23-11-2021 12:00 PM
بقلم :
يعمل الاحتلال الصهيوني وفق خطط طويلة الأمد لكي يجد مكاناً قيادياً وسط المنطقة العربية، وبعد سلسلة حروب عسكرية، انتقل إلى مرحلة اتفاقيات التطبيع لإقرار وجوده وهو ما حدث مع عدة دول عربية، ولكن قيادات المحتل تدرك جيداً أنه سيبقى كيان منبوذ طالما لم يتقبل وجوده الإنسان الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام ولذلك فهو يقوم بجهود كبيرة من اجل الوصول إلى التطبيع مع الشعوب العربية، ولكن هيهات!
الاتفاقية الأولى التي وقعها ودفع حياته ثمناً لها الرئيس المصري أنور السادات في سبتمبر 1978 لم تخرج من إطار الورق الذي كتبت عليه، الشعب العربي المصري وقف كالسد المنيع ضد التطبيع، ولم تنجح الجهود والأموال الضخمة التي تم ضخها هنا وهناك من أجل أن يعترف بها الإنسان المصري.
ورغم التنوع الفكري في مصر فقد كان العامل المشترك بين جميع التيارات الفكرية رغم اختلافاتها العميقة هو التصدي لكل محاولات التطبيع، وقد كان الشعب المصري ولازال رائداً في نبذ وجود أي شكل من أشكال التطبيع مع المحتل الصهيوني، ولازالت قصة صورة الفنان المصري محمد رمضان مع ممثل صهيوني العام الماضي ماثلة للعيان وكم الجهد الذي عاد وبذله النجم المصري من أجل تبييض صورته أمام الرأي العام المصري والعربي بإنكاره معرفته هوية من تصور معه.
الفن هو أحد أبرز الأبواب التي حاول خبراء التطبيع الوصول للمواطن المصري من خلالها، ولكنها لم تكن البوابة الوحيدة لمحاولات التطبيع الفاشلة، فهنالك محاولات في قطاعات التعليم والثقافة والسياحة والرياضة وكذلك سوق العمل.
بالمصادفة وقبل عدة أيام نسف مجموعة شباب وشابات مصريين كل جهود التطبيع عرض الحائط وبكل بساطة وهم في رحلة سياحية في مدينة ذهب المصرية عندما تواجد مجموعة سياح من الكيان الصهيوني معهم في نفس القارب، فقط قاموا بغناء كلمات أغنية "أنا دمي فلسطيني"، إنها شواهد على أن التطبيع لن يمر شعبياً.
جهود التطبيع لا تقتصر على مصر وإن كانت مصر هي المحور الرئيسي، حيث تشهد الساحة الشعبية في الأردن التي ترتبط مع الكيان الصهيوني باتفاقية وادي عربة الموقعة عام 1994 العديد من جهود التطبيع الفاشلة التي استهدفت عدة قطاعات، اشتهرت بداية هذا العام قصة مشروع "يسلمو إيديك" والذي تم من خلاله استغلال نساء يعانين الجهل والفقر المدقع وقلة الحيلة في منطقة غور الصافي التي تقع بجوار البحر الميت وهي منطقة يعاني أهلها من ويلات الفقر، وذلك من خلال إقامة مشروع أشغال يدوية مع سيدات من الكيان الصهيوني.
هنالك العديد من المشاريع التنموية التي تقيمها جمعيات المجتمع المدني الخيرية ويتم تمويلها من قبل هيئات أجنبية مشبوهة ما تلبث أن تكشف عن وجهها الصهيوني، ولكنها تصدم بعقلية المواطن الأردني والذي رغم معاناته المادية إلا أنه ينتصر دائما لقضيته القومية ويعتبر التطبيع خيانة.
محاولة استغلال حاجة الناس المادية وظروفهم الصعبة ليست بالشيء الجديد على الكيان الصهيوني، ولكن ما استجد هو استخدام أبناء جلدتنا العربية في تحقيق أمنيات التطبيع البائسة، ولكن لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، فعمان شقيقة القاهرة بشبابها وشاباتها أعلنوها بوضوح: جميع طرق التطبيع مغلقة حتى زوال الاحتلال عن أرض فلسطين.
الجامعات الأردنية كانت مؤخراً مسرحاً لمحاولات التطبيع بعدة أشكال، والمستغرب هو لماذا اختار العدو الصهيوني قطاعاً نسبة فشل التطبيع فيه مؤكدة، وهنا تكمن علامات الاستفهام؛ قطاع التعليم في الأردن يتواجد فيه قوى طلابية مؤثره جداً ومثقفة ورافضة بالمطلق للتطبيع، هل غابت الدراسات الإستراتيجية عن الصهاينة لمعرفة ذلك؟ أم هي مجرد بالونات اختبار لقياس نسبة التغير الطلابي في قبول التطبيع مع وجود منافع مادية؟
مما لاشك فيه أن جهود التطبيع ستستمر لأن قيادات الكيان الصهيوني المحتل مدركة تماما أن استمرار وجود الكيان مرتبط ليس فقط بزيادة القوة العسكرية، بل بتقبل الشعب العربي لوجوده وهي مهمة أثبتت السنوات أنها مهمة مستحيلة، لأن الموضوع لا ينتهي بدفع أموال وغيرها من المغريات، أنه وطن وتاريخ وشهداء وأسرى وأرض وحقوق وتفاصيل يعجز الصهاينة والخونة عن فهمها ولذلك يتخذون لغاية الآن طرق محكوم عليها بالفشل لأن عقلية الشعب العربي تعتبر التطبيع خيانة والكيان الصهيوني محتل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-11-2021 12:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |