01-12-2021 05:06 PM
سرايا - برعاية رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أقام المركز الثقافي الملكي ندوة فكرية بعنوان "ذوقان الهنداوي تربويا ومعلما"، تخللها حفل توقيع كتاب "الأستاذ.. ذوقان الهنداوي" للدكتور حسين العموش، فيما أدارت الندوة وحفل التوقيع الإعلامية أسيل الخريشا، وذلك مساء أمس الثلاثاء، وتحدث في الندوة: وزيرة الثقافة هيفاء النجار، ورئيس مجلس إدارة الدستور الأستاذ محمد داودية ، والدكتور أحمد الهنداوي، والأستاذ حمدي الطباع.
وقال الفايز: "نستذكر اليوم قامة وطنية كبيرة من قامات الوطن، وشخصية أردنية تركت بصماتها في مسيرة بناء بلدنا، وإرثا كبيرا للأجيال بمختلف مجالات حياتنا، السياسية والاجتماعية والتعليمية والتربوية. عند الحديث عن الراحل الكبير الهنداوي فأننا نتحدث عن شخصية فذة، يضيق الحديث حول مناقبها الحميدة ومسيرتها الخيرة، في بناء الوطن والدفاع عنه، فالمرحوم من أبرز رجالات الأردن، الذين طبعوا بصمات انتمائهم في سجلات تاريخ الدولة الأردنية".
وأضاف الفايز: "المرحوم أبو محمد عشق الوطن، وعاش أصيل الولاء والانتماء مدافعا عن ثرى الأردن، ساعيا لخدمته في مختلف الميادين والمجالات، حمل رسالة الوطن، بكل اقتدار وإخلاص، فكان من أصحاب المواقف الثابتة، والمنتمية للوطن وللعرش الهاشمي، وترك الأثر الطيب والسيرة العطرة في كل موقع عمل به، أو تسلم قيادته.
لقد كانت مسيرته حافلة بالعطاء، تمسك خلالها بالمبادئ الوطنية والقومية، فتاريخ المرحوم حافل ومشرف، ومواقفه الوطنية والإنسانية لا تحصى، فلم يبخل على وطنه يوما، من اجل أردن مزدهر، قادر على مواجهة التحديات، يعيش فيه الجميع بحرية وسلام، وأمن وأمان.
لقد عرفت المرحوم أبا محمد، وعرفت عنه الكثير من والدي، المرحوم عاكف مثقال الفايز صديقه الصدوق، عرفت عنه، طيب الأصل والكرم والأخلاق، وصدق الانتماء ورجاحة العقل، وصواب الأفكار، والإبداع في الأفعال، والإقدام على قول الحق، عرفت رجلا نذر حياته للعمل من اجل وطنه، ومن اجل مبادئ العروبة والحق، والحرية، ما هانت عزيمته يوما، بل كان على الدوام، مدافعا عن إيمانه بانتمائه الوطني والعروبي، فكان من القلائل القابضين على جمر المبادئ والقيم النبيلة.
رحل عليه رحمة الله، لكنه ترك سيرة عطرة اعلى بها القيم الفضلى، والإيمان الحقيقي بقيم العدالة والعطاء، فعبر تاريخه السياسيِ والاجتماعي والتعليمي، تمسك بالتواضعِ والإيمان بالمبادئ الإنسانية، والقيم الحضارية والوطنية منهجا له،عاش شريفا ومات شريفا، دافع عن مبادئه وقيمه، وعن رسالته التي امن بها بكل إنسانية ورجولة، ولم يمس وطنه وأهله بسوء، كانت عينه على الوطن، فدافع عن قضاياه، كما دافع عن قضايا أمته، بنفس الروحية الوطنية، لم نعرف عنه يوما انه تراجع عن مبادئه أو تبدل، وفي فقدانه، نكون قد فقدنا زعيما وطنيا ومعلما وسياسيا، مثالا في الإخلاص والوفاء للوطن .
وهنا فأنني أشكر الدكتور حسين العموش، على هذا الكتاب الفريد والمتميز، الذي يسلط فيه الضوء على شخصية المرحوم ذوقان الهنداوي، والانجازات التي حققتها وزارة التربية والتعليم في عهده، إضافة إلى إسهامات المرحوم في وزارة التربية والتعليم والعملية التربوية في عمومها، منذ عام 1965 وحتى عام 1993، بعد الوقوف على آراء عينة، من القادة التربويين ومديري إدارات تربوية.
وقال الأستاذ محمد داودية: الذين عرفوا الأستاذ ذوقان الهنداوي، ينصفونه ويحفظون من سيرته، لقد كان مثالا في الخلق والعطاء والنظافة بكل تفاصيلها. وإحدى العلامات الدالة على الثقة به، والاطمئنان إلى مناقبه وقدراته، أن أول منصب وزاري تسلمه، كان حين اختاره وصفي التل وزيرا للإعلام عام 1965، وقد انطبق على الرجلين الطودين وصفي وذوقان، حديث النبي صلى الله عليه وسلم "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، وانطبق على ذوقان، الرجل النموذج القدوة، أنه لم يسفح ذكره المؤثر، جريا وراء المال، فدام له الذكرُ الطيب الحميم، وها نحن نحتفي بذكر ذوقان الهنداوي، يرحمه الله ويحسن إليه، بعد 16 عاما على رحيله، كما احتفينا قبل يومين، بذكر الشهيد وصفي التل.
وأضاف داودية: نحتفي بذوقان الهنداوي، ليس لأنه رحل نظيف الجيب، نظيف السيرة، فتلك صفات ملازمة لكل المسؤولين الشرفاء، الذين صرفوا على المنصب العام، ولم يتكسبوا أو يتربحوا منه، نحتفي بذوقان الهنداوي لأنه كان نموذجا وقدوة للمسؤول والقائد، الذي يترك أثرا وبصماتٍ في حياة أجيال الأردن، تظل علامة بارزة دالة عليه، وكلكم تذكرون القول الشهير: "وكم رجل يُعد بألف رجل، وكم ألفٍ تمرُّ بلا عِداد"، لقد أشتهر ذوقان الهنداوي بأنه وزير التربية والتعليم، أكثر مما أشتهر نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للإعلام، والمالية، والشؤون الاجتماعية، والعمل، والدولة لشؤون مجلس الوزراء، ويسجل التربويون والمنصفون أنه كان "مهندس وقائد الثورة التعليمية التي شهدها الأردن من منتصف ستينيات القرن الماضي وطيلة 30 عاما".
وقال داودية: "رفع ذوقان الهنداوي ذكرَه بأفعاله، لا بماله، رغم أنه إبن الباشاوات، سليل القحطانيين، فرسان الفتوحات الإسلامية، الممتدين على مختلف أرجاء الوطن العربي. وها هو جمعكم الطيب يلتئم ويستحضر سيرته العطرة، تعبيرا عن انحياز الناس إلى هذه النماذج والقدوات، رغم اشتراطات وباء كورونا، التي أكرهت الدكتور حسين العموش، منظم الدعوة ومؤلف الكتاب، على دعوة هذه النخبة الكريمة فقط، وإنه مِن اللؤم والظلم، أن نمارس فعل المقارنة، بين كثير من رجالات هذا الزمن الحديث، ولا أقول كلهم، وبين ذوقان الهنداوي وكوكبة الزلم، الذين بنوا الأردن، وقدموه لنا واحة كرامة، خالية من متلازمة الفساد والاستبداد، وأعدوه جيشا مصطفويا، منذورا لفلسطين وقضايا الأمة. شكرا دكتور حسين العموش وجزاك الله خيرا، على جهودكه في إخراج هذا الكتاب الذي يتضمن بعض إنجازات الأستاذ المبجل ذوقان الهنداوي، يرحمه الله ويحسن إليه".
ومن جهته، قال الدكتور حسين العموش: دولة الأستاذ فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان راعي هذه الندوة وحفل التوقيع، اسعد الله مساءكم العابق بالحب والوطن، هذا المساء الطيب المبارك يطيب بكم،منطلقا للوفاء لأهل الوفاء، رجل عاهد الله أن يكون مخلصا للوطن فبر في يمينه، لم تغره المغريات، ولم يبحث عن مجد شخصي، لم ترتجف يده يوما وهو يوقع قرارا، ولم ينظر وراءه للبحث عن شعبيات، شعبيته الوطن على امتداد قلب الأردن الكبير، عطاء لا يعرف الحدود ولا القيود.
وأضاف د. العموش: "المرحوم ذوقان الهنداوي وقد عرفته عن قرب، رجل آمن بالله والوطن، فأنجز وقدم نموذجا من النماذج التي يحترمها ويحبها كل أردني، ولهذا يبرز السؤال الأزلي: هل لدينا رجال بقياس وصفي والهنداوي وغيرهم، الجواب: نعم لدينا.. لكننا بالوصف الشعبي دائما كنا ولا زلنا (نصغر اكتافنا) ذات الأكتاف التي حملت هموم الأمة وما مالت ولا كلت، دائما كان ولا يزال وسيبقى الأردن شيال الحمل الثقيل الوافي، في حالات كثيرة كنت أتساءل مع أصدقاء: أين رجال الوطن؟ ولماذا يغيبون عند المواجهة، بل ويختفون، فلا تسمع لهم صوتا،بينما في الرخاء وعبر الإعلام .. لا يصمتون، يرفعون الصوت عاليا للبحث عن دور أو مكان، أما الوطن فله الله، ورجال آمنوا به بعضهم موجود هنا في هذه القاعة وآخرين اختاروا الانزواء والصمت.
بالأمس ذكرى استشهاد وصفي رحمه الله، فلماذا تعلق الأردنيون بوصفي، اعتقد جازما أن الحب والوطن والدحنون والشيح حين تحركها نسمات النعيمه في الشمال، ويداعبها هوى الجنوب في الطفيله،على انغام ربابة وشبيبه ستصنع ما لا تصنعه جميع مؤتمرات (الانجي اوز) في فنادق الخمسة نجوم، خلطة سحرية لرجال اعتمروا الكوفية والعقال، رفعوا رؤوسهم عاليا وهم يطقون اللصمة غضبا، فانداحت لهم ارض الله،واسرجوا خيلهم للريح، فما كبت ولا تعبت،يأخذون على رأسها حينا، ويهمزون بسرجها، يردون شاردات الخيل يوم يطبها جفالي.
وقال د. العموش: كتاب الأستاذ ذوقان الهنداوي.. قصة بحث علمي لرسالة ماجستير في جامعة عمان العربية، طورتها وجعلت منها كتابا لعل يقرأه الأبناء والأحفاد، ليعرفوا أن سر حب الأردني للمسؤول ينبع من قاعدة واحدة،واضحة المعالم والدلالات؛ الحب الإيمان، حب الوطن مرتبط بالإيمان به، هذه هي الخلطة السحرية التي دفعت وصفي للذهاب إلى القاهرة وهو يعرف أن حياته في خطر، لكنه مثل رجال غيره من الأردنيين أعرفهم وتعرفونهم لم يرتجف ولم يصغر أكتافه، كان رجلا بحجم الأردن.
أما أهمية الكتاب فتأتي من كون الكتاب الأول من نوعه الذي يشخص إنجازات قيادة تربوية أردنية، لتعطي مثالا للباحثين الآخرين في تناول مثل هذه الدراسات. إضافة إلى استقصاء الدراسات التربوية تحليلها التي تحققت في عهد أحد المربين الذين تولوا قيادة وزارة التربية والتعليم، وذلك بتقديم صورة واضحة لإنجازاته المتفق عليها، وإنجازاته المختلف عليها. كما أن الكتاب يقدم صورة لتطوير السياسات التربوية خلال أربعة عقود من تاريخ المؤسسة التربوية في الأردن".
ويؤكد د. العموش أن «الناظر والمتابع للعملية التربوية في الأردن، يستطيع أن يؤكد أن إنجازات وزارة التربية والتعليم خلال فترة تولي المربي ذوقان الهنداوي لها، وإسهاماته فيها، كانت لها الفضل في إحداث نقلة كمية ونوعية للتربية والتعليم، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها: أن قرار القيادة الهاشمية باختياره وزيرا لقطاع التربية والعليم قرار حكيم، ولم يأت من فراغ، بل جاء لتحقيق وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفي المراحل المناسبة، وقد كان المربي الهنداوي أنسب الأشخاص لهذا المكان، وفي فترات مفصلية من تاريخ تطوير الأردن الحديث، كما أن قرار اختياره أربع عشر مرة وزيرا للتربية والتعليم، يؤكد الثقة الواعية للقيادة الهاشمية بالشخصية الإبداعية المتمثلة في المربي الهنداوي».
وفي كلمة له قال الأستاذ حمدي الطباع: في البداية أود التوجه بالشكر للدكتور حسين العموش على دعوته الكريمة لي للمشاركة معكم اليوم، في الندوة الفكرية عن الأستاذ ذوقان الهنداوي وذلك ضمن سلسلة رجالات وطن، يسعدني اليوم الحديث عن أحد قامات الوطن المميزين رحمه الله معالي ذوقان الهندواي والذي صادف بتاريخ 1/7/2021 ذكرى وفاته السادسة عشر، لقد سعدت بإهداء الأخ الدكتور حسين العموش لنسخة من كتابه، تحت عنوان الأستاذ ذوقان الهنداوي بتاريخ 14/10/2021 فكتابه غني وثري جداً بالمعلومات التي استعرضت البعد التاريخي لتطور المسيرة التعليمية في الأردن، وكذلك مقتطفات لكلمات الهنداوي حول التعليم وأهميته، كما و تناول الكتاب الإنجازات التي تحققت للمؤسسة التربوية منذ تولي الهنداوي لإدارتها وقيادتها، كما وقدم الكتاب تصوراً للسياسات التربوية خلال الأربعة عقود من تاريخ المؤسسة التربوية إلى الآن، وقد أسعدني قراءته والتعرف عن كثب على انجازات وزارة التربية والتعليم خلال فترات تولي ذوقان الهنداوي لموقع وزير التربية والتعليم والتي بدأت في عام 1965 وامتدت الى عام 1993، كما وأعجبني كذلك ما تم عرضه في نهاية كل فصل من فصول الكتاب من توصيات لكل دراسة علمية قامت بتقييم التجربة التعليمية وانجازاتها.
وأضاف الطباع: "كان الهنداوي من قلائل الناس الحاملين لشهادة البكالوريوس الجامعية في عام 1950 عندما أنهى دراسته للتاريخ في جامعة القاهرة فقد عرف عنه التفوق الدراسي منذ صغره، وبدأ بعدها العمل كمدرس في احدى مدارس الكرك. كان الهنداوي رجلاً قيادياً وقومياً وقوي الشخصية كذلك، داعياً للوحدة العربية فتخرج على يده في الكرك رجالات تسلموا مواقع المسؤولية في مراحل لاحقة من أصحاب الدولة كمضر بدران وعدنان بدران وعلي سحيمات وغيرهم مع حفظ الألقاب، في عام 1965 شغل ذوقان منصب وزير الإعلام في حكومة وصفي التل وكان أصغر وزير وقتها سناً كما وتولى الهنداوي حقيبة التربية والتعليم أربعة عشر مرة خلال الفترة الممتدة من عام 1965 الى 1993. حيث جعل الهم الشاغل له هو الارتقاء بالتعليم وتطوير قطاع التربية والتعليم، فأجرى العديد من التغييرات الجذرية وساهم أيضاً في تحقيق النهضة الاجتماعية، وفي عام 1994 في شهر حزيران تم تعيين الهنداوي نائباً لرئيس الوزراء في حكومة الدكتور عبد السلام المجالي. وعلى الرغم من كثرة الألقاب التي تقلدها طوال حياته، إلا أن لقب الأستاذ كان الأحب إلى قلبه، كما وتقلد الهنداوي العديد من الأوسمة رفيعة المستوى تقديراً لجهوده الكبيرة في خدمة الوطن منها وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى، وسام التربية الممتاز، وسام الاستقلال الأردني، ووسام الحسين بن علي.
لقد تعرفت على الهنداوي من خلال عملي كوزير للصناعة والتجارة والتموين في التعديل الذي طرأ وقتها على حكومة زيد الرفاعي بتاريخ 8/1/1988 كما والتقيت مع الهنداوي مرات عديدة خلال عملي عضواً في مجلس الأعيان خلال الفترة 1997-2001. فقد كان الهنداوي عضواً في مجلس الأعيان حتى عام 2001 وكان مرجعاً معرفياً وقانونياً يُعتد به ويُؤخذ برأيه. وأنا أعتز كثيراً بمعرفته، وبتاريخ 2/6/2005 توفاه الله عن عمر يناهز الثامنة والسبعون أمضاها في بناء الوطن وخدمته بكل اخلاص وأمانة، رحم الله فقيد الوطن الأستاذ ذوقان الهنداوي وجزاه عنا وعن وطننا كل الخير وستبقى سيرته العطرة وذكراه حية في قلوبنا وقلوب الأردنيين أجمع، فقد ترك بصمةً في تاريخ أردننا العريق من خلال مسيرته المتألقة في العمل الحكومي.
وقالت وزيرة الثقافة هيفاء النجار: نموذج متميز هو ذوقان الهنداوي رحمه الله، هذا النموذج الإنساني، نحن بحاجه له، بالرغم أننا محاطون بنماذج إنسانية وهناك لدينا في الأردن نماذج مستنيرة كثيرة بالأردن، وقامات تربوية لا يمكن لنا إلا أن نبني على إنجازاتها، ومن هنا وكمشروع وزارة الثقافة نحن نبني على الإنجاز ولا ننطلق انطلاقا من الصفر، هناك بيروقراطية ومؤسسات أردنية هي نموذج للصمود الأردني، مفعمة بالإبداع والتميز، ونحن نجتمع اليوم في هذا الصرح الثقافي المتميز، المركز الثقافي الملكي، في عمان التاريخ والحضارة، والأردن يحتفل بمئوية تأسيس الدولة على أركان راسخة من التطور في مختلف المجالات، ويتطلع بأمل وثقة إلى المزيد من التقدم والازدهار.
وأضافت النجار: "أحييكم مرة أخرى مقدرة لكم حضوركم لهذه الندوة الاستذكارية المهمة لواحد من أهم رموز الأردن، ومن الرواد المؤسسيين، معالي الأستاذ المرحوم ذوقان الهنداوي، ومقدرة جهد الباحث والروائي الدكتور حسين العموش على كتابة هذا البحث العلمي القائم على المنهجية العلمية في التقصي والجمع وطرح الأسئلة والفرضيات، ومناقشة النتائج ووضع التوصيات اللازمة، وهو في نهاية المطاف مدونة تربوية سيرية راقية في المبنى والمعنى، وفي رصدها لتطور التربية خلال المئوية، وفي استجلاء حياة واحد من المعلمين والتربويين الكبار، تربت على يديه أجيال عديدة تنهل من معين حكمته وصائب رأيه، كما تناول الإنجازات التي تحققت للمؤسسة التربوية أثناء تولي المرحوم ذوقان الهنداوي إدارتها وقيادتها، معرجا على تطور السياسيات التربوية خلال أربعة عقود من تاريخ المؤسسة التربوية في الأردن.
وقالت وزيرة الثقافة: إن المربي والتربوي القدير المرحوم ذوقان الهنداوي شخصية وطنية بامتياز، ويرى العديد من التربويين والمؤرخين أن الهنداوي رحمه الله استحق لقب وشهرة مهندس وقائد الثورة التعليمية التي شهدها الأردن من منتصف ستينيات القرن الماضي، وهو كذلك مساهم رئيسي في النهضة التعليمية للوطن العربي. كما كان صاحب مدرسة فكرية عميقة في القومية والوطنية،وصاحب مدرسة متميزة في التربية والتعليم تقوم على أحدث النظريات في علم النفس التربوي. كان يؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة المحورية، وأن حلها كفيل بحل كل قضايا المنطقة، ومن أبرز مؤلفاته في هذا السياق كتاب "القضية الفلسطينية" الذي تم تدريسه في الصف الثالث الثانوي في الأردن من عام 1967 إلى عام 1996، كما كتب مذكراته الشخصية التي تحتوي على الكثير من المواقف الوطنية الفاصلة.
إن وزارة الثقافة تحتفي دوما بمدعيها الكبار، وبرموز الوطن ممن أسهموا في تقدمه ونمائه على كل الصعد، وقد أخذت على عاتقها هذا العام وبمناسبة مئوية تأسيس الدولة الأردنية إصدار ما يقرب من خمسة وسبعين مخطوطا تتعلق بتاريخ الأردن وتطوره خلال المئة عام، في شتى المجالات، وتسليط الضوء على العديد من الشخصيات الفكرية والرموز الوطنية، فضلا عن منشورات مكتبة الأسرة الأردنية التي تخصصت هذا العام بتسليط الضوء على المنجز المحلي في الكتابة والبحث والإبداع، كما تطلق الوزارة شبكة واسعة من الأنشطة والفعاليات النوعية في كل المحافظات الأردنية، بمناسبة مئوية التأسيس. إننا على أبواب الاحتفال بمدينة إربد عاصمة للثقافة العربية 2022، ومن خلالها سنحتفي بالثقافة الأردنية والعربية".
من جانبه قال الدكتور أحمد الهنداوي، نجل الراحل: اسمحوا لي أن أتقدم إليكم بالشكر الجزيل على تشريفكم، لإحياء إرث تربوي وعام لرجل أفنى حياته خدمة وطنه وقائده وشعبه بكل نزاهة وأمانة واستقامة وإخلاص وعلى مر سنين طويلة، رجل جمع بين عرويبة خطواته وأردنية انتمائه وهاشمية حبه وولائه والتزامه بمبادئ الدين الحنيف خلقا وممارسة، في تناغم وتكامل وتناسق فريد كما يجب أن يكون، رجل لم يكن لي الأب فقط بل كان الأخ والصديق والأستاذ والمعلم كان لي بمثابة الرجل القدوة الأنموذج، زرع فينا منظومة قيم من استقامة والأخلاق والنزاهة، كان يقول لنا دوما وتكرارا ما قيمة أن يملك المرء مال الدنيا بأسره وأن يخسر الله ويخسر حب الناس واحترامهم ويخسر نفسه، قال لنا إن الإنسان في هذه الحياة لا يعيش لنفسه فحسب بل يعيش له وللناس ولسعادته وسعادة الناس، فأداء الواجب وخدمة الناس وإسعادهم تؤدي إلى تحقيق السعادة وهذه هي الرسالة.
وكان الدكتور سالم الدهام مدير المركز الثقافي الملكي رحب في بداية الندوة بالمشاركين والحضور.