26-09-2021 10:59 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بإرجاء الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة حتى الخامس عشر من شهر تشرين الثاني القادم، حيث تنص المادة (78) من الدستور على أن يجتمع مجلس الأمة في دورته العادية في الأول من شهر تشرين أول من كل عام، ما لم يقرر جلالة الملك إرجاء انعقاد هذه الدورة مدة لا تتجاوز شهرين.
إن حق جلالة الملك في أن يرجئ اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية يثبت له باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، حيث يعتبر هذا الحق مظهرا من مظاهر التعاون القائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظام الدستوري الأردني. ففي الوقت الذي تدعو فيه السلطة التنفيذية مجلس الأمة للاجتماع وترجئه وتؤجله وتفضه، يقوم مجلسا الأعيان والنواب بممارسة رقابة سياسية على أعمال الحكومة وقرارتها، والتي تتكرس بشكل جلي في طرح الثقة بها أو بأي من الوزراء فيها أمام مجلس النواب.
وتبرز أهمية إرجاء اجتماع مجلس الأمة في أسباب تتعلق بمجريات الأحداث داخل مجلس الأمة وأخرى خارجه. ففيما يتعلق بالأسباب الداخلية، فإن الإرجاء يرتبط بالتحضير للاستحقاق الدستوري الأبرز الذي ينتظر مجلس النواب مع بدء دورته العادية القادمة، والمتمثل بانتخاب رئيس المجلس ونوابه ومساعديه. فالمادة (69) من الدستور تنص على أن ينتخب مجلس النواب في بدء دورته العادية رئيسا لمدة سنتين شمسيتين، إذ لا يجوز للمجلس إجراء أي مناقشة أو إصدار أي قرار قبل انتخاب رئيسه، وذلك عملا بأحكام المادة (5) من النظام الداخلي لمجلس النواب.
كما يرتبط باختيار رئيس مجلس النواب في بدء الدورة العادية القادمة إعادة تشكيل اللجان الدائمة للمجلس النيابي، وتسمية الرئيس ونائبه والمقرر لكل لجنة نيابية.
أما الأسباب الأخرى لإرجاء اجتماع مجلس الأمة فتتمثل في إعطاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الوقت الكافي لتقديم مخرجاتها النهائية إلى جلالة الملك، حيث سيتم بعد ذلك تحويل مشاريع القوانين المقترحة والمتعلقة بتعديل الدستور وقانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية إلى الحكومة، لكي تقوم بإرسالها إلى مجلس الأمة. فالمادة (91) من الدستور تنص صراحة على أن يعرض رئيس الوزراء مشروع أي قانون على مجلس النواب الذي له حق قبول المشروع أو تعديله أو رفضه، ومن ثم رفعه إلى مجلس الأعيان.
إن جلالة الملك وإن كان قد ضمن أمام الأردنيين كافة بأن نتائج عمل اللجنة الملكية ستقوم الحكومة بتبنيها دون تأخير، إلا أن هذه الضمانة لا تلغي دور الحكومة في ترتيب مشاريع القوانين التي اقترحتها اللجنة الملكية وتقديمها إلى مجلس الأمة وفق أحكام الدستور. وفي هذا السياق، يقع لزاما على الحكومة أن تقوم بحصر القوانين والأنظمة التي سيطالها التعديل والتغيير في ضوء التعديلات الدستورية المقترحة، وتلك المرتبطة بقانوني الأحزاب السياسية والانتخاب الجديدين. فهذه المسألة على قدر كبير من الأهمية يتعين معها على الحكومة أن تتأنى في دراسة أثر توصيات اللجنة الملكية على المنظومة التشريعية الوطنية ككل.
إن التقاطع بين مخرجات اللجنة الملكية والعديد من القوانين الأردنية يجعل من قرار إرجاء اجتماع مجلس الأمة في محله، وذلك لكي يتاح الوقت الكافي أمام مجلس النواب للاتفاق على ترتيب بيته الداخلي، وأمام الحكومة لكي تقوم بالدور المأمول منها في تتبع النتائج التشريعية المترتبة على مقترحات اللجنة الملكية.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-09-2021 10:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |