24-11-2021 01:20 PM
بقلم : حسين هزاع المجالي
اثار مفهوم الهوية الوطنية الجامعة في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية، ما أدى الى حالة من البلبلة وزعزعة اليقين في موضوع بديهي عاشه الأردنيون على مدى تاريخهم الحديث منذ تأسيس الإمارة وحتى الساعة.
ومثار العجب لدى الكثيرين وكاتب هذه السطور أحدهم من توقيت النقاشات، حيال مفهوم راسخ منذ زمن، ومصطلح مطروحٌ بأوراق الملك النقاشية.
وهنا يمكن القول بأن الانتقاد المجحف لمصطلح الهوية الجامعة والمرتبط بنتائج لجنة تحديث المنظومة السياسية؛ يعود لوجود أطراف في مجتمعنا لا تريد لمسيرة الإصلاح أن تتقدم ، بل وترغب هذه الجهات بتفصيل عملية الاصلاح على مقاسها دون الأخذ بعين الاعتبار رأي الأغلبية الساحقة.
ومناسبة هذا الحديث ترتبط بالجدل القائم حول مستقبل الحياة السياسية في بلادنا، والأجواء السلبية بل والطروحات العدمية التي تحتد بين فترة وأخرى ، لتُعرضَ المجتمع ووحدته الوطنية الى انتكاسات لا مبرر لها، بل وينحدر – وللأسف- الخطاب، والتراشق بالتصريحات الانفعالية وغير المدروسة، في العديد من الاحيان، الى المستويات الغرائزية، والتي تفتقد الى حضور العقل، وحتى الى الشعور " بالخطر الجمعي" الذي يهددنا، خاصة في ضوء استعصاء الحل العادل للقضية الفلسطينية وما يرافق ذلك من تصريحات عديدة من القادة الصهاينة الذين يطالبون بتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وما يرافق ذلك من انغلاق افاق الحل العادل لهذه القضية.
ان مفهوم الوحدة الوطنية يجب ان يكون ضمن الاطار الاشمل، وهو الهوية الوطنية الاردنية الجامعة لكل مكونات مجتمعنا، كبديل طبيعي للهويات الفرعية المفتتة للمجتمع والتي افرزت عصبيات وعنف مجتمعي وكراهية.
كما ان ترسيخ هذه الهوية الجامعة لا بد أن يتحقق من خلال ترسيخ وتعميق مفاهيم المواطنة ، والانتماء ، والعدالة ، وتكافؤ الفرص لكل ابناء المجتمع ، إضافة الى أن بناء الوعي الجمعي لشعبنا الاردني بكافة مكوناته ، وايمانه بالمصلحة المشتركة والمصير الواحد ، كفيلة بحشد الجهود نحو مرحلة جديدة ، عنوانها وحدة الهوية الوطنية الجامعة ، بديلا عن الانتماءات والهويات الفئوية والعصبيات الجهوية ، التي تمزق المجتمع وتزرع بذور الفتنة بين ابنائه ، وهو ما يراهن عليه اعداء الاردن ، خدمة لأهدافهم ومخططاتهم الخبيثة.
ان الهوية الوطنية الأردنية أصيلة بأصالة مكوناتها المجتمعية من العرق والدين والجنس والأصول، وأن كافة الهويات الفرعية تذوب في بوتقة الهوية الجامعة، والهوية الأردنية هي أصيلة وجزء من الهوية العربية التي تذوب فيها كافة الهويات القطرية.
ومن هنا فإن كل من يحمل الجنسية الاردنية يتمتع قطعاً بكافة الحقوق السياسية والمدنية المنصوص عليها في الدستور، وهم موحدون جميعا في مفهوم وممارسات الولاء والانتماء والانحياز الى المصلحة الوطنية العليا في تعاملهم مع قضايا الشأن المحلي والاقليمي والدولي.
وعندما يؤكد جلالة الملك على الهوية الاردنية الجامعة لكل الاردنيين والاردنيات .. فتلك ليست فقط كلمات بل دستور ومنهج عمل ودعوة صريحة للجميع بان يتحمل مسؤولياته لحماية الوطن ومكتسباته ومن اجل اردن دون عصبية او اقليمية.
هويتنا الأردنية جامعة لا مفرقة، وهي هوية عربية إسلامية تحتوي جميع أبناء وبنات الوطن، وهي الأساس، وثباتها يُبقي الاردن مستقر وأمن ، لرص الصفوف والوقوف خلف القيادة الهاشمية بالمحافظة على الوصاية الهاشمية الشرعية على المقدسات الاسلامية و المسيحية ، ومجابهة الأخطار المحدقة بالوطن.
يجب أن نكون أكثر وعيا وحذرا، وأن نميز في خطابنا السياسي والفكري بين مناقشة الهوية الوطنية، وعدم السماح بأخذ هذا النقاش نحو ثنائية تفتت المجتمع.
وهنا تبرز تساؤلات مهمة ، منها : كيف لا تكون الهوية جامعة وقد أكرم الله سبحانه وتعالى الأردن بقيادة هاشمية واختار جدهم لجمع الناس على المحبة والمودة والسلام ؟ كيف لا تكون هويتنا جامعة وأرضها المباركة جمعت الحضارات من الاف السنين ؟ كيف لا تكون جامعة عندما يكون أبناؤها حامين وحاملين راية العروبة ومبادئ الثورة العربية الكبرى؟..
اسئلة برسم الإجابة لكل المشككين بمواقف ومبادئ دولتنا الأردنية الراسخة..