بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
الخدمة الوطنية البريطانية دعت قبل أسابيع 140 الف مواطن للمشاركة في دراسة علمية يتم فيها اخذ عينة دم وفحصها للكشف عن احتمالية وجود سرطانات في جسم الانسان ، حيث يسمح هذا الفحص والذي يدعى (Galleri) بالتعرف على اكثر من 50 نوع من السرطانات المئة والتي يمكن ان تصيب جسم الانسان . ويعود الفحص لشركة أمريكية تدعى جريل (Grail) استثمر فيها بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت وجيف بيزوس مؤسس موقع أمازون ما يقارب 100 مليون دولار.

يتلخص هذا الفحص بالتعرف على جزيئات للحامض النووي DNA في الدم والتي تتركها الخلايا السرطانية عند تلف بعض خلايا السرطان وهنا يتم التركيز على الأورام التي لا يوجد لها طرق للتعرف عليها عبر الفحص المبكر مثل سرطان الرئة وسرطانات الدماغ ، فبعض السرطانات مثل سرطان الثدي او القولون او عنق الرحم او البروستاتا يتم اكتشافها عبر فحوصات مبكرة تساعد في التعرف المبكر عليها .

وبهذا الفحص الاستباقي سيتمكن الأطباء من اغتنام فرص الاكتشاف المبكر للسرطان كون الغالبية العظمى من انواع السرطانات لا تظهر لها اية اعراض حتى في مراحل متأخرة وحينها قد تكون سبل العلاج محدودة وبلا جدوى ، فسرعة التعرف على السرطان في مراحله الأولى تعد عاملاً حاسماً في تحسين نتائج العلاج وجعله أسهل وبالتالي تصبح إمكانية الشفاء افضل بكثير بل ويقلل من نسبة الوفيات بالسرطان والذي يعتبر ثاني سبب للوفاة بعد امراض القلب والشرايين.

ان اكتشاف هذا الفحص حدث بمحض الصدفة وعبر العالم السنغافوري دينيس لو والذي اكتشف أوجه تقارب بين نمو الجنين والسرطان حيث ان هذا العالم قام باكتشاف اول جزيئات DNA للأطفال المصابين بمتلازمة داون في دم امهاتهم اثناء الحمل مما دفعه الى توسيع حلقة البحث والوصول الى نظرية تطوير فحص جاليري والذي يستطيع الآن التعرف على 20% من السرطانات في المراحل المبكرة وعلى 75% منها في مرحل اكثر تطوراً ، ورغم ان هذه الأرقام غير مفرحة جداً لكنها في الفترة الحالية تساعد كثيراً على اكتشاف اورام لم يكن من الممكن التعرف عليها ، إضافةً الى إمكانية تطوير هذا الفحص في المستقبل ليصبح اكثر دقة وإمكانية الخطأ في هذا الفحص تقل عن 1% مما سيستدعي اجراء فحوصات غير لازمة لبعض الناس وربما ادخال الخوف الى قلوبهم ولكن هذه النسبة ضئيلة جداً اذا ما قورنت مع فوائد هذا الفحص ، والذي اصبح متوفر الآن في أسواق أمريكا وبسعر 948 دولار .

لقد أدى هذا الاكتشاف الى دفع شركات أخرى للبحث عن فحوصات مشابهة تعمل على نفس المبدأ للكشف عن السرطانات في مراحل مبكرة مثل شركة Wisconsin وشركة Exact Sciences الأمريكيتين.