09-12-2021 10:06 AM
سرايا - القدس مدينة الله.. فيا قدس القلوب، ومتحف عائلة الشهداء، عائلة اليبوسيين واللغة الموهوبة للفقراء، تراتيل أمهات ومقدسيين في بلد الأنبياء.
القدس مدينة لها الأهمية والمكانة الكبرى في التاريخ، وعلى مرَّ العصور، وكما لها الأهمية عند جميع الأديان التوحيدية الثلاث، الإسلامية والمسيحية واليهودية، مدينة لها قدسية خاصة؛ لما تتمتع من روحانية وقدسية، وهذه المكانة من الأهمية ليس فقط لأهلها من الفلسطينيين، وإنما للكثيرين من أتباع الديانات السماوية الثلاث في العالم أجمع، والتاريخ شاهد على أن هذه المدينة التاريخية عندما كانت تحت الانتداب البريطاني تم اختيارها عاصمة لفلسطين لأهميتها ومكانتها، وكان تسمى عبر التاريخ بأرض كنعان، و «الكنعانيون» هم العرب الذين سكنوها وعمروها، وهي مهبط الرسالات السماوية، وقد هاجر إليها سيدنا إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليه السلام من أرض العراق، فالقدس أرض الأنبياء ووطنهم، هذه الأرض المقدسة في بلادنا فلسطين العربية التاريخية مسقط ومهد سيدنا المسيح عيسى عليه السلام في مدينة بيت لحم، مدينة تزخر بالأماكن المقدسة ككنسية القيامة والمسجد الأقصى ومعراج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وما زالت مدينة القدس منذ فجر التاريخ تعيش انتهاكات لحرمتها ومكانتها المقدسة، وتفاقمت وتعاظمت الانتهاكات في ظل الاحتلال «الإسرائيلي»، و مورست بحق المقدسيين من سكانها الاعتداءات والقمع والقتل المبرمج طيل سنوات الاحتلال، و في ظل انتشار «جائحة كورونا» التي عصفت بالعالم، عملت سلطات الاحتلال على ملاحقة العديد من المبادرات الإنسانية في الداخل للشباب الفلسطيني من المقدسيين للحد من انتشار فيروس كورونا، وعملت السلطات القمعية على اعتقال الشباب والفتيات ممن عملوا في هذه المبادرات التوعوية وتم مصادرة كل ما يتعلق بهذا الشأن.
الصمت العربي والعالمي، تصاعدت الاعتداءات المتواصلة من الاحتلال على المسجد الأقصى على كافة المستويات سواء الأمنية وكذلك السياسية، وأصبحنا نشاهد الكثير من المشاهد للعديد من المستوطنين المتطرفين وهم يمارسون صلواتهم التلمودية بين الفينة والأخرى وبدعم وحماية من قوات الاحتلال المغتصب، هذه الوضع المأسوي يعيشه الأقصى والمقدسيين بشكل يومي واضح والذي يُعد تمهيدا لمخطط مبرمج لتهويد مدينة القدس، «والعالم أجمع يعلم بأن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تخضع للوصاية الهاشمية منذ العام 1924، إبان حكم الشريف الحسين بن علي، وتتمثل هذه الوصاية في الاهتمام بالمقدسات الإسلامية بالقدس، والحفاظ عليها، على أن تكون تبعيتها إداريا للأردن، وجرى تأكيد ذلك في الاتفاقية التي تم التوقيع عليها بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والملك عبد الله الثاني عام 2013 والمعروفة باسم اتفاقية «حماية الأماكن المقدسة في القدس»، إذ جاء فيها أن الوصاية على هذه الأماكن آلت إلى الملك عبد الله الثاني، والأردن قيادة وحكومة وشعبا كانوا صفا واحدا في نصرة الشعب الفلسطيني.
إلا أن هذه الانتهاكات تواصلت من الاحتلال للمدينة المقدسة من هدم وحفريات بحجة الهيكل المزعوم، ولم تنته، وما جرى في الحي الشيخ جرّاح من تنكيل واضطهاد لأهالي الحي.. خير دليل على غطرسة الاحتلال لتهجير السكان وترويعهم بحجج واهية .. والمعلوم بأن حي الشيخ جرّاح يقع في الجانب الشرقي من البلدة القديمة في مدينة القدس، حيث تم تسمية الحي بهذا الاسم نسبة إلى الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي طبيب صلاح الدين الأيوبي، هذا وتعيش 28 عائلة فلسطينية لاجئة ومهجرة على مساحة 18 دونما في «كرم الجاعوني» بالشيخ جراح ويبلغ عددهم 500 فرد مهددين بالإخلاء لصالح الجمعيات الاستيطانية التي تدعي ملكيتها للأرض.
وفي مطلع العام 2021. اشتدت المواجهات بين المقدسيين في حي الشيخ جرّاح والمستوطنين المتطرفين مجدداً، وكان هدف تلك الهجمات من المستوطنين على الحي باتت برأيهم تشكل عائقاً للتواصل الجغرافي بين غربي القدس وشرقها، ومنطقة الحي هي منطقة عربية في محيط يهودي، لهذا نلاحظ أن جميع العائلات الفلسطينية في تعيش مأساة حقيقية وخطيرة من خطر الشتات و مصيبة الترحيل ومعاناته، المقدسيون في الحي لم يرضخوا للعصابات الصهيونية المتطرفة وقاموا وكان شعارهم نابع عن عقيدة وإيمان «لن نرحل». في ظل صمت عربي مطبق، هذا المسلسل تتواصل حلقاته يوميا في القدس الشريف، المقدسيون وحدهم سجلوا البطولة في الدفاع والمقاومة عن أقدس المدن مسرى الرسول بصدورهم العارية أمام أعتى مغتصبة لفلسطين ومقدساتها.
فيا لهفنا على مدينة الله، يا الله هذي عاصمة التراتيل والمدن المطعونة، حرارة الجرح، وطن الأنبياء، أرض منذورة للرصاص والطعنات، هي القدس أصوات الأنبياء الشهداء «قلوبنا ترحل إليها كل يوم».