حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2704

فلسطين ومهارات القرن الحادي والعشرين

فلسطين ومهارات القرن الحادي والعشرين

فلسطين ومهارات القرن الحادي والعشرين

08-11-2021 10:31 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فادي أبوبكر
مدخل مفاهيمي
تعد مهارات القرن الحادي والعشرين من الحركات الجديدة التي ظهرت في عام 2002، بهدف دعم الطالب في الجامعة وفي الحياة الوظيفية بعد تخرجهم من خلال إتقانهم للمحتوى المعرفي والمهارت. وقد بدأت المناداة بهذه المهارات في جميع التخصصات من خلال مؤسسة الشراكة لمهارات القرن الحادي والعشرين ، التي أُنشأت من خلال شراكة بين قسم التربية بالولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة من المؤسسات التجارية منها شركة ميكروسوفت، والرابطة القومية للتربية، وتعتبر اليوم من أهم قادة تنمية وتعليم مهارات القرن الحادي والعشرين في العالم.
أما الأطر المفاهيمية المتنوعة لمهارات القرن الحادي والعشرين ، فقد تم إعدادها من قبل جهات متنوعة ومنها المختبر التربوي للإقليم الشمالي المركزي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ، والشراكة من أجل مهارات القرن الحادي والعشرين ، والجمعية الأمريكية للكليات والجامعات، وتقدّم منظور ونموذج جديد في مفهوم وأدوار ووظائف التعلم التقليدية بما يستجيب ومتطلبات العصر المعرفية والمهنية والتقنية والمعلوماتية ، حيث يقوم على أشكال جديدة من طرائق التعلم تتجاوز الصيغة التقليدية إلى صيغ تقوم على التعلّم الجماعي الذي يستند إلى المشروع والمشكلات والتصميم .
وقد لاقت مهارات القرن الحادي والعشرين ذوي الأطر المفاهيمية الأميركية استجابةً قوية فاعلة وتفاعلاً واسعاً من قبل حكومات العالم، والمنظمات الدولية والعربية والاسلامية، الحكومية منها وغير الحكومية، ما يثير تساؤلاً حول علاقتها بالقوة الناعمة الأميركية في تغيير الخارطة السياسية الدولية؟

مهارات القرن الحادي والعشرين و القوة الناعمة الأميركية
كانت التطورات التي حدثت ما بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي بدايةً لما أسماه المنظر الأميركي جوزيف ناي في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان "مقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية"بداية عصر القوة الناعمة الأميركية، في إشارة إلى آلية العولمة والتحول والتغيير من خلال قوة الجاذبية الاقتصادية والثقافية والتقنية الأميركية.
وانطلاقاً من سعي الولايات المتحدة الأميركية الدائم إلى الحفاظ على نفوذها في المنطقة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط وفي ضوء الخسائر والاخفاقات التي واجهتها وخصوصاً في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الإبن (2001-2009)، جاء التحوّل الأميركي الأكبر نحو القوة الناعمة التي أثبتت أنها لا تقل أهمية وفاعلية عن القوة الصلبة، وانتقلت إلى مرحلة جديدة من الهيمنة تدار بأدوات وأساليب جديدة بطريقة تُلائم واقع المنطقة والشعارات المطالبة بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وهي شعارات تحاول الولايات المتحدة الأميركية استثمارها وتوظيفها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية.
وقد قام ناي بتطوير المفهوم في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان "القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية"، خصوصاً بعد تدهور صورة أميركا في العالم بعد غزو أفغانستان والعراق، بحيث يقوم مفهومه على أن الولايات المتحدة يجب أن تنتقل من تصدير الخوف إلى تصدير الإلهام، وأن هناك حدوداً لما يمكن أن تحقّقه القوة الصلبة وحدها، فالترويج لمفاهيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، لا يمكن أن يتم إلا من خلال القوة الناعمة، حيث أن ممارسة النفوذ الأميركي فقط من خلال القوة الصلبة سيؤدي إلى تناقصها تدريجياً عبر الزمن
وإذا ما تناولنا مفهوم مهارات القرن الحادي والعشرين في ميزان القوة الناعمة الأميركية، فهو يقوم بالظاهر على إدماج تعليم المهارات الحياتية في التعليم والتدريب التقني والمهني، والتشديد على تلك المهارات الحياتية ذات الصلة بالمقدرة على التوظّف، وإدخال عمليات إصلاح المناهج لدعم تنمية المهارات الكلية، والقيم القائمة على حقوق الانسان والتعلّم النشط. بمعنى أنها تستهدف إصلاح المناهج التربوية تحت حجة "حقوق الإنسان" وغيرها من الشعارات، وأيضاً تحاول أميركا تسخير الثورة الرقمية لصالحها، كون مهارات العصر الرقمي تحتل حيّزاً كبيراً من مهارات القرن الحادي والعشرين.
وقد استخدمت أميركا الثورة الرقمية كإحدى وسائل القوة الناعمة لتدمير القوى السياسية لعددٍ من الدول؛ للسيطرة على شعوب العالم، وهذا ما اتضح من خلال وسائل الإعلام الأميركية التي لا تتناول أي أخبار متعلقة بقارة إفريقيا سوى الأخبار السلبية المتعلقة بالمجاعات والحروب والصراعات. كما طوّرت الولايات المتحدة بعد الثورة الرقمية من أساليبها للسيطرة على العالم، من خلال تأسيس شبكة الإنترنت وتضمينها لقيم الليبرالية والديمقراطية بالمفهوم الأمريكي، لإحداث تغيير في أنظمة الحكم في دول العالم الثالث بالطريقة التي تريدها ، دون تدخل عسكري مباشر، وهو ما يندرج تحت مفهوم حروب الجيل الرابع.
ويندرج إطلاق وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك في العام 2004، وتويتر في العام 2006، وانستغرام في العام 2010، وغيرها من الشركات الأميركية، في إطار القوة الناعمة الأميركية الجديدة للهيمنة والسيطرة على العالم عبر الإغراق المعلوماتي والإعلامي بما يضمن تحقيق أهداف أميركا الأكثر قدرة على الانترنت، والتي تتصدر عالم الفضاء الرقمي، وما الترويج الأميركي لمهارات القرن الحادي والعشرين إلا استكمالاً لهذا المفهوم والنهج، ومراكمة لأهدافه.

