28-11-2021 12:41 PM
سرايا - حرصًا منها على المشاركة الفاعلة في احتفالات الوطن بمئوية الدولة الأردنية (1921-2021)، أنتجت وزارة التربية والتعليم في عام المئوية فيلميْن وثائقيين: "الرايات" و"حكواتي المئوية" اللذان تناولا تاريخ الهاشميين منذ فجر الدعوة ورايات الفتح، وصولًا إلى محطات الثورة العربية الكبرى وانطلاق نهضة الأردن الحديث.
أشرف على مختلف مراحل إنتاج الفيلمين اللذيْن جرى تصويرهَما في معظم محافظات المملكة د. عبد السلام الشنّاق مدير إدارة النشاطات التربوية في الوزارة، وشارك في إخراجهما كلٌّ من باسم عوض، د. محمد شواهين وجمال جبريل، وقدّم الموسيقى لهما الموسيقي عبد الرزاق مطرية، وكتب نصوصَهما الروائي والإعلامي محمد جميل خضر والكاتب د. محمود الرجبي.
رايات المجد
عشر رايات يلقي عليها الفيلم الأول تحية المعنى، ويمرّ على تاريخها، وقيمتها، وعنفوان زمانها، ومساحات تحليقها في العُلا: راية رسول الله، الراية الأموية، الراية العباسية، الراية الفاطمية، الراية الهاشمية، راية الثورة العربية الكبرى، راية المملكة العربية السورية (1918-1920)، راية المملكة العراقية (1921-1958)، راية المملكة الأردنية الهاشمية وعلم جلالة الملك.
منح فيلم "الرايات" مساحةَ تأمّلٍ لكل رايةٍ، وقف أمام مجد سموّها منتصب القامة مرفوع الهامة، راصدًا في معانيها كلَّ علامة.
احتاج فيلم الرايات كما يؤكد القائمون عليه إلى جهد كبير لتوفير المادة الأرشيفية التي قُدمت خلال استعراض الرايات، فهو نوّع في خياراته، بين المادة الأرشيفية والتصوير الخاص بالفيلم وراياته.
طويلًا وقف الفيلم عند الراية الهاشمية، وقال نصّه حولها: "منذ عمرو بن عبد مناف (هاشم الخبز) صاحب رحلتيّ الشتاء والصيف، مرورًا بقُصَيّ بن كِلاب باني مجد هاشم القُرشية، وحتى يومنا هذا، وصولًا إلى لحظة أن سلّمها عبد الله الثاني ابن الحسين في العام 2015، للقوات المسلحة الأردنية، رمزًا وفخرا، حافظت الراية الهاشميّة على مكانتها الرفيعة، وعلى تحليقها العالي برًّا وجوًّا وبحرا".
ولراية الثورة العربية الكبرى من نصوص الفيلم نصيب: "خفّاقَةٌ يا راية الثورة العربية الكبرى بالمعالي والمعاني، حملكِ من وضعوا نصب أعينهم ردّ المظالم وتحقيق الأماني، ترفرفينَ في أرضِ الحِجاز، فيهتف باسمكِ أبطالُ الزّمانِ وأسيادُ المكانِ".
وأمّا راية الرايات: راية المملكة الأردنية الهاشمية، فقد قال الفيلم فيها أحسن ما يكون القول، وترك علمنا يرفرف على امتداد شاشة الفيلم ومرئية الوفاء فيه: "راية المملكة الأردنية الهاشمية هي راية الرايات الهاشمية جميعها".
علم جلالة الملك تجلّى بوصفِه ختامَ مسكِ الفيلم: "في القلبِ منكَ علمُنا.. في قلبِ علمِنا تاج.. هبَّ أجدادُكَ فانطوتْ تحتَ أقدامِهم فيافي البِيد.. هاج الثّرى.. هاجَ وماج".
حكايات النهضة
الجهد التصويريّ الأوضح تجلّى في فيلم "حكواتي المئوية"، والصحيح أنه كان ينبغي أن يحمل اسم "حكواتية المئوية" فالحكايات العشر التي احتواها الفيلم قدمتها طالبات فُزْنَ في مسابقة إلقاء وأداء نظمتها وزارة التربية والتعليم، من خلال مديرياتها، خصيصًا للفيلم.
