29-11-2021 09:58 AM
سرايا - صدرَ مؤخرا عن دار يافا العلمية للنشر، وبدعم من وزارة الثقافة الأردنية، ديوانُ شعري للشاعر والأديب الأردني حسن عطية جلنبو، بعنوان: (وشهد شاهد من أهله)، ويقع في300 صفحة، من الحجم المتوسط، وكتب مقدمته الشاعر علي الفاعوري، قال فيها :»كلّ يومٍ أراني أبحثُ في طيّاتِ صفحاتك العذبةِ عنك .. عن شاعرٍ آسِر .. عن صاحبِ غيمةٍ مُحمّلةٍ بالمطرِ المَجازيّ الكثير .. لتمطِرنا دهشةً .. وترشّنا عذوبة!، كلّ يوم، ومَعينُ إحساسِكَ الذي لا ينضبُ – ولا جعلَهُ الله ينضب- يغدقُ علينا بالزُّلالِ من القَطرِ الذي يُسكِرُ الروحَ حلالاً .. ويُطرِبُها طِلاوةً ورِقّةً».
وهذا هو الديوان الثاني للشاعر حسن عطية جلنبو، ويضم إحدى وأربعين قصيدة تراوحت بين الشعر العامودي وشعر التفعيلة، تحاكي الوجدان بشاعرية عاشق يصور المرأة الحبيبة والعشيقة والرفيقة كامرأة حقيقية تسكن الفؤاد، وكرمز للقيم الجمالية أيضا كما في قصيدة «عطر العمر» التي يعكس فيها الشاعر المشاعر التي تعتريه في غربته، التي يقرُّ فيها بأن المرأة المحبوبة في شعره تقيم معه في غربته لتغدو الشمس التي تشرق عليه كل نهار، كما يعكس مكانا في قلبه لامرأة أخرى هي الوطنويتبدى ذلك جليا في قصيدته (عمَّان) المدينة التي ولد ونشأ فيها، فيخلع عليها صفات الحبيبة والصديقة والمرأة التي تسكنه في غيابه، ويرتشف الفجر من رحيقها، فيجعلها أختا للقدس تسري كل صباح إلى الجسر لقاء أختها.
وتجلى ذلك الاندماج بين المدينتين من خلال الإهداء الذي جعله الشاعر عامًّا لوطنه الذي يتنازعه مشاعره شرقيَّا وغربيِّا (إلى وطني/ الذي ما انفكَّ يقسمني إلى شطرين:/ شرقيِّ، يعانقني إذا ضاقتْ بيَ الدنيا
فيحملني على الكتفينْ./ وغربيِّ، يؤرِّقني إذا ما جئتُ أبحث عنه/ بين الدمع والعينينْ).
وقد جاءت تسمية الديوان بـ»وشهد شاهد من أهله» نسبة إلى إحدى قصائد الديوان، حيث يتخذ فيها من شخصية يوسف عليه السلام قناعا يظهر منذ مطلع القصيدة برؤية مختلفة عن الرواية القرآنية لسورة يوسف عليه السلام، بحيث يبدأ يوسف المعاصر في القناع بمخاطبة نفسه معاتبا إياها لأنه لم يُغلِّق دون زليخة الأبواب ولم يراودها عن نفسها خلافا للرواية الأصلية للقصة التي راودت فيها زليخة النبي يوسف عن نفسه، فيوسف (الشاعر) هنا يسائل نفسه لماذا لم يراودها ولم يقُدَّ قميصها ليعرف كل الناس بقصَّتهما، يقول فيها : (زليخةُ/غلّقتْ عن يوسفَ الأبواب/ لا أنتَ/ وقد قدّت قميصّ الشوق/ من قُّبُلٍ/ فلا هانت/ وقد هنتَ /وهاءت كي تقبِّله/ وما هِئتَ/ أما شغفتك حبّا/ مثلما قلتَ؟/ وهل قالت نساءُ الحيّ / قطّع دونها كفّيه؟/ وهل قطعتْ زليخةُحين يوسفُ مرّ/ كفّيها؟/ أيوسفَ كنتَ أم أنتَ؟).
ويفتتح الشاعر ديوانه بقصدية بعنوان (وطني) يصور فيها رؤيته للوطن الذي يعيش بعيدا عنه، فيراه في غربته مخبوءا في وجع الفقراء، وخاصرة الأرض، فيجعل منه مفتتح الأمور وخاتمتها، وبداية اللغة ونهايتها، فهو «أجمل قصة عشق عرفتها الصحراء»، وهو النبض الخافق في الشريان.
وعلى صفحة الغلاف كتبت الناقدة الأردنية والخبرية التربوية الدكتورة إنعام القيسي: إنَّ النّاظر في صورة غلاف ديوان «وشهد شاهد من أهله» التي اختارها الشاعر أن تكون بُنيّة اللون، يتوسّطها فتاة تمسك بكتف رجل تحاول قدَّ القميص، لا بل الشوق «وقد قدّت قميصّ الشوق/ من قُّبُلٍ»، ويعرض عنها يُسوِّفها، إنما تشي كلها بالقناع الذي يتقنع به الشاعر في هذه العتبة والتي تتصل وترتبط بالمتن على اختلاف أغراض القصائد كلها ومضامينها وعتباتها الأولى واستهلالاتها الشعرية.
يشار إلى أن الشاعر حسن عطية جلنبو يقيم في دولة الإمارات العربية، ويعمل في مجال التحرير الإعلامي، وهو يحمل درجة الماجستير في الأدب العربي المعاصر من جامعة مؤتة عام 1998، ولديه كتاب منشور بعنوان «ملامح التراث في الشعر الفلسطيني- معين بسيو أنموذجا»، الصادر عن دار الكتاب الثقافي - الأردن 2019، وديوان شعر بعنوان «زهر حزيران»، صادر عن دار الآن، ناشرون وموزعون، الأردن، 2021.