01-11-2021 09:08 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
عدة دلالات تحملها زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة، إلى لندن، لربما أبرزها، بأنها تصادفت هذا العام مع الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية الأردنية البريطانية.
وهي زيارة، تجيء في وقتٍ تستضيف فيه المملكة المتحدة مؤتمر قمة المناخ في غلاسكو بأسكتلندا، وبعد جولة أوروبية شملت النمسا وبولندا وألمانيا، ولقاءات ملكية، حملت عناوين تعزيز العلاقات الأردنية وسعت إلى إعادة الزخم لعناوين القضية الفلسطينية.
الزيارة الملكية إلى بريطانيا، اللافت فيها كثافة اللقاءات الدبلوماسية، إذّ شملت اجتماعات لجلالة الملك مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس مجلس العموم البريطاني، بالإضافة إلى رؤساء وأعضاء لجانٍ بالبرلمان البريطاني، بالإضافة إلى شخصيات عديدة في المملكة المتحدة.
إنّ الدبلوماسية الملكية الأردنية، يميزها بأنها على الدوام تتحرك أفقياً وعمودياً، في عواصم القرار العالمي، إذّ يحرص جلالة الملك دوماً على تعزيز اللقاءات بممثلي البرلمانات والساسة من صُناع القرار، ولا تقتصر على لقاءات قادة الحكومات والرؤساء، وهذا الملمح في التحرك الدبلوماسي الملكي، يعبر عن حضورٍ أردنيٍ يسعى إلى الاستفادة من زخم النقاشات البرلمانية التي تعتبر هي الخطوة الأولى في صناعة القرار في الدول الغربية، وأهمية هذه اللقاءات بالبرلمانيين في أنها تقدم وجهة النظر الأخرى، وما تحمله من مواقف، تشرح وجهة النظر الأردنية والعربية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المحورية بالمنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
هذه الدبلوماسية الملكية، على الدوام ما يكون لها صدىً واسعاً في التعبير عن الأردن، ومحورية دوره في المنطقة، وهذا ما يمكن قراءته في تصريحات البرلمانيين البريطانيين، بعد لقائهم بجلالة الملك عبدالله الثاني، كما أنّ هذه التصريحات تعبر عن فهمٍ لدور الأردن في المنطقة، كصوتٍ عربيٍ يدعو للاعتدال وإلى تغليب مصلحة المنطقة وقضايا إنسانها على الخلافات، بما يضع هذا البعد على طاولة صنع القرار، في دولة مهمة كبريطانيا.
ويمكن قراءة أبعاد وأهمية فهم الدور الأردني، في تصريحات عدة، بينها ما ذكره رئيس مجموعة الأردن في البرلمان البريطاني وعضو مجلس العموم ديفيد جونز، بقوله إن "المملكة المتحدة تدرك أهمية الأردن المحورية في الشرق الأوسط، كلاعب رئيس في المنطقة يمكن الاعتماد عليه ليقود الحوار" بالإضافة إلى تأكيده على أنّ الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تعد عاملاً لتثبيت الاستقرار، وتحمل قدراً كبيراً من الأهمية، خصوصاً وأن الإسرائيليين يسعون لتوسيع المستوطنات حول القدس.
أما عضوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني أليشيا كيرنز، فقد وصفت جلالة الملك بـ "الرجل الدبلوماسي الأبرز في العالم"، وهو الرجل الذي يستطيع أن يقرب بلداناً وأطرافاً يعتقد الآخرون عدم إمكانية تقاربهم ..هو صانع السلام ويعمل لتحقيق السلام في عالمنا، ونحن ممتنون لقيادته ولجهوده الدبلوماسية في العالم".
إنّ الزيارة الملكية إلى بريطانيا، تعبر عن وجه الدبلوماسية الملكية، وسعيها إلى تسخير هذه الجهود لخدمة الأردن والقضايا العربية، خاصة وبأنّ الأردن، يمتلك رصيداً دبلوماسياً كبيراً لدى، معززاً بتقديرٍ وسمعة عالميةٍ واسعة.
وعلى مستوى العلاقات الأردنية البريطانية، فإنها في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني تعززت، وهذا ما تعبر عنه محطات هامة بينها الإعلان عن الحوار الاقتصادي بين الأردن والمملكة المتحدة، وجاء الإعلان عن هذا الحوار على إثر لقاء بين جلالة الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء البريطاني في عام 2011.
كما استضافت المملكة المتحدة مؤتمر المانحين السوريين في عام 2016م، كما قدمت الحكومة البريطانية المساعدة للأردن (بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي) لمراجعة قواعد أصول المنتجات المصنَّعة في الأردن لأسواق الاتحاد الأوروبي، علاوة على إرثٍ العلاقات الممتدة لأكثر من مئةٍ عامٍ بين الأردن وبريطانيا، فالبلدان تجاوزا إرث الاستعمار وحقبته ليؤسسا أنموذجاً من علاقات تعاون، شواهدها الدبلوماسية لا زالت راسخة.