مهارات القرن الحادي والعشرين في السياق الفلسطيني
تفاعلت فلسطين كغيرها من دول العالم مع مهارات القرن الحادي والعشرين، حيث دعمت جهات خارجية العديد من المشاريع لصالح فلسطين في هذا المجال. وتناولت معظم الدراسات الفلسطينية الحديثة هذا الموضوع من باب ضرورة تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين في كافة مكوّنات المناهج الفلسطينية ، دون الأخذ بالخصوصية الوطنية ، والمرجعية أو الأطر المفاهيمية والتوجيهية لها بالشكل الدقيق واللازم. حيث لا يمكن دراسة وتقديم هذه المهارات دون الأخذ بالحسبان أنها جزء من أدوات القوة الناعمة الأميركية التي تهدف إلى التغلغل من جديد في الجسم الفلسطيني لإعادة تصدير نفسها بعد تراجع ملحوظ أمام قوى صاعدة كالصين وروسيا.
وبينما يتواصل التركيز فلسطينياً على مهارات القرن الحادي والعشرين، تزداد وتيرة الانتهاكات بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية، وتُواصل الولايات المتحدة الاميركية إبتزازها للفلسطينيين، بربط إعادة تمويلها للسلطة الفلسطينية، بما أسمته "إصلاح التعليم" للمناهج الدراسية الفلسطينية .



خاتمة
تُمثّل مهارات القرن الحادي والعشرين أحدث أدوات القوة الناعمة الأميركية لتثبيت سيطرتها وهيمنتها على العالم، ولمواجهة تحدي وخطر نفوذ الصين وروسيا المتصاعد، باعتبارها أكثر فعالية من القوة الصلبة. ما يعني وجوباً ضرورة رفع مستوى الحذر الفلسطيني عند تنفيذ المشاريع ذات العلاقة.
إن الاستفادة من تجارب الآخرين بمن فيهم الأعداء والمُستعمِرين أمراً محموداً بشرط أن لا يكون على حساب الهوية العامة، وفي سياق المعلومات المتعلقة بمهارات القرن الحادي والعشرين فإنها وإن كانت تساعد على فهم ما يواجهه الشباب الفلسطيني خلال الأزمات، بما فيه عند المشاركة في تنمية المجتمع، إلا أن المحاور الرئيسية لهذه المهارات يجب أن تكون منبثقة من السياق والثقافة الفلسطينية الخالصة، كونها مهارات ذات أبعاد حياتية وثقافية واجتماعية، وآلية التعاطي معها سيؤثر بشكل مباشر على البُعد الفلسطيني في هوية المُتعلّم.

فادي أبوبكر
كاتب وباحث فلسطيني
fadiabubaker@hotmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 2704
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم