22-09-2021 08:37 AM
سرايا - فجّر مسلسل الأخطاء الطبية خلافات سياسية وتراشق بالاتهامات بالفساد والتقصير، على نحو واسع وممتد شعبياً واعلامياً، وأعاد الجدل مجدداً في الشارع الاردني للبحث في الملف المصيري المأساوي المتكرر، وخاصة بعد أن فجع الأردنيين بوفاة أكثر من شخص في مستشفى البشير، أضخم وأكبر مستشفيات الحكومة بسبب الاهمال ولنفس الاسباب.
ورغم الإجراءات التي اتخذها وزير الصحة د.فراس هوراي من حلول وتعيينات على خلفية الاحداث الاخيرة ، لم يقتنع العديد من المواطنين بتلك القرارات بل وصفوها بالقرارات التخديرية، مشيرين إلى أن إقالة المسؤولين وتقديم استقالتهم لا تعيد الموتى.
واعتبر فريق آخر من المعارضين، أن “ما حدث في مستشفى البشير يعكس الحالة المتردية في المستشفيات الحكومية التي لم تعد قادرة على تحمل المزيد من عدم المبالاة والتقصير.
حصل ذلك، وتدحرجت قضية مستشفى البشير أمام الرأي العام بشكل بارز، بعد أن قدّم مدير إدارة مستشفيات البشير الدكتور عبد المانع السليمات، استقالته لوزير الصحة مبينًا فيها العديد من الاختلالات والأسباب الجوهرية في النظام الصحي التي أعاقت عمل الفريق الطبي وأسهمت في وصول الحالة الصحية المتهالكة إلى ما هي عليه اليوم.
ولم يكتف السليمات بالصمت بل وجه الاتهامات المبطنة والمباشرة، عبر استقالته لوزارة الصحة وبما في ذلك للوزير هواري على خلفية ما جرى مؤخراً من أخطاء كارثية داخل مستشفى البشير ، وهو ما ألهب الاجواء واعاد الاذهان الى قصة مدير مستشفى البشير السابق الطبيب محمود زريقات عندما ناشد مراراً وتكراراً الوزارة بتزويد المشفى بأسِرَّة وكوادر طبية مختصة من الممرضين والأطباء لحل مشكلته بأسرع وقت كونه يخدم نحو ثلاثة ملايين مواطن على الأقل.
وقال السليمات في رسالته إن من “أبسط الحقوق لي كمدير الإدارة المستشفى ان يتم استشارتي في اي معادلة يتم من خلالها نقل او عزل او انهاء خدمات اي من زملائي ، اولئك الذين لا ذنب لهم ولا علاقة بما حصل مؤخرا ووقفوا صامدين في ادارة مستشفياتهم يواصلون الليل بالنهار على خدمة ابناء الوطن”، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه يتحمل كامل المسؤولية الادبية اتجاه زملائه الأطباء ولذلك قدم استقالته.
وأشار إلى أنه “تم التجني على كوادر مستشفى البشير و علي أنا شخصيا في حادثة وضع جثة جنين الخداج في كرتونه معدة خصيصا لهذا الغرض وهو المتبع في جميع المستشفيات وصمتت وزارتكم الكريمة صمت القبور وكان هذا لا يعنيها”.
وأكد أن قرارات الوزارة الأخيرة وما سبقها من قرارات أثرت سلبا على سير العمل بالشكل الصحيح، مشددًا على “استحالة العمل في ظل غياب روح الفريق وانعدام التنسيق وغياب أدنى درجات المفاهيم الإدارية للسير نحو الهدف المنشود”.
وعبر عن أسفه لاستنزاف كوادر المستشفيات ونقل البعض الآخر لافتتاح أقسام طبية مؤكدًا أن ذلك كله تسبب في نقص شديد في الكوادر، منوها إلى أن ممرضة واحدة في قسم الخداج تعمل لكل 19 طفلا.
واتهم السليمات وزير الصحة باتخاذ قرارات عشوائية لإرضاء الشارع، مشددًا في الوقت ذاته على أنه “من الأولى ارضاء المرضى و الأطباء والمعالجين وتوفير بيئة حقيقية للعمل وانصافهم ومكافئتهم ليس تقديمهم كبش فداء”.
وأثنى خبراء وأطباء ومحللون على ما ورد في رسالة السليمات ،مشددين على أنه لا يمكن الصمت على نقص الكوادر في مستشفى البشير وباقي المستشفيات الحكومية التي تتعرض الى ضغط هائل من قبل المراجعين، ويجب النظر بعين الاهمية الى هذه المسألة الحساسة.
وأكدوا أن المستشفى حاليا بحاجة الى 800 ممرضا على أقل تقدير ليسير العمل به بالحد الأدنى للنظام المعتمد، منهم 170 ممرضا في مستشفى الطوارئ.
وقالوا إنه لا يجوز التهاون من قبل المستشفيات والأطقم الطبية بشكاوى المتضررين من الاخطاء، والاتكاء فقط على شماعة ” القضاء والقدر ” بل يجب أن يكون هناك حل جذري لهذه القضية وإعادة مباشرة لهيكلة القطاع الصحي برمته في القريب العاجل ورفد المستشفيات بالكوادر الطبية الكافية، واخضاعها إلى برامج تدريبية قبل البدء بعملها، إضافة إلى تفعيل قانون المساءلة الطبية بشكل صارم لحسم الجدل.
وقانونياً ، تتيح المادة 343 من قانون العقوبات حبس كل طبيب أو فرد في القطاع الصحي من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات إذا تسبب بموت أحد عن طريق الإهمال أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة.
في المقابل، عقب وزير الصحة فراس هواري على استقالة مدير مستشفى البشير عبد المانع السليمات بتصريحات صحفية الثلاثاء، مشيراً إلى أن الإدارة لا تعتمد على شخص.
وأكد الهواري أن الوزارة تسير بخطى ثابتة على الطريق الصحيح، والإصلاح لا يكون في يوم وليلة.
وقرّر نقل وظيفة مدير مستشفى الحسين السلط الجديد الدكتور علي العبداللات ليعمل مديرا لادارة مستشفيات البشير.
كما قرّر الهواري الإبقاء على مدير عام المستشفى المستقيل الدكتور عبدالمانع السليمات رئيسا لاختصاص النسائية والتوليد.
"رأي اليوم"