01-12-2021 10:37 AM
بقلم : د. انور العجارمة
مسيرة الاردن في مراجعة الحسابات بدأت منذ عام 1928م الى ان تم دسترها وفق المادة 119 وتأسس ديوان للمحاسبة عام 1952م وتحصينه بأرتباطه في مجلس النواب وليتحمل مسؤولية الرقابة على ايراد ونفقات الدولة وطرق صرفها في كافة الجهات الحكومية والوحدات الحكومية اضافة لمؤسسات المجتمع المدني الخاضعة؛ ويمتلك الديوان ادوات رقابية متنوعة لمتابعة مسؤولياته تجاه السياسة المالية والنقدية والتشريعية اضافة لمسؤولياته تجاه التنمية المستدامة، كما ولدى اليوان وسائل اتصال مفتوحة منها ماهو دوري وغيرها طارئة؛ حيث مُنح رئيس ديوان المحاسبة حق تقديم تقارير خاصة لمجلس النواب يلفت فيها نظره الى ضرورة تعجيل النظر أمور يرى فيها من الخطر والأهمية.
اطلعت على تقرير ديوان المحاسبة للعام 2020م وشدني الاهتمام لمقارنة انسجام محتوى التقرير مع الشعارات المفصح عنها في موقع ديوان المحاسبة الالكتروني والذي توج بملخص لرؤوية مفادها "التميز الرقابي المهني المستدام لتعزيز المساءلة العامة" وصولٌ الى محاربة كافة أشكال الفساد المالي والإداري "وفق رسالة الديوان" وما يشمل ذلك من المشاركة في الاصلاحات التشريعية والتنظيمية وتجذير قيم النزاهة وغيرها، وكنت افترض ان اجد تقرير رقابي سنوي شامل يحلل الحسابات الختامية للحكومة والوحدات الحكومية اضافة لمركز الخزينة النقدي والدين العام متضمناً آراء الديوان وملحوظاته والمخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة على ذلك، الا انني وجدت اخراج فني جميل في شكل التقرير ومضمون يشوبه كثير من القصور خاصة وان التقرير افصح بالتحول الى النهج الوقائي المبني على المخاطر بالتوازي مع تحول الموازنة العامة للنهج الموجهة بالنتائج والتي تفترض ربط ارقام الموازنة بالخطط والأولويات الوطنية ومتابعة تقييم أداء البرامج والمشاريع وألانشطة المدرجة ضمن قانون الموازنة وفق مؤشرات أداء تحقيقاً للأهداف الوطنية الاستراتيجية، وهنا أتساءل ومثلي كثيرين عن غياب كثير الحقائق ومنها:
اولاً: اين تقرير ديوان المحاسبة من التلاعب بألارقام والتقديرات التي بنيت عليها الموازنة العامة وترتب عليها تبعات وخيّمة على على مستقبل الوضع المالي الاردني وعلى راس ذلك سؤ تقدير عجز الموازنة وتضاعفه للعام 2020 بزيادة قدرها مليار و137 مليون والسؤال اين مسؤولية من زرع وحصد.
ثانياً: اين تقرير ديوان المحاسبة من فشل المشاريع الراسمالية المدرجة في الموازنة الموجهة بالنتائج عندما يتراجع انفاق الموازنة الراسمالية نحو 415 مليون وبنسبة تصل 33.5% والسؤال اي نتائج تحققت من الأهداف الوطنية الاستراتيجية وبأي مؤشرات استخدمت لقياس اداء البرامج والمشاريع وألانشطة المدرجة ضمن قانون الموازنة.
ثالثاً: اين تقرير ديوان المحاسبة من التقدير المتكرر في ادراج مخصصات لمشاريع لم تنفذ على ارض الواقع وتكرار ذلك لسنوات متعددة دون ادنى مسألة اضافة الى الفشل في تقدير مخصصات الضمان الاجتماعي ونقصها بنحو 23 مليون ونحن على علم بأن ذلك البند يُعتبر من مسلمات بناء الموازنة السنوية.
