حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16105

"قراءة و مطالعة قانونية دستورية لمشروع التعديل على "حبس المدين من عدمه"

"قراءة و مطالعة قانونية دستورية لمشروع التعديل على "حبس المدين من عدمه"

"قراءة و مطالعة قانونية دستورية لمشروع التعديل على "حبس المدين من عدمه"

04-11-2021 12:58 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - كتب الخبير القانوني رايق عياد المجالي مقالاً خص به "سرايا" تحدث به عن جزئيات "قانونية" دستورية لمشرع التعديل على "حبس المدين من عدمه" و تالياً المقال كاملاً و الذي يحمل عنوان" قراءة ومطالعة قانونية دستورية لمشروع التعديل على "حبس المدين من عدمه":


في القانون الأردني أجاز قانون التنفيذ الأردني حبس المدين الممتنع عن تنفيذ سند تنفيذي، وحبس المدين لا يعد عقوبة بل هو يعد وسيلة ضغط لضمان تنفيذ الإلتزام فهو يسمى (حبسا تهديديا ) ، حيث نصت المادة (22/أ) من قانون التنفيذ على:


"يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدة الاخطار على ان لا تقل الدفعة الأولى بموجب التسوية عن (25%) من المبلغ المحكوم به ..."، فيجوز للدائن أن يطلب حبس المدين عند عدم تسديده الدين أو عند عدم عرض تسوية تتناسب مع مقدرته المالية خلال مدة الاخطار التنفيذي والبالغة خمسة عشر يوم تلي يوم التبليغ، فاذا ثبت لرئيس التنفيذ بعد التحقيق مع المدين مقدرته على الوفاء، فأن لرئيس التنفيذ أن يصدر القرار بحبس المدين بذلك الدين مدة لا تتجاوز تسعين يوماً في السنة الواحدة عن دين واحد.


وفي قراءة قانونية لما ورد في قانون التنفيذ الأردني النافذ وحسب منطوق النص المبين أعلاه فإننا نقرأه ونشرحه إستنادا للعلم القانوني وما إستقر عليه الفقه والقضاء المدني في تعريف المركز القانوني والذي يعرف بأنه " مجموع الحقوق والالتزامات التي يتمتع اويتحملها صاحب المركز القانوني " وحيث أن " المراكز القانونية نوعان المراكز التنظيمية او الموضوعية والمراكز الشخصية " ووفقا لهذا التعريف والتقسيم فالمراكز القانونية الشخصية هي التي يتحدد مضمونها بصورة فردية تستند إلى الإرادة الفردية للشخص بترتيب إلتزام تعاقدي على نفسه من خلال عقد الإتفاقيات والتوقيع عليها " العقد شريعة المتعاقدين " أو التوقيع على سندات الدين بأنواعها وهذه مراكز قانونية تنشأ بإرادة الشخص ولا تحددها قوانين وأنظمة وبالتالي لا يجوز أن تتأثر المراكز الشخصية بتعديل القوانين والأنظمة وإلغائها فهي غير قابلة لممساس بها على خلاف المراكز القانونية النظامية أو التنظيمية التي تحدد بقوانين وأنظمة عامة ومثالها المركز القانوني للموظف العام .


وللتوضيح أكثر ففي موضوع قانون التنفيذ فهناك مركزان قانونيان شخصيان متعارف عليهما 1-(كائن ) 2- ( مدين ) والمركز القانوني (للدائن) بالمطلق مضمونه واحد وإن إختلف بين الأشخاص من حيث القيمة ومصدر الحق وهو كذلك بالنسبة( للمدين ) فالمضمون واحد وإن إختلف بين الأشخاص من حيث القيمة ومصدر الإلتزام .


وهذا يوصلنا وفق العلم القانوني للقول بأن قانون التنفيذ كقانون ينظم العلاقات بين المراكز القانونية للأفراد يجب أن يتعامل مع المراكز القانونية كما هي في مضامينها حسب الموضح سابقا لحمايتها مجتمعة دون تمييز بينها كمراكز متقابلة وكذلك بعدم التمييز في المضمون الواحد وفقا لأي معيار آخر مثل (القيمة أو مصدر الحق أو الإلتزام ) أو (طبيعة صاحب الحق أو من عليه إلتزام ) ومبدأ الموازنة بين الحقوق يكون بتنظيم حمايتها معا لا بترتيبها وفق أولويات لبعضها على بعض .