تصويرٌ ميدانيٌّ قاده فريق عمل وزارة التربية والتعليم، شمل العقبة ومعان وأم قيس والقطرانة والجيزة والسلط إضافة للعاصمة عمّان.
الطالبات بأزيائهن التراثية المنقوشة بقمح الأرض وعطاء الأمهات، سردنَ على طريقة الحكواتي الحكاية منذ الرصاصة الأولى، ووصلن مع الملك المؤسس إلى العقبة ومنها إلى معان، ثم تابعنَ رحلة الألف ميل نحو عمّان مرورًا بالقطرانة والجيزة. في عمّان حيث حطّت رحال أول حروف الحلم، تحركت الكاميرا داخل تفاصيل محطة الحجاز مطلع ماركا، والمدرج الروماني، وقلعة عمّان، وألقت تحية المرحبا على قصر رغدان. وصلت متحف السلط (بيت أبو جابر) ومدرستها العتيدة العريقة، ولم تنس المؤتمر الوطني في أم قيس، الذي شهد البيعة الأولى للأمير/ الملك عبد الله الأول.
في الحكاية الأولى تقول الحكواتية: "هُنا بِحمد لله الممدوح الأسماء، المحمود الآلاء، الواسع العطاء، في ساحة عمّتنا النخلة، نزل يا سادة يا كرام الأميرُ الهاشميّ ملبيًا نداء الوطنيين الذين طلبوا العون من شريف العرب الحسين بن علي. وكان يا ما كان أن استقبل الرجال النجلَ المصطفى لنا من بين أبناء الشريف، اصطفّوا، على الجانبين هاتفين (شد الحرايب يا لشريف/ لا يرتخي مسمارها)".
عصر النهضة التي يتولى جلالة الملك عبد الله الثاني قيادة عناوينه، حظي بمساحة لافتة في الفيلم ولهذا العصر صدحت الحكواتية الطالبة التي أظهرت براعة وقوة حضور، قائلة: "قشعريرةٌ عميقةٌ تسري في عروقي يا أحبتي، كلما شاهدتُ عبر شاشاتنا الوطنية، لحظةَ وصول جلالة الملك عبد الله الثاني في السابع من شباط 1999، قبَّةَ مجلس الأمة بطلته المهيبة، ثم توقّفه فجأة، منتصبَ القامة أمام صورة والده الحسين طيب الله ثراه، مؤدّيًا التحيةَ العسكريةَ الملكيةَ النابضةَ بالحُبِّ من جِهَة، والاحترام والتراتبيّة والوفاء من جهةٍ ثانية".
وفي مسك الختام تقول الحكاية: "كالفرحِ المقيم، نشر عبد الله يا أحبتي التعليم. كالفخار التفت إلى القدس والإعمار. كمراتع الجِنان أطلق رسالة عمّان. كالميجنا صار يحرص على ما علينا وما لَنا".
د. عبد السلام الشنّاق مدير إدارة النشاطات التربوية في الوزارة والمشرف العام على إنتاج الفيلمين، أكد في تصريحات صحفية أن إنتاج الفيلمين يعكس حرص وزارة التربية والتعليم، على التفاعل البنّاء مع محيطها وتطلعات بلدها، وحرص أصحاب القرار فيها على تربية النشء الجديد الذي سيواصل البناء والنماء، "تربية وطنية منتمية إلى رسالة النبي الهاشميّ، مؤمنة بالله والحق والخير، مدركة مدى تمسك الهاشميين بالمقدسات، ومنها المقدسات الدينية في القدس الشريف".
وقال "لم نتوقّف عند "حكواتي المئوية" و"الرايات"، بل أنجزنا، إلى ذلك، فيلمًا وثائقيًا حول المنجز التربويّ والتعليميّ خلال مائة عام ماضية". الشنّاق بيّن أنهم يعملون في وزارة التربية والتعليم على النهوض بالتعليم المحاط "بقيمٍ تربويةٍ وطنيةٍ قوميةٍ سامقة".
وختم بالقول: "سنواصل صقل شخصية الطالب من النواحي النفسية والاجتماعية والثقافية والتربوية، منفتحين على مختلف أطياف مجتمعنا ومؤسساته ومحيطه الإبداعيّ من كتّاب وموسيقيين وفنانين واستوديوهات وجهات متخصصة بحقول الميديا وما إلى ذلك، مستشرفين الماضي من أجل العبور نحو المستقبل".