بنسبة بسيطة لتصل إلى 4.9 %، وفي 2020 تراجعت إلى 4.8 %.
الزيادة في أعداد المشتغلين ممن تقل دخولهم عن 200 دينار اعتبره خبراء اقتصاديون واجتماعيّون بانه مؤشر على تراجع الاقتصاد الوطني الذي بات عاجزا أو “مشلولا” أمام توفير فرص عمل جديدة، وهذا له تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة.
تفسير ذلك يعود بشكل أساسي إلى أوامر الدفاع التي طبقتها الحكومة خلال الفترة الماضية، بحسب الخبير في الشؤون العملية حمادة أبو نجمة، والذي أشار الى أنّ هذه السياسات سمحت بتخفيض الأجور بطرق وصور مختلفة سواء من خلال تخفيض الأجر نفسه أو من خلال تخفيض ساعات العمل وبالتالي الأجر، مشيرا الى أنّه ومنذ بداية الجائحة وحتى اليوم فإنّ هناك ما لا يقل عن نصف مليون أردني انخفضت دخولهم.
وبين أبو نجمة أنّ جائحة كورونا كشفت النقاب عن هشاشة سوق العمل والافتقار إلى متطلبات الحماية الاجتماعية بين فئات العمالة، خاصة فئات العاملين في الاقتصاد غير المنظم، وقد ظهر ذلك بصورة جليّة خلال الأزمة وذلك لتعرض هذه الفئة لفقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، مشيرا الى أنّه وفي ظل المؤشرات الحاليّة بأن هذه الفئة سوف تتوسع في الفترة المقبلة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف من الوظائف.
التفسير الآخر اعتمد على النظرية الاقتصادية القائمة على العرض والطلب في أي سوق، والتي اوضحها أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك دكتور قاسم الحموري حيث أشار الى أنّ تراجع الأجور في سوق العمل هو نتيجة حتمية لزيادة العرض (الذي يمثله هنا زيادة من يبحثون عن عمل)، مقابل انخفاض الطلب على الوظائف من قبل القطاع الحكومي والقطاع الخاص، موضحا بأن “فائض السوق يؤدي الى تراجع الأجور”.
وأوضح الحموري أن استمرارية حالة “فائض السوق” تؤدي الى تراجع الأجور عاما بعد عام، حيث “يبدأ الناس يقبلون بأي أجر وتحت أي ظرف أو شرط، مقابل العمل فقط” معتبراً ذلك “مؤشّرا خطير جداً” وله تبعات اقتصاديّة واجتماعيّة.
وأشار إلى أن هذه الحالة هي انعكاس لتراجع الأداء الاقتصادي، الذي لم يعد قادرا على تأمين فرص عمل، ودليل على “أن الاقتصاد يختنق”.
آثار هذه الحالة ستظهر اقتصادياً من خلال تراجع إضافي في الاقتصاد الوطني – بحسب أبو نجمة – والذي اعتبر هذا الأثر “خطيرا”، موضحا أنّ تراجع الدخول يعني تراجع “القوة الشرائيّة” أو “الطلب الكلي” على السلع والخدمات، وهذا يؤثّر على الانتاج الكلّي في الاقتصاد، كما يؤثّر على إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم.
ووفقا لأبو نجمة فإنّ حكومات العالم قامت باتباع سياسات مختلفة من شأنها أن تحافظ على الطلب الكلي حيث ضخت سيولة ولكن عن طريق توجيهها إلى المواطنين بشكل تقديم دعم مباشر أو من خلال دعم الأجور، وبالتالي أدّى هذا إلى حمايتها من تراجعات كبيرة في اقتصاداتها.
اجتماعيا وبالإضافة إلى حالة “الرضوخ والقبول” بأي أجر وتحت أي ظرف في سوق العمل، والتي سيكون لها انعكاس مستوى حقوق الإنسان في بيئة العمل، -بحسب الحموري-، فإنّ هذا سيؤدي من جهة أخرى -بحسب أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي- إلى زيادة نسب الفقر، وزيادة نسب الفقر المدقع (فقر الجوع)، وهذا يعني زيادة في أعداد المتسولين، وفي عمالة الأطفال وفي الجرائم الاجتماعيّة، مذكراّ بأنّ 65 % من الجرائم التي تقع في الأردن هي جرائم اقتصاديّة واقعة ضد المال.
ويشار هنا إلى أنّ معدّلات الفقر على مستوى المملكة كانت قد قدرّت العام 2017/2018 (قبل الكورونا) بـ15.7 %، فيما أنّه من المتوقع وفق البنك الدولي أن ترتفع على الأقل 11 نقطة بعد الجائحة.
وأكد الخزاعي ضرورة ايلاء هذه الفئة من المواطنين أهميّة قصوى في السياسات، لأنّ زيادة نسبتها في المجتمع سيشكّل كارثة اجتماعيّة معالجتها لن تكون بتلك السهولة.
يشار إلى أنّ نسبة البطالة خلال الربع الأول من العام الحالي بلغت 25 % بارتفاع مقداره 5.7 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام 2020.
وقدرت نسبة المشتغلين من مجموع السكان (15 سنة فأكثر) حوالي 26 %، وأن غالبية المشتغلين حوالي 86 % هم مستخدمون بأجر.
الغد