22-11-2021 11:24 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
لطالما كان لنهر الأردن رمزية حاضرةً في المنطقة، وكان على صلةٍ بإرث إنسانها، ولهذا النهر العديد من الرمزيات والدلالات.
لنهر الأردن، العديد من الروافد، فمن أطراف جبل الشيخ (أو جبل حرمون) تخرج الينابيع التي تشكل روافد نهر الأردن الرئيسية وأهمها، وهو نهر الحاصباني الذي ينبع من السفح الغربي، منحدراً إلى الجنوب، لينضم إليه رافد (أو نهر صغير) وهو رافد الوزاني ويستمر هذا الرافد في جريانه حتى يلتقي مع بانياس.
وعلى مسار نهر الأردن، بحيرة الحولة، الواقعة في صفد إلى الشمال من بحيرة طبريا، وتقدر مساحتها 14 كيلو متر مربع، وحولها سهول خصبة، ويسمى موقعها بـ "تل القاضي"، ومن بينها يخرج نهر دان، وهو أحد روافد نهر الأردن الرئيسية، في منطقة أصبع الجليل.
الرافدان الرئيسان لنهر الأردن، هما الحاصباني وبانياس، الذي يجري في سهل الحولة، وكانت تغمر هذا السهل كل عام طبقة من الطمي، لذا فإنها تعتبر من أخصب المناطق في بلاد الشام، إلّا أن مزارعين يهود جففوا هذه البحيرة خلال الحرب العالمية الثانية.
إن المتتبع لمسارات وروافد نهر الأردن، يجد أن هنالك ارتباطاً تاريخياً وعقائدياً متربط به، يمكن قراءة بعض ملامحه باقتران بعض الأماكن فيه بنشاط وحياة سيدنا المسيح عليه السلام.
كما تصب في بحيرة طبريا من الغرب، مياه معدنية حارة كانت تسمى (حمامات الملك سليمان) وقد تبين في آخر أيام الانتداب بأنها وقف إسلامي، كما يوجد إشارات إلى وجود مقامٍ للسيدة سكينة بنت الحسين يجاورها قبور ومقامات لشخصيات إسلامية مشهورة، وقرب بحيرة طبريا جرت معركة حطين الشهيرة 1187م.
ونهر الأردن يخرج من بحيرة طبريا متوجهاً إلى الجنوب حيث تلتقي برافده الشرقي وهو نهر اليرموك الذي ينبع من سوريا يجتاز وادي خالد حيث جرت معركة اليرموك 636م، وعلى مكان التقائهما بني جسر المجامع، وهو اسم يُطلق على ثلاثة جسور تاريخية رومانية وعثمانية وبريطانية تقطع نهر الأردن في منطقة المجامع، جنوب الباقورة في محافظة إربد.
ويعرف النهر من هذا المكان باسم الشريعة، لأنه يهبط يهبط نازلاً نحو 18 متراً، وللشرق منه قناة الملك عبدالله التي تسير نحو الجنوب نحو 70 كيلومتراً.
إن كلمة "أردن" تعني بالآرامية الماء المتدهور، والنهركان جريانه قوياً، ما أدى أنه حفر بالعمق، ما أدى إلى صعوبة بالاستفادة من مياهه للزرعة بالنسبة لسكان الضفتين، ما ألجأ المزارعين إلى استخدام مضخات وإبداع طرق ريٍ للاستفادة من مياهه.
ومن أشهر القرى، القريبة من نهر الأردن، الباقورة وهي عند مكان التقاء سفح الجبل بالسهل، والشونة الشمالية، وغور أبي عبيدة نسبة إلى الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح، أحد قادة جيوش الفتح الإسلامي.
ومع تتبع جريان نهر الأردن نحو الجنوب، فإنه يلتقي بعدة أنهار من الشرق، أشهرها: نهر الزرقاء، ثم وادي شعيب، ويمر من من هناك تحت جسر دامية، ويستمر النهر في جريانه من الضفة الغربية إلى أن يقترب من أريحا حيث يمر من تحت جسر الملك حسين (أيام الانتداب سمي بجسر اللنبي) وكان يعتبر فاصلاً بين الضفتين.
إن هذه الملامح لنهر الأردن، جعلت منه يتعرض لأخطار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، سواء بتحويل مجراه الطبيعي نحو اتجاه جديد، أو محاولة طمس معالمه التاريخية.
ولنهر الأردن موقع مهم في نشأة الديانة المسيحية، وعبر تاريخها، وقد ذكر عديد المرات في العهدين القديم والجديد، فمعمودية السيد المسيح، هي حادثة ذكرت في الإنجيل عندما قام يوحنا المعمدان بتعميد سيدنا المسيح في نهر الأردن.
واليوم، وبفضل متابعة ملوك بني هاشم، وجهود جلالة الملك عبدالله الثاني، فإن المغطس، شهد تطوراً نوعياً وأصبح محل رعاية كأحد مواقع الحج المسيحي.
وتمثل بيعة المغطس، والتي أكد خلالها رجال الدين المسيحي وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني على المقدسات الإسلامية والمسيحية، في أواخر عام 2017م، إحدى المعالم الشاهدة على سعي ملوك بني هاشم، لصون المنطقة وهويتها.
وسوف تشهد مشاريع لتكون منطقة جذب للسياحة الدينية، ففي خطوة تاريخية، شكل اخيرا مجلس استشاري دولي لتطوير الأراضي المجاورة لموقع عماد المسيح (المغطس) عند الضفة الشرقية لنهر الأردن، في خطوة هامة لأحد أكثر الأماكن قداسة على وجه الأرض لجميع الطوائف المسيحية في العالم.