23-09-2021 09:19 AM
بقلم : د.حاتم الجازي
في تصريحات لقناة المملكة يوم الأحد الماضي، أعلن عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية م. وائل السقا أن النص على عدم الجمع بين النيابة والوزارة سيكون من أبرز توصيات لجنة التعديلات الدستورية.
وبالعودة لنص المادة (52) من الدستور الاردني ". على انه يحق لرئيس الوزراء أو للوزير الذي يكون عضواٌ في أحد مجلسي الاعيان والنواب التصويت في مجلسه وحق الكلام في كلا المجلسين" وهذا النص الدستوري يعتبر اساساٌ مباشراٌ لتشكيل الحكومة البرلمانية.
فقهاء القانون الدستوري وفي رأيهم الغالب" يرون أن الحكومة البرلمانية هي الحكومة المشكلة من حزب أو أكثر ممن فازوا بالأغلبية البرلمانية". وهناك من يرى "أن الحكومة التي تفوز بثقة البرلمان هي حكومة برلمانية حتى ولو لم يكن فيها ايا من أعضاء مجلس النواب، وتبقى هكذا طالما تمتعت بالثقة".
وبحسب هذين المفهومين فان تشكيل الحكومة البرلمانية قد يأخذ أحد الصور التالية: يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية، ويقوم الاخير باختيار وزراءه، وهذا النظام معمول به في اغلب النظم الديموقراطية كبريطانيا. أما الصورة الاخرى يختار الملك مرشحا لرئاسة الحكومة من خارج البرلمان وذلك بعد أن يكون اجرى مشاورات مع مندوبي الأحزاب الممثلة بالبرلمان ويطلب ثقة المجلس على أساسه وفي حال حصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات المجلس يعينه الملك رئيسا للحكومة، ويقوم الرئيس المكلف باختيار طاقمه الوزاري الذي يعاونه، وهذا النظام معمول به في اسبانيا.
وحظر الجمع بين النيابة والوزارة قد يكون حظر دائم أو حظر مؤقت، فالحظر الدائم يمنع على عضو المجلس المنتخب أن يصبح عضواٌ في الوزارة خلال عمله كنائب منتخب من قبل الشعب، ويعتبر النموذج الهولندي خير مثال على ذلك.
أما الحظر المؤقت فيعني تجميد عضوية النائب الذي أصبح وزيراٌ خلال فترة عمله في الوزارة، ويستعيد حقه كنائب بعد استقالة الحكومة كما في النظام البرلماني البلجيكي. وبشكل عام يمكن القول أن حظر الجمع بين النيابة والوزارة يعزز مبدأ الفصل التام بين السلطات، ويضع الحكومة تحت رقابة فاعلة للبرلمان.
الملك في اوراقه النقاشية أكد" أن الهدف الاساسي من الإصلاح هو تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، من خلال تعميق نهج الحكومات البرلمانية بحيث نصل إلى حكومة مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية، وذلك على مدى الدورات البرلمانية القادمة".
في الحالة الاردنية عند إقرار تعديلات دستورية مستقبلاٌ تمنع الجمع بين النيابة والوزارة، تبرز التساؤلات التالية: هل تعتبر هذه التعديلات تراجعاٌ عن نهج الحكومات البرلمانية؟ كيف تستطيع الأحزاب الفائزة (سواء كان حزباٌ أو ائتلاف أحزاب) أن تنفذ برامجها الانتخابية والتي على اساسها قام الناخبون باختيارهم؟ والى أي مدى تلتزم الحكومة المشكلة ببرامج الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية؟
بالاستناد إلى الرأي القائل بان الحكومة تعتبر "حكومة برلمانية" طالما تحوز على ثقة المجلس المنتخب، فلا يعتبر الفصل بين النيابة والوزارة تراجعاٌ عن نهج الحكومة البرلمانية، هذا من الناحية الشكلية. ولكن آلية تشكيل الحكومة هي التي ستحدد مدى"برلمانيتها"، لان أحد أركان الحكومة البرلمانية هو وجود أحزاب منتخبة وممثله في المجلس، قام الناخبون بمنح أصواتهم لها بناء على برامج محددة، والحزب يسعى بكل قواه لتحقيق تلك البرامج حتى يعاد انتخابه في الدورات القادمة.
لذلك يجب اولا التفاوض مع الأحزاب الفائزة(في حال لم يحقق حزب معين الأغلبية) للتوفيق بين وجهات نظرها المختلفة للوصول إلى صيغة ائتلاف حكومي، وإجراء اتفاق يشكل برنامج الحكومة القادمة، والسياسة التي ستقوم بتطبيقها في أثناء فترة ولايتها. ويتم ترشيح رئيس الحكومة وأعضائها من الأحزاب الفائزة بالانتخابات، شريطة إلا يكونوا من أعضاء المجلس المنتخب، وبهذا تكون الحكومة التي يعينها الملك رسميا من الأحزاب السياسية صاحبة الأغلبية في المجلس المنتخب ، والتي تستطيع بدورها تنفيذ برامجها الانتخابية.
د.حاتم الجازي