11-10-2021 10:29 AM
بقلم :
سرايا - بعد تقيم لاداء حكومته للمرحلة السابقة واستشرافه المستقبلي في محاولات "الفرصة الأخيرة" لايجاد معالجات حقيقية للوضع القائم في ضوء التحديات الحاصلة للخروج من دوامة التجاذبات المختلفة ، تتجه افكار دولة الدكتور بشر الخصاونة وعقب اجراء التعديل الوزاري المرتقب هذا اليوم الى اختيار الشخصيات بوزن التحديات و معالجة ما خلفته تبعات الجائحة العالمية ، اضافة الى مجمل القضايا التي تتطلبها المرحلة القادمة ، فيما تتباين الآراء والانطباعات ان دولته يسعى جاهداً وبكل طاقته لانقاذ الاحوال الاقتصادية والاجتماعية من حالة الانكماش ، خاصة بعد الخروج من الأزمات المتلاحقة التي خلفتها جائحة كورونا وصولا إلى مرحلة التعافي ، في ظل الخلط بين المواضيع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، اضافة لضرورة إجراء جراحات حقيقية للجسم الحكومي في محاولات لإيجاد تناغم في تكوين تشكيلة مجلس الوزراء عبر اختيار فريق اقتصادي كفؤ ، والتركيز على تحسين بنية الإدارة العامة التي تعرضت لاختبار صعب ، اضافة لتشريح الملف الصحي واستعادة الثقة بمنظومتنا الصحية ، عقب ما أصابها من ضعف في بنيتها الادائية خلال الأشهر القليلة الماضية .
ويبقى الشارع الاردني بحالة ترقب لاختيار دولة الرئيس بعد التعديل الرابع ، خاصة بعد تسلم مخرجات اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية وتوضيح خريطة الطريق للمرحلة المقبلة ، ما يتطلب تشكيل طاقم وزاري قد يطال العديد من المواقع الوزارية ، فالوضع لا يحتمل تغيير بعض الوزارء وتبديلهم بوجوه "نامقة" ، فالتحديات القادمة ، قد تتطلب تغييراً في النهج والسياسات وأسلوب الاداء ، فكمّ الملفات العالقة تحتاج إلى الحنكة والخبرة المشفوعة بالنزاهة والعمل الجاد لكل من يمد يده لمساعدة الوطن ، فالمراد انتقاء أفضل المختصين من "اصحاب الذوات" في مجالاتهم العلمية والمهنية ، وممن تتوافر لديهم شمولية الرؤية ومهارة اتخاذ القرار الصائب في وقته وزمانه ، ما يقتضي ان يكون الاختيار بعيار يوزن بميزان العمل الجاد ليتعالى الجميع عن كل المصالح ويحلقون مع المصلحة الوطنية العليا دون سواها .
اننا نعي تماماً ان حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة مرت بتحديات احتاجت الى تحولات جديدة ، لكنها اليوم ستكون أمام محك صعب وأمام مسؤولية وطنية كبيرة ، فالمطلوب تقديم برامج تحمل في مضمونها وعوداً بإنجازات حقيقية على مستوى الوطن وعلى مستوى كل وزارة ، ولن نطالبها ضمن هذه الظروف بجردة حساب لأية مرحلة سابقة ، بل يتطلب الأمر بيان محاسبة تقيمية مستمرة تعكس الحالة العامة ، وما إذا كانت "نقلة إلى الأمام" قد تحققت أو وقفة في المكان أو رجعة إلى الخلف ، كما وليس المطلوب حاليا من التشكيلة القادمة أن تخبرنا أنها ستحقق نمواً معيناً في أي مجال كان ، بل ومن المتوقع ان تعيد تقديم برامج واضحة تتناول من خلالها معالجة جذرية لمختلف التحديات البنيوية والاقتصادية اوالمجتمعية تبنى عليه استراتيجيات ووسائل تعكس عقلاً كلياً لحكومة خارج الأطر التقليدية ، من منطلق وضع سياسات وبرامج تعي مشكلات الوطن والمواطنين وتطلعاتهم وامالهم ، واخراجهم من ضنك عيشهم بعد الانعكاسات الخطيرة التي تسببت بها الجائحة ، اضافة الى الأخذ بأمن الاردن القومي في الاعتبار وفق إستراتيجية شاملة للإصلاح ، تمكّنا من المحافظة على مجتمع عصري قوي بديمقراطيته واقتصاده وتماسكه ، وبما تقدمه من خدمات متطورة في مختلف المجالات المستدامة التي ما زال يحتاجها المواطن في حياته اليومية ، لذلك فالتشكيلة القادمة المنتظرة بحاجة إلى الوقوف بجدية أمام كل المبادرات الطيبه وتحويلها إلى واقع عملي والتركيز على إعادة تعريف دور الدولة وتشجيع القطاع الخاص بهدف تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات التي تساعد على تجاوز الوضع الاقتصادي ومستوى دخل المواطن الاردني.
إننا وحين نعود للحديث عن مجمل التحديات التي تواجهها حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة ، فاننا لا بد ان نتحدث عن المزيد من تطوير البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار ، واعادة جذب ثقة المستثمرين بالعمل على الارض الاردنية وتعزيز العلاقات الدوليه مع مختلف الدول المانحة ، وكذلك فان على الحكومة أن تبني كل مرحلة من مراحلها على ما تحقق من المراحل السابقة وتجاوز السلبيات التي رافقت تلك المراحل ، والعمل على تطوير سياساتها وبرامجها وفق مقتضيات كل مرحلة ، في إطار رؤية إستراتيجية بعيدة المدى لبناء مجتمع أردني قادر على حشد كافة الطاقات وقادر على تجاوز الصعاب والمنافسة الجادة في زمن العولمة.
وأخيرا فانني ارى ضرورة الحفاظ على التحول الديمقراطي الذي اتخذناه هدفاً وغاية مع ضرورة معالجة التجاذبات التي حصلت خلال الفترة الماضية ، بعقل الدولة الديمقراطية الحرة ، وكما ارادها سيد البلاد ، فالديمقراطية الذي تعايشنا معها باستمرار ستحافظ على الأردن نموذجاً مهماً يضيف إلى دوره الإقليمي الهام مزيدا من الرياده ، ما يتطلب خلق توازن داخلي وانتماء وطني من شأنه التصدي المجتمعي لكل الدعوات السامة التي من شأنها المساس بأمن الأردن واستقراره لا قدر الله .
والله ولي التوفيق
مع تحياتي