حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2046

راشيل ومهيبه

راشيل ومهيبه

راشيل ومهيبه

18-12-2021 11:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عدوان توفيق وريكات
بعد الإنتهاء من مذبحة دير ياسين التي استمرت لثلاث ايام ممتالية ، بدأ اليهود ينظرون إلى يافا.. ويعدون العدة لإقتحامها وطرد أهلها كما فعلوا مع بقية المدن العربية .. وكان من قوَّاد جيش الهاجانا رجل يدعى "موشي ديان".. ذو العصابة السوداء على عينه اليسرى .. وكان يستعد لإقتحام يافا بخطة متميزة..

وبينما كانت الإستعدادات التي يجريها ديان قد اقتربت من نهايتها، خرجت من بيتها في مستعمرة بيتام جنوبي يافا فتاة فاتنةٌ مُجاهِدةٌ لِعبور الأسلاك الشائكة التي تفصل بين المنطقتين العربية والصهيونية.. حيث توجهت متسللة بحرص على ألا يراها أحد حتى وصلت إلى الأسلاك الشائكة الموضوعة بطريقة معقَّدة.. وتمكنت بعد عناء من اجتيازها بعد أن جُرحت بساقها جرحًا بليغًا جدًّا.. وظلت تَجرُ نفسها جرًّا حتى دخلت إلى يافا في وقت يسبق أذان الفجر بحوالي ساعة.

كانت تعرف إلى أين تذهب ولماذا .. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى وصلت وجهتها لتقف أمام أحد المنازل تدقُ بابه وساقها تنزف من تحتها ولم تعد قادرةً على حملها.

هذه الفتاة الفاتنة كانت هي "راشيل ديان" ابنة أخ "موشي ديان".. والمنزل الذي كانت تقف أمامه مُعانيةً للوصول اليه، هو لفتاة جميلة أخرى.. ما إن رأت "راشيل" حتى انكبت عليها تحتضنها وتصرخ فيها سائلة عما حلَّ بها.. كانت تلك الفتاة صاحبة المنزل فلسطينية تدعى"مهيبة خورشيد".

خورشيد هي إحدى الناشطات السياسيات الفلسطينيات حينها.. وكانت قد انعقدت بينها وبين "راشيل" صداقة عجيبة فيها قيم إنسانية مشتركة.. فبرغم أن "راشيل" يهودية إلا أنها ترفض الصهيونية رفضًا قاطعًا وترفض توجهاتها.. وقُرب "راشيل" من "موشي ديان" قد جعلها تطلع على خطة الهاجانا لإقتحام يافا.. ما جعلها تخاطر بنفسها وجاءت إلى "مهