15-12-2021 11:04 AM
بقلم :
يشهد مسرح الجريمة اليوم تعقيدات كبيرة ، وتظهر فيه إشكاليات جمة ، قد يحتاج المُحقق طرقاَ كثيرة للتفكير في حل اللغزولد من رحم المسرح ، خاصة حينما يقصد المُجرم من تلك التعقيدات التي وضعها في المسرح الجرمي تشتيت افكار المُحققين، وعدم منح المُحقق فرصة ايجاد الدليل الذي قد يضع رقبته على المقصلة ، فالمسرح الجرمي مجال واسع ، يحتوي على اوعية جرمية كثيرة ، فيما هذه الاوعية تتغير وتتبدل كل يوم ،كيف لا وقد لعبت التطورات التكنولوجية والمعلوماتية دوراً كبيراً وبارزاً في تشيكل التعقيدات الجرمية وتحويل كثير من زوايها الهندسية إلى زوايا ذات تصميم ثلاثي الابعاد يصعب فك الشفيرة التي بنيت عليها هذه التصاميم ، فاخذ المُجرمون يتفننون في اعادة صياغة العمل الجرمي وترتيب منظومة الافعال الخارجة عن القانون بما لا يقبل الشك ، متوخين في ذلك الحذر القانوني في التعامل مع مؤشرات القبض عليهم وزجهم في غياهب السجون ، فيما يتوشح البعض منهم بمثالب القانون في ارتكاب الفعل المُحرم شرعاً قبل المُحرم قانوناً، فالبعض منهم يتصفح التشريع والقانون كل مساء عله يجد مخارج ضيقة ليخرج منها جراء تلك الافعال المشينة التي سيقترفها .
لقد كثرت اليوم الاشكال الجرمية ووسائل تنفيذ الجريمة من جهة ،وزادت التعقيدات التي تواجه المُحقق الشرطي من جهة اخرى ، فاصبحت الجريمة اليوم بحاجة إلى من يتصدون لها وبكل حزم خاصة بعد ان تمددت إلى افعال جديدة في التنفيذ وتعقيد مسرح الجريمة ، الذي اصبح بحاجة إلى من يعرف مُفرداته والتعامل معه بكل حرفية وفنية ودقة ، وان ما اظهره رجال التحقيق الشرطي والجنائي في الايام الماضية ، ورغم تعقيدات مسرح الجريمة وتشعب فروعها قد اثبت ان لديهم الجرأة التحقيقة في نبش كل ما يتعلق بمسرح الجريمة بشكل دقيق ، والنابع من خبرة في الاناة التحقيقة والتفحص الوافي ، والنظر بعين لا تخطأ النظر في التبصر في حثيثيات الجريمة وربطها بما في مسرح الجريمة من اثار او قرائن او ادلة ، ومن ثم تتبع الخيط الرفيع حتى الامساك بمن كان في يده خيطها.
اننا اليوم امام إحترافية تحقيقة في مجالات العمل الشرطي والجنائي لا يمكن ان يغفلها الا ذو اعين رمداء ، وعديم بصيرة ، كان لها دور بارز وبارع في اماطة اللثام عن جرائم كانت بحاجة إلى خيط رفيع للوصول إلى مُرتكبها الذي كان يظن ذات يوم انه لن يقبض عليه وتطاله يد العداله .
الاحترافية اليوم تُسجل وبفخر لجهاز كبير امني رفيع المُستوى ، ُيشار له بالبنان في عمل التحقيق الجنائي والوصول إلى الجاني ولو بعد حين ، ولم تكن هذه الاحترافية قد اتت بالصدفة او من باب التحزير بل كانت نتاج سنوات طويلة من العمل الشرطي المتراكم الذي قد يسجل قريبا في موسوعة غنس لما لإكتشاف الجريمة من نسبة عالية ستصل إلى 100% صباح يوم قريب.