وهذا بالقطع والجزم القانون الذي له صفة العمومية والتجريد والذي يجب أن يتساوى أمامه الأفراد عندما يكون موضوعه حماية المراكز القانونية التي نشأت بإرادة الأفراد (كمراكز قانونية شخصية ) وهو القانون الذي نصت عليه الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور الأردني :

"1 .الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين."

وعليه :

فإن النص الوارد في مشروع تعديل قانون التنفيذ الأردني والذي منع حبس المدين للمدين الذي يقل دينه عن (5000 دينار أردني ) وأجازه بحق من بلغ دينه فوق (5000) قد جاء متصادما مع نص الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور الأردني ومخالفا لها ومتعارضا مع الألفاظ والمباني والمقاصد والمعاني القانونية للتمييز بين مضمون المركز القانوني الواحد (للدائن ) على أساس قيمة الحق وسقف المبلغ وهذا معيار فاسد بشكل فاحش ومساس بالمركز القانوني وتقسيمه إلى فئات فهو (هذا المعيار ) فوق ما فيه من مغالطات قانونية هو أيضا لم ينصف فئات من الدائنين ورتب لبعضهم أولوية في الحماية على البعض الآخر وهذه مخالفة صارخة لجميع القواعد العامة والخاصة وكذلك لمنطق ومفهوم الموازنة وكذلك فعل هذا (النص المشوه) لا (المعدل ) مع (المدين ) من حيث التقسيم وتصنيفهم إلى فئات وفقا لقيمة الإلتزام وكذلك مصدره ..؟؟؟!!!

وللتوضيح أكثر لغير المختصين قانونيا نوجه الأسئلة التالية :" *- هل يعتبر المدين الذي ترتب في ذمته حق ودين لدائن أقل من حد (5000 دينار أردني ) متعسرا وينظر إلى حين ميسرة بينما من بلغ إلتزامه والمستحق في ذمته لدائن (5001) دينار فهو لا يمكن أن يكون معسرا ويجب إجباره على الدفع والوفاء أو التصريح بأموال يخفيها عن الدائن .؟؟؟؟؟

*- وهل للمدين الذي شغلت ذمته بدين يقل عن (5000 دينار أردني ) أسرة يعيلها فلا يبعد عنها حبسا بينما من ذمته مشغولة ب(5001 دينار أردني ) فهو دائما (عزابي ) ومقطوع من شجرة ولا يؤثر غيابه حبسا على أحد أو على شيء في حياته كالذي يذهب موسميا في نزهة خارج البلاد ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟ " .

ومن جهة الدائن فهل من له حق في ذمة مدين يقل عن (5000 دينار أردني ) لا سبيل أمامه إلا طرق التنفيذ الأخرى الغير مانعة للحرية (كالحبس ) بينما من له حق بلغ (5001 دينار أردني ) مستحق في ذمة مدين فله أن يمسك بسيف القانون ويسلطه على رقبة المدين ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟

في الختام وحتى لا أطيل بالخوض في تفاصيل قانونية أخرى ما دام هذا النص يتصادم مع الدستور ويخالف مفهوم الموازنة من الأساس وولن أتطرق لتفنيدات أخرى - كالعهد الدولي الموقع عليه أردنيا لوجود أوجه قانونية ووجهات نظر تتباين في وجوب تطبيقه - ولكنني أوجه الرسالة (بفكرة مقترح ) يمكن أن يصلح فساد هذا النص وإنحرافه هو (( بإعتماد المعيار الصحيح الذي لا يتعارض مع مضامين المراكز القانونية (للدائن وللمدين ) وهو (معيار ثبوت الإعسار من عدمه )) وتشريعات الدولة وأجهزتها قادرة وضامنة لإقامة هذا المعيار كميزان للعدالة في حماية كافة المراكز القانونية والموازنة بين كافة الحقوق كما أن التشريعات الجزائية وأجهزة الدولة أيضا هي الكفيلة بكشف ومعاقبة من يرتكبون الجرائم بكل أنواعها الواقعة على الأشخاص والأموال وتؤدي للإضرار بهم كدائنين مثل (تهريب الأموال , النصب والإحتيال , إساءة الأمانة ) وأي جرم -عند ثبوته - يفضي إلى إهدار حقوق الغير ..؟؟؟!!!!


أرجو في النهاية أن تصل هذه القراءة والمطالعة القانونية لمشروع التعديل على قانون التنفيذ إلى (بيت التشريع الأردني بغرفتيه النواب والأعيان ) وكذلك لكل المعنيين بتحقيق العدالة بأداة سيادة القانون حقا وحقيقة لا شكلا وديكورا ..!!!


والله والوطن من وراء القصد .








طباعة
  • المشاهدات: 16105

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم