27-09-2021 10:14 AM
سرايا - على الرغم من النجاح الذي حققه النظام الصحي في الأردن في مجال مكافحة الأمراض المعدية والمزمنة وانخفاض معدلات وفيات الأطفال ووفيات الأمهات وارتفاع معدل العمر المتوقع للفرد والتحصين الشامل للأطفال واحتلاله مواقع متقدمة في الطب الثالثي المتخصص والسياحة العلاجية وارتفاع نسبة المؤمنين صحيا ووجود نظام وطني لإعتماد المؤسسات الصحية ، إلا انه يعاني من تحديات ومشاكل كثيرة قبل جائحة كورونا وأثنائها لا بد من مواجهتها لتجنب تراجعه مثل: ازدياد الطلب على الخدمات الصحية والاكتظاظ في المرافق الحكومية نتيجة للنمو السكاني والتحول النمطي للأمراض( تفشي الأمراض المزمنة والجوائح) ووجود اعداد كبيرة من اللاجئين وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وارتفاع نسبة الإنفاق على الصحة من جيب المواطن وضعف الحوكمة والإدارة وتعدد الجهات الحكومية التي تدير وتقدم الخدمات الصحية وضعف التنسيق بينها والاستخدام غير الفعال للموارد المتاحة وصعوبة الاحتفاظ بالكوادر البشرية المدربة وهجرتهم وضعف برامج الرعاية الصحية الأولية، والتأخر في الوصول للتغطية الصحية الشاملة والعادلة للسكان، والتطور غير المنضبط للقطاع الصحي الخاص وضعف اذرع الرقابة عليه .هذا بالإضافة الى تحديات الارتقاء بجودة الخدمات الصحية وحوسبتها وتطوير الأساليب الإدارية للنظام الصحي.
باختصار نحن الآن امامنا قطاع صحي حكومي غير منظم مثقل بالأعباء قليل الإمكانيات يدار بأساليب تقليدية وغير متخصصة وتكاد سفينته تغرق وقطاع صحي خاص غير مُراقَب .انكشفت عورة هذا النظام مؤخرا من خلال زيادة الأخطاء الإدارية المتمثلة في وفاة تسعة مرضى نتيجة انقطاع الأوكسجين في مستشفى السلط والإشتباه بوفاة مريضين نتيجة إنقطاع التيار الكهربائي في مستشفى الجاردنزالخاص في عمان وزيادة عدد الأخطاء الطبية المعلن عنها مثل وفاة سيدة في مستشفى اربد التخصصي التابع للقطاع الخاص بعد اجراء عملية نسائية بسيطة ووفاة طفلتين في مستشفيين حكوميين نتيجة التهاب الزائدة الدودية واحدة في مستشفى البشير و الأخرى في مستشفى الأميرة رحمة بسبب أخطاء في التشخيص وعدم تطبيق البروتوكلات الطبية المتعارف عليها.
يؤيد ما ذهبنا اليه من تردي الحالة الإدارية في وزارة الصحة ومؤسساتها الصحية ما جاء على لسان مدير إدارة مستشفيات البشير في عمان الدكتورعبد المانع السليمات في كتاب استقالته الموجه الى وزير الصحة حيث يقول".... ومن موقعي هذا و نظرا لاستحالة العمل في ظل غياب روح الفريق وانعدام التنسيق وغياب ادنى درجات المفاهيم الادارية للسير نحو الهدف المنشود والذي من المفترض ان نعمل معا من اجله،..........معالي الوزير المحترم: اليس من حقي ان اعترض لعدم الأستجابه لمطالبي بتوفير أسرة للمرضى المستلقين على أرضيات اقسام الأسعاف ومعظمهم بحاجة للدخول الى العناية الحثيثة وليس لهم امل الا في مستشفى البشير....."
امام هذا الواقع غير السار للقطاع الصحي في الأردن وللنهوض بهذا القطاع وتطويره ومنع تدهوره فإن حزب المستقبل الأردني من واقع واجبه كحزب سياسي برامجي اصلاحي وجد من اجل خدمة الوطن ورفعته والإرتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على تراب هذا الوطن الطيب ومنها الخدمات الصحية التي تعتبر من الحقوق الأساسية لكل المواطنين، فإنه يضع بين ايدي الحكومة برنامجا متكاملا ومختصرا لإصلاح القطاع الصحي في الأردن يغطي المكونات الأساسية لهذا النظام وعلى النحو التالي:
1.الإدارة والحوكمة:
إيجاد مرجعية وطنية موحدة للقطاع الصحي عن طريق تقوية ودعم وزارة الصحة في رسم السياسات الصحية والتخطيط الإستراتيجي والتنظيم والرقابة والإشراف والمحاسبة على كافة القطاعات الصحية (الحكومية والعسكرية والجامعية والخاصة) ودعمها بأذرع فنية وإدارية كافية ومؤهلة للقيام بهذا الدور بحيث تركز الوزارة على الرعاية الصحية الأولية والصحة العامة ويتم ضم جميع المستشفيات الحكومية تحت إدارة واحدة مستقلة يرأس مجلس إدارتها وزيرالصحة على غرار المؤسسة العامة للغذاء والدواء على ان تنضوي تحتها في مرحلة لاحقة المستشفيات العسكرية والجامعية. وإذا تم الأخذ بهذا الإقتراح يتم الإستغناء عن المجلس الصحي العالي لأن مهامه اصبحت ضمن مسؤوليات وزارة الصحة.
ضرورة الإهتمام بالنظم الإدارية الحديثة وتوفير كفاءات متخصصة في الإدارة الصحية لجميع المستويات الإدارية وتعديل التشريعات الصحية لدعم هذا التوجه.
ضرورة إعداد استراتيجية صحية وطنية تستفيد من دروس الخطة الإسترتيجية السابقة التي انتهى العمل بها عام 2020 وتؤسس لمرحلة التعافي من جائحة كورونا وتعد النظام الصحي الأردني لإنطلاقة جديدة.
ضرورة التطبيق الفعال للتشريعات الصحية الصادرة مؤخرا وخاصة قانون المسؤولية الصحية ونظام إعادة ترخيص اصحاب المهن الصحية.
2.التمويل والتغطية الصحية:
توحيد صناديق التأمين الصحي المدني والعسكري والجامعي في صندوق واحد من خلال إنشاء صندوق وطني مستقل للتأمين الصحي الاجتماعي تحت مظلة مؤسسة الضمان الإجتماعي يحقق العدالة لجميع الفئات المستفيدة ويعتمد في موارده على الأقساط التأمينية والدعم الحكومي للصندوق مع تفعيل قانون الضمان الإجتماعي بشمول جميع العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم بالتأمين الصحي الوطني الموحد.
الزام جميع السكان بالإشتراك في الصندوق الوطني المستقل للتأمين الصحي الاجتماعي او اي تأمين صحي آخرعلى ان تقوم الحكومة بدفع اقساط الفقراء والعاطلين عن العمل وكبار السن ويمكن التدرج بهذا النظام بحيث يتم تغطية حزمة الخدمات الصحية الأساسية كمرحلة اولى.
3.الموارد البشرية الصحية:
دعم وتعزيز الكوادر الصحية والإدارية كما ونوعا لكافة القطاعات الصحية الرسمية ووضع برامج تدريب وحوافز مستدامة لتمكينها من القيام بالواجبات المطلوبة منها وخدمة الأعداد المتزايدة من المراجعين والسيطرة على جائحة كورونا.
الحد من اتجاه الأطباء الجدد نحو التخصصات الطبية العلاجية التقليدية وتوجيههم للتخصص في طب الأسرة وطب المجتمع ومنحهم حوافز لا تقل عن الحوافز الممنوحة لباقي التخصصات الطبية.
الإستفادة من تقنيات التعليم عن بعد وتوظيفها للتدريب والتعليم المستمر للكوادر الصحية في كافة التخصصات .
4.التكنولوجيا الطبية والدواء:
الإستمرار في دعم البرنامج الوطني للتطعيم ضد كورونا الذي اثبت نجاحه في السيطرة على الوباء والتوسع في برنامج الجرعة الثالثة المدعمة.
ايجاد آلية لربط انشاء المستشفيات والمراكز الصحية وشراء التكنولوجيا الطبية المكلفة بحاجات المجتمع وأولوياته والإستفادة من تجارب بعض الدول حول هذا الموضوع وزيادة الإستثمار في برامج الصحة الأولية.
إعادة النظر في النظام المتبع حاليا لتسعير الدواء لتطوير آلية عادلة وشفافة لتسعير الأدوية تتناقص نسب الربح فيها مع ارتفاع تكلفة الدواء.
تحفيز ودعم الصناعات الدوائية المحلية وخاصة في مجال اللقاحات وتصنيع المستلزمات الوقائية ومساعدتها في فتح اسواق جديدة.
5.نظم المعلومات الصحية:
وضع خارطة طريق واضحة لحوسبة القطاع الصحي الرسمي تتضمن تواريخ محددة ورصد للمخصصات المالية اللازمة لذلك.
توظيف التطبيقات الإلكترونية الذكية في القطاع الصحي في مجالات رصد ومتابعة الأمراض السارية والأمراض المزمنة المنتشرة في المجتمع الأردني.
التوسع في برامج الصحة الإلكترونية ووضع التشريعات الناظمة لها للتقليل من زيارات المرضى للمؤسسات الصحية مما يوفر الوقت والجهد والمال ويحد من انتقال العدوى.
6.تقديم الخدمات الصحية:
ضرورة ترتيب اولويات النظام الصحي بحيث يتم ايجاد توازن بين الطب العلاجي/التخصصات الطبية الدقيقة والطب الوقائي الذي يركز على الصحة العامة والرعاية الصحية الأولية والوقاية من الأمراض والسيطرة على الجوائح المرضية التي تهدد صحة وحياة الناس.
إيجاد نظام تحويلي فعال وصارم لجعل الرعاية الصحية الأولية المدخل الرئيسي لتلقي الخدمات الصحية، على ان يعاد تحويل المريض الى المركز الصحي بعد انتهاء معالجته الرئيسية في المستشفى.
إعادة هيكلة المراكز الصحية الحكومية افقيا وعموديا للتخلص من المراكز الصحية الأولية والفرعية التي لا حاجة لها ودمج بعض المراكز بناء على معايير وأسس علمية معلنة على ان يتم ذلك بمشاركة المجتمعات المحلية .ودعم البنية التحتية والبشرية والفنية والمعلوماتية للمراكز الصحية لتلبية الاحتياجات الصحية الأساسية لجميع السكان بجودة عالية.
وضع نظام وطني لتحفيز المؤسسات الصحية للحصول على الاعتمادية بشكل اختياري.
تطبيق البروتوكولات الطبية ووضع آليات واضحة للرقابة الذاتية على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى مثل وجود لجان فاعلة للمراجعة الطبية ومراجعة الوفيات ولجان والأدوية والعقاقير وضبط العدوى وإعداد مؤشرات لقياس جودة الخدمات الطبية.