31-10-2021 11:04 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
تضمنت التوصيات النهائية للجنة التعديلات الدستورية مقترحين اثنين سيبدأ تطبيق أحكامهما بدءً من المجالس النيابية القادمة، وتحديدا مقترح تعديل المادة (76/2) من الدستور الذي ينص بالقول "يتقاضى أعضاء مجلسي الأعيان والنواب مخصصات العضوية التي يحددها القانون، وإذا جرى تعديل المخصصات لا ينفذ التعديل إلا بدء من مجلس الأعيان أو مجلس النواب التالي للمجلس الذي أقر التعديل". كما تنص المادة (84/3) المقترحة من الدستور بالقول "تصدر قرارات كل من المجلسين بموافقة ثلثي أصوات الأعضاء الحاضرين إذا كان القرار متعلق بالقوانين الناظمة للانتخاب والأحزاب السياسية والقضاء والهيئة المستقلة وديوان المحاسبة، والنزاهة ومكافحة الفساد، وتطبق هذه الفقرة اعتبارا من مجلس الأمة التالي للمجلس الذي يقر إضافتها".
وقد اعترض البعض على هذا النهج التشريعي في تعديل الدساتير بحجة أنه لا يجوز المجلس الحالي أن يفرض قيودا تشريعية على المجالس النيابية القادمة. وهذا القول غير سليم، فقد سبق لمجالس نيابية سابقة أن أقرت نصوصا دستورية قيدت من صلاحيات المجالس النيابية المتعاقبة في تعديل الدستور. فعندما صدر الدستور الحالي في عام 1952 وجرى إقراره من مجلس النواب الثالث، تضمن بين نصوصه قيدا زمنيا وموضوعيا على باقي المجالس النيابية المتلاحقة وذلك فيما يخص الأحكام الدستورية التي لا يجوز تعديلها، حيث تنص المادة (126/2) من الدستور بالقول "ﻻ يجوز إدخال أي تعديل على الدستور مدة قيام الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته".
كما أقر مجلس النواب السادس عشر التعديلات الدستورية لعام 2011 التي فرضت حكما مستقبليا على المجالس النيابية التالية لها، إذ تمت الموافقة على المادة (122) من الدستور التي تنص على إنشاء المجلس العالي لتفسير الدستور، والتي تقضي الفقرة (3) منها بأن تُعتبر هذه المادة ملغاة حكما حال وضع قانون المحكمة الدستورية موضع التنفيذ. فمجلس النواب في ذلك الوقت قد أقر نصا دستوريا فرض التزاما على المجالس المتعاقبة بأن هذا النص الدستوري سيصبح لاغيا عند نفاذ قانون المحكمة الدستورية. فهو بالتالي قد وضع نصا دستوريا فرض قيدا على المجالس النيابية التي ستأتي بعده.
وعلى صعيد الدساتير المقارنة، فقد تضمن الدستور البلجيكي لعام 1832 وتعديلاته العديد من الأحكام الخاصة بقوانين الانتخاب وإجراء الانتخابات، والتي جرى تعليق نفاذها على وقائع مستقبلية تمثلت بإجراء انتخابات الاتحاد الأوروبي لأول مرة. فالمادة (8) من الدستور البلجيكي تنص بالقول "يمكن للقانون، وفقا ﻻﻟﺘﺰاﻣﺎﺕ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ اﻟﺪوﻟﻴﺔ، أن يقر حق التصويت للمواطنين من الإتحاد الأوروبي الذين ليسوا من مواطني بلجيكا بموجب قانون المقيمين في بلجيكا، ولا يمكن تمرير هذا القانون قبل 1 كانون الثاني 2001".
أما الدستور اللبناني، فقد نصت المادة (30) منه بالقول "للنواب وحدهم الحق بالفصل في صحة نيابتهم ولا يجوز إبطال انتخاب نائب ما إلا بغالبية الثلثين من مجموع الأعضاء، وتلغى هذه المادة حكماً فور إنشاء المجلس الدستوري ووضع القانون المتعلق به موضع التنفيذ". فهذا النص عندما جرى إقراره قد تضمن قيدا مستقبليا على المجالس النيابية المتلاحقة باعتبار هذا النص ملغيا عند إنشاء المجلس الدستوري اللبناني.
وفيما يتعلق بالمقترح الدستوري الذي يقضي بعدم اعتبار أي تعديل على مخصصات العضوية نافذا إلا بدء من مجلس الأعيان أو مجلس النواب التالي للمجلس الذي أقر التعديل، فإن هذا النهج في صياغة النصوص الدستورية المتعلقة بمكافآت أعضاء المجالس التشريعية قد تبنته العديد من الدساتير المقارنة. فالمادة (119) من الدستور الكويتي تنص بالقول "تعين بقانون مكافآت رئيس مجلس الأمة ونائبه وأعضائه، وفي حالة تعديل هذه المكافآت لا ينفذ هذا التعديل إلا في الفصل التشريعي التالي"، كما تنص المادة (105) من الدستور المصري بالقول "يتقاضى العضو مكافأة يحددها القانون، وإذا جرى تعديل المكافأة، لا ينفذ التعديل إلا بدءً من الفصل التشريعي التالي للفصل الذي تقرر فيه".
* مقرر لجنة التعديلات الدستورية الملكية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
31-10-2021 11:04 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |