14-10-2021 10:29 AM
سرايا - سيذهب أعضاء مجلس النواب في بداية الدورة العادية لمجلس الأمة التاسع عشر التي ستعقد في الخامس عشر من الشهر المقبل تشرين أول، لاختيار رئيس جديد لهم، إضافة إلى انتخاب اعضاء مكتبهم ولجانهم الدائمة، في ما يمكن وصفه بـ "الحرب الباردة".
وتختلف انتخابات هذه الدورة عن انتخابات الدورة غير العادية الماضية، بعد أن عرف النواب العمل البرلماني واعتادوا عليه، وعرفوا مداخله ومخارجه، وتكتل جلهم ضمن كتل نيابية، وعرفوا قدرات زملائهم، الأمر الذي يمكن أن يساهم في تجويد انتخاب أعضاء اللجان الدائمة.
وتبدو انتخابات الدورة المقبلة فيما يتعلق برئيس المجلس مختلفة، إذ سينتخب النواب رئيسا جديدا لهم مدة عامين، ويمكن ان يتقلص ذلك لمدة عام واحد فقط، وذلك في حال وافق النواب على مقترح تعديل النص الدستوري الذي أوصت به اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، حيث أوصت بأن تكون مدة الرئاسة عاما واحدا فقط، وفي حال تم تأييد هذا النص في الدورة المقبلة فإن ذلك يعني ان الرئيس المقبل ستتقلص مدة رئاسته من عامين إلى عام واحد فقط.
وأوصت اللجنة الملكية بتعديل المادة (69) من الدستور التي تنص حاليا على: “ينتخب مجلس النواب في بدء الدورة العادية رئيسا له لمدة سنتين شمسيتين، ويجوز إعادة انتخابه، لتصبح سنة بدلا من سنتين”، فيما أقرت اللجنة مقترحا يسمح بإقالة رئيس مجلس النواب من منصبه إذا صوت ثلثا المجلس على ذلك.
أما الأسماء التي يتردد انها تسعى للوصول الى رئاسة "سلطة العبدلي" حيث موقع مجلس النواب، فتبلغ 6 اسماء، هم الرئيس الحالي للمجلس عبد المنعم العودات، والرئيس الأسبق عبد الكريم الدغمي، والنائب الأول الحالي أحمد الصفدي، والنائب الأول الأسبق نصار القيسي، إضافة إلى النائبين أيمن المجالي و مجحم الصقور، مع إمكانية بروز أسماء جديدة و غياب أخرى.
ويسابق النواب الستة الزمن، عبر تكثيف اتصالاتهم مع زملائهم، ويعقدون معهم جلسات حوارية، أغلبها خارج إطار المجلس، فيما يطمح كل منهم إلى حشد أكبر عدد من المؤيدين لهم، لضمان الوصول إلى كرسي الرئاسة، ولذلك فان الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من الاتصالات وعقد صفقات بين الكتل المختلفة لتوسيع إطار المناورة.
ومن المنتظر أن تؤثر انتخابات باقي أعضاء المكتب الدائم على انتخابات الرئاسة من حيث عقد الصفقات، حيث ستعقد تحالفات بين كتل تسعى لإيصال أحد أعضائها إلى موقع النائب الأول، فيما يقوم بعضها بعقد صفقة مع أحد الطامحين للرئاسة لضمان تصويت متبادل لكل منهما، و هذا ينطبق أيضاً على باقي مواقع المكتب الدائم الذي يتشكل من الرئيس و النائبين الأول و الثاني و المُساعدين.
عموما، ما زال الوقت مبكرا لمعرفة ميول النواب من حيث انتخابات الرئيس، لكن الأيام المقبلة كفيلة بقلب الموازين وتقديم أسماء وتغييب أخرى، وربما نشهد قبيل فتح باب الترشح خلال افتتاح الدورة العادية المقبلة، ظهور اثنين أو ثلاث مرشحين فقط، وعزوف الأسماء الباقية عن ذلك، ولربما يبرز اسم جديد معلناً ترشحه.
وفيما يتصل بباقي مواقع المكتب الدائم، فما زال الحراك بشأنهما بطيئا جدا، رغم وجود تحركات خجولة لبعض النواب الذي يطمحون للفوز في أحد مواقع المكتب الدائم، ويتوقع ان يرتفع منسوب التحركات الفردية والكتلوية كلما اقترب النواب من موعد افتتاح الدورة.
في المحصلة، من المرجح أن تكون الدورة المقبلة حامية الوطيس، في ظل وجود تعديلات دستورية يمكن إدراجها على جدول الأعمال، وهي تعديلات تتعلق في المقام الرئيس بالشأن النيابي، فاللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية اقترحت تعديلا يسمح للحكومة بالبقاء بعد حل مجلس النواب إذا تبقى على موعد الانتخاب أقل من 4 أشهر، وذلك خلافا لنص الفقرة الثانية من المادة (74) من الدستور التي تقول: “الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها”.
كما أوصت اللجنة الملكية بتعديل الفقرة الأولى من المادة (86) التي تنص على: “لا يوقف أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو لمحاكمته أو ما لم يُقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب إعلام المجلس بذلك فوراً”، لتصبح حصانة النائب مرتبطة بالتوقيف وليس بالمحاكمة."
وأوصت اللجنة بتعديل المادة (92) التي تنص على: “إذا رفض أحد المجلسين مشروع أي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلا أو غير معدل يجتمع المجلسان (الأعيان والنواب) في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الأعيان لبحث المواد المختلف فيها، ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين، وعندما يرفض المشروع بالصورة المبينة آنفاً لا يقدم مرة ثانية إلى المجلس في الدورة نفسها”.
ويشير تعديل المادة (92) إلى تشكيل لجنة اختيارية مشتركة بين المجلسين قبل الذهاب لجلسة مشتركة لمعالجة النقاط الفنية ومحاولة الاتفاق عليها، وإذا لم يُتفق عليها يذهب المجلسان لعقد جلسة مشتركة.
في المجمل، فإن الحراك باتجاه الفوز بموقع رئيس مجلس النواب بدأ، لكنه سيتعمق ويشتد في الأيام المقبلة كلما اقترب موعد انطلاق الدورة العادية لمجلس الأمة التاسع عشر، وسيكون على الطامحين مراقبة المشهد لتحديد توجهاتهم المستقبلية.
"الغد"