21-09-2021 09:53 AM
بقلم : المهندس عادل بصبوص
ما يتم تداوله حالياً حول تفوهات تُنسب إلى أحد أعضاء لجنة مهمة يملؤ ضجيج تصريحات أعضائها الزمان والمكان، اتهمت ظلماً فئة كريمة من فئات مجتمعنا الطيب بما لا يتفق مع تاريخها الناصع ودورها المشرف في بناء الدولة وتطويرها، يثير من جديد التساؤلات المتعلقة بجدوى الاستمرار في تقسيم المجتمع وتجزئته وتصنيف أبنائه على أسس ومعايير تجاوزها الزمن من مثل هذا مدني وذاك بدوي أو فلاح، فهذه تصنيفات كانت ذات معنى ومدلول يوم كانت فئات المجتمع متباينة ومنقسمة حسب أمكنة العيش والإقامة وطبيعة أنظمة الحياة الاقتصادية والاجتماعية لكل منها، يوم كان الفلاح يقيم في القرية ويعتاش من زراعة محاصيلها وكان البدوي يتنقل في البادية حاملاً معه قليل المتاع والخيمة أو بيت الشعر الذي يؤويه تتبعه أغنامه ومواشيه، وكانت المدن والحواضر القليلة تضم أبناءها العاملين في التجارة وفي دوائر الدولة الناشئة ومن هاجر إليها من ريف أو بادية، يومها كان الفلاح فلاحاً وابن البادية بدوياً وساكن المدينة حضرياً لا فضل لأحدهما على الآخر إلا بما يعطي من عرقه وجهده للوطن حضن الجميع وملجأهم.
دارت الأيام دورتها وهبت رياح التغيير على ربوع الوطن بواديه وقراه وحواضره، وتراجعت اقتصاديات البوادي والأرياف، وابتعد ابناؤهما من الأجيال الجديدة عن الزراعة ورعي الغنم، واشتغلوا فيما يشتغل فيه أبناء المدن والحواضر من وظائف حكومية ومهن خدمية، وحلت مكان الخيم وبيوت الشعر بجهود ابنائها وكدهم وتعبهم بيوت ومنازل من الباطون والطوب والحجر، حملوا اليها اخلاق البادية وشيمها، وعادات بدأت تتغير شيئاً فشيئاً لتنسجم مع البيئة الجديدة، ومع المتغيرات الكبرى التي عصفت بالعالم بأسره من انتشار للعلوم والتقنيات الحديثة، متغيرات لم ينج منها أبناء الأرياف والقرى وحتى الحواضر أيضاً، وبدأ الجميع ينصهر في بوتقة الوطن الواحدة، الفوارق بدأت تزول والحواجز تختفي، وغدا النسب والمصاهرة الذي كان ذات أمسٍ بين مكونات وأخرى محرماً ومحظوراً، مصدر عز وعنوان فخار، واحتضنت عمان حاضرة الوطن وجوهرته الغالية الثمينة، في أحيائها الراقية كما في حارتها الشعبية من جاء من البادية الشماء ومن قدم من القرى والأرياف يعيشون جنباً إلى جنب متآلفين متحابين بكل تناغم وانسجام....
لإبن البادية أو الريف كما لإبن الحاضرة والمدينة ان يفاخر بإصله وأن يعتز بمنبته وله أن يحرص على إرثه التليد من طيب العادات وكريم الخصال، بيد أن ذلك لا يعطيه الحق للشعور بالتميز عن الآخرين ولا يرتب له حقوقاً إضافية أو منزلة أعلى من الباقين، لا سياسياً ولا اجتماعياً، واية محاولات لتكريس ذلك مصيرها الفشل على المدى البعيد وإن توهم البعض بنجاحها مرحلياً.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-09-2021 09:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |