30-09-2021 09:29 AM
سرايا - يزخر التراث الشعبي العالمي، خاصة الميثولوجيا الإغريقية، بقصص وأساطير غريبة عن نساء خارقات لم ينجح الموت في إنهاء تواجدهن على الأرض، فبقين هائمات ينشرن الرعب بين الأحياء، وألهمت سيرتهن الكتّاب والسينمائيين.
وتعود أغلب الحكايات التي تتوارثها الأجيال إلى قصص حزينة عاشتها العديد من النساء، فمست الضمير الجمعي إلى درجة الاعتقاد بأن أرواحهن ستعود للانتقام، أو إلى وقائع تاريخية تم تحويرها بمرور السنين.
وهذه نبذة عن أشهر ست نساء مرعبات من مختلف الحضارات.
1- عيشة قنديشة، المغرب
يمكن القول إن عيشة قنديشة هي أشهر جنية في المغرب، ويتفادى الجميع ذكر اسمها، وإن فعل أحدهم يتبعه مباشرة بعبارة ”بسم الله الرحمن الرحيم“، إلا أن هذا الاسم حاضر بقوة في موسيقى كناوة المغربية القادمة من جنوب الصحراء الأفريقية.
ويتغنى الموسيقيون بـ“لالا عيشة“ و“عيشة مولات المرجة“، ويسمونها ”عيشة لكناوية“، فيما تؤدى هذه الأغاني على الخصوص خلال جلسات ”الجذبة“ أو ما يعرف في المشرق بـ“الزار“، حيث تستخدم الموسيقى، والرقص، والبخور، لاستحضار الأرواح و الجن.
وتصف الحكايات الشعبية عيشة قنديشة بأنها امرأة فاتنة لها مكان القدمين حافرين كحافري البغلة، تعترض طريق الرجال في الأماكن الخالية ليلًا، وتستدرجهم إلى حيث يلقون حتفهم.
لكن بعض الأبحاث التاريخية تتحدث عن وجود هذه الشخصية فعلًا في القرن الخامس عشر، وكانت أميرة جميلة من عائلة موريسكية نبيلة فرت مع عائلتها من الأندلس لتستقر في المغرب، وأن لقب قنديشة أصله ”كونتيسة“.
واشتهرت بين المجاهدين المغاربة وقتها أنها كانت تساعد الجيش في محاربة البرتغاليين الغزاة الذين قتلوا وشردوا أفراد عائلتها، فتقاتل بقوة وشجاعة جعلت العدو يصفها بالجنية، كما عُرف عنها أنها كانت تغوي جنود البرتغال بجمالها، فتستدرجهم إلى أماكن خالية حيث يتم قتلهم.
2021-09-Picture1-10
2- أم الدويس، الإمارات
هذه الشخصية المرعبة معروفة في بلدان الخليج العربي، خاصة في الإمارات، وهي في الموروث الشعبي جنية جميلة جدًا، ولها رائحة زكية أخاذة، لكن عينيها كالقط، وقدميها كحافري الحمار، ويديها عبارة عن منجلين، ومن هذين المنجلين اشتق اسمها، حيث إن المنجل في اللغة العامية في الإمارات هو ”داس“، والدويس تصغير لهذه الكلمة.
وتقول الحكايات المتواترة إنه قد تظهر في أي مكان، سواء كان خاليًا أو مأهولًا بالسكان، وتتصيد ضحاياها من الرجال، وتقتلهم باستعمال منجليها ثم تأكلهم.
2021-09-image-1-1
3- النداهة، مصر
يعرف عشاق السينما العربية فيلم ”النداهة“ للمخرج المصري حسين كمال، وعنوانه مستوحى من أسطورة منتشرة على الخصوص في الريف المصري، حول امرأة جميلة لها صوت عذب، تظهر في الليالي المظلة في الحقول وعلى الخصوص بالقرب من مصارف المياه.
وتقول الحكايات الشعبية إن هذه المرأة الغربية تنادي ضحيتها باسمه بصوت جميل جدًا لا يستطيع مقاومته، فينساق إليها ”المندوه“ مسلوب الإرادة.
ويختلف مصير الضحية بين من يتم العثور عليه مقتولًا، ومَن يفقد عقله ويتيه بين الحقول فيصعب تعقبه.
أما من تعشقه النداهة فتتزوج به، وتأخذه معها إلى عالمها السفلي فيختفي تمامًا، ثم يظهر فجأة لكنه يفارق الحياة، فيما يفسر الرواة الأمر على أنه عقاب له من النداهة لأنه قرر مغادرة عالمها، أو حتى لا يحكي أسرار ذلك العالم.
4- لالورونا، المكسيك
تعود أصول هذه الأسطورة إلى المكسيك، لكنها منتشرة في بلدان أمريكا الوسطى، وتتحدث عن فتاة غاية في الجمال كانت تقيم في إحدى القرى واسمها ماريا، وكانت معتدة جدًا بجمالها حتى قررت ألا تتزوج إلا شخصًا مميزًا يستحقها.
وهذا ما حصل، فقد تمكنت من لفت انتباه ”رانشيرو“ الشاب الوسيم ابن العائلة الثرية الذي يجيد العزف على القيثارة والغناء، وتزوجا ثم أنجبا ولدين، لكنه هجرها ليرتبط بامرأة أخرى.
وذات يوم صادفت ”رانشيرو“ في عربة، وكانت معه حبيبته الجديدة، وعندما رأى ولديه توقف لتحيتهما دون أن يعيرها أي انتباه، فاختطفتهما من حضنه ثم ألقت بهما في النهر لتحرق قلبه.
وسرعان ما أدركت بشاعة ما أقدمت عليه وارتمت وراءهما محاولة إنقاذهما، إلا أنهم جميعا اختفوا في التيار، وتم العثور على جثة ”ماريا“ في الصباح الموالي على ضفة النهر.
لكن الروايات تواترت بعد ذلك حول ظهور متكرر لامرأة ترتدي الأبيض، تمشي ليلًا على ضفة النهر وهي تبكي وتقول: أين أولادي؟، فسموها ”لالورونا“ أي المرأة الباكية أو الناحبة.
ويقال إن روحها منعت من الصعود إلى السماء عقابًا لها إلى أن تجد ولديها، لذا صارت تخطف الأطفال ليلًا وترميهم في النهر، كما أن كل من سمع صوت بكائها يفارق الحياة بعد فترة قصيرة.
5- ميدوسا، اليونان
ميدوسا هي إحدى الأخوات الثلاث: الغرغون (أي المرعبات)، بنات إله البحر ”فوركيس“ المذكورات في الميثولوجيا الإغريقية، وتشتهر بأن خصلات شعرها عبارة عن ثعابين، وأنه كلما نظر شخص إلى عينيها تحول إلى حجر.
وتقول الحكايات إن ميدوسا كانت عذراء جميلة، لذا اختارتها الإلهة ”أثينا“ لتكون راهبة في معبدها، إلا أنها غضبت عليها لأنها تجرأت على الادعاء أنها تعادلها جمالًا، أو لمعاشرتها بوسيدون داخل المعبد، وهو إله البحر، والعواصف، والزلازل، والخيول.
لذا، عاقبتها بتحويلها إلى شكل بشع، كما عوضت خصلات شعرها الجميل بالثعابين، وكلما نظر شخص إلى عينها تحول إلى حجر.
واستخدمت ”ميدوساط قدرتها هذه ضد كل مَن حاول قتلها، فلم يفلح في ذلك إلا البطل اليوناني بيرسيوس، بعدما تجنب النظر لعينيها وتابع تحركاتها من خلال صورتها المنعكسة على الدرع، ثم قطع رأسها بحسب الأسطورة.
6- ذات الفم الممزق، اليابان
هذه الحكاية مأخوذة من الموروث الشعبي الياباني، الذي يتحدث عن ”كوشيساكي أونا“ وينعتها بـ ”ذات الفم الممزق“.
وكانت هذه السيدة زوجة أو محظية أحد مقاتلي الساموراي قبل مئات السنين، وجميلة لكنها مغرورة وتخون زوجها، فانتقم منها الزوج الغيور بقتلها، وشق فمها من الأذن إلى الأذن بسيفه، ثم قال: ”مَن سيراك جميلة بعد الآن“.
الشرطة الإسرائيلية تقتل فلسطينية بزعم محاولتها طعن ضباط في القدس
هل تنجح الوساطة الأممية في رأب صدع الشركاء في السودان؟
بقيت روحها الشريرة هائمة على الأرض، وتعترض طريق الرجال في الأماكن الخالية، خاصة خلال الليالي التي ينتشر فيها الضباب، واضعة على فمها كمامة طبية تشبه هذه التي انتشرت في العالم بعد وباء كوفيد.
وتسأل ضحيتها: ”هل أنا جميلة؟“، وأيًا كان الجواب تنهي حياته بطعنه بواسطة مقص، بحسب ما هو متداول.