رابعاً: اين تقرير ديوان المحاسبة من الدقة في سرد الحقائق عندما يُدرج التقرير تمكن ديوان المحاسبة في تحقيق وفر مالي بقيمة 32 دينار في ضريبة الدخل و3.6 مليون دينار في الجمارك و1 مليون في امانة عمان وبالتالي اين جهود تلك الدوائر في اجراء التسويات مع المكلفين اقفالٌ لملفاتهم.
خامساً: اين التكامل مع اجهزة الرقابة الاخرى ونحن نعلم ان هنالك جهاز رقابة داخلية في كل وزارة ومؤسسة يتبع لأعلى سلطة فيها اضافة الى وجود مراقب مالي يتبع لوزارة المالية وهو المسؤول عن اجازة اي مستند مالي؛ وفوق كل هذا وذاك يوجد مراقبة مختصة من ديوان المحاسبة وبالتالي يأتينا تقرير ديوان المحاسبة بأختلاس أحد الموظفين نحو 5 مليون دينار دون مسألة تلك الاجهزة الرقابية حول مسؤوليتها تجاه درئ المخاطر.
سادساً: اين تقرير ديوان المحاسبة من تقييم كفاءة البنية التحتية لمؤسسات الدولة ونحن نلمس ارتفاع نسب فاقد المياه ونسب تبخر المحروقات ومعدلات هدر الطاقة والتي تعادل بمجملها حاجتنا من الماء ومعاناتنا من فاتورة الكهرباء وتذمر المواطن من غلاء الوقود والسؤال اليس ذلك مال عام يهدر بشكل غير مبرر ويستحق ادراجه بتقرير ديوان المحاسبة.
سابعاً: عندما يفصح تقرير ديوان المحاسبة عن تحويل 6 مخرجات الى ديوان الرأي والتشريع لوجود تباين في وجهات النظر بين الديوان والجهة المعنية فهذا يعني قصور الشفافية وكان الأجدر بديوان المحاسبة ان يلعب دوره الإصلاحي والتشريعي والتنظيمي تعزيزاً للتحول الى النهج الوقائي المبني على المخاطر دون ترك المجال لارتجال الموظف في تقدير الاجراء ونأتي على محاسبته.
ثامناً: اين تقرير ديوان المحاسبة من عدم شمول كثير من المؤسسات و/ الشركات الناشزة عن خزينة الدولة رغم ملكيتها من الحكومة او مؤسسات رسمية واين حسابات صندوق همة وطن اليست اموال عامة وتستحق الذكر والرقابة عليها.
تاسعاً: اين تقرير ديوان المحاسبة من نزيف الطاقة وحاجة الاردن من خليط الطاقة المناسب ومراجعة عقود توريدها دون اذعان او تغول على الدولة وخزينتها.
هذا غيض من فيض؛ واملنا ان نرى تحول حقيقي في نهج مراقبة المال العام وفلسفة قياس كفاءة الاداء الحكومي وان نلمس الجرائة في مخرجات المؤسسات الرقابية وعلى رأسها ديوان المحاسبة بحيث يكون أكثر حضوراً في بحث الاسباب والمسببات وتحميل المسؤولية لمن زرع وحصد بعيداً عن التسويف والترحيل بعد أن طالنا أثار عدم المبالاة وتحملنا كلف النهج غير المسؤل لكثير من الموظفين والمسؤولين الى ان وصلنا الى مانحن عليه ومازالت العواقب تتوالى في خضم التغول على اموال الضمان الاجتماعي والتعامل الشكلي مع ترشيق الجهاز الحكومي والاستهتار في استثمار الكفاءات والتعامل مع الوظائف القيادية بشخصنــة ومحسوبية متعذرة بحجج واهية.
حمى الله الاردن ارضاً وشعباً وقياده
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
01-12-2021 10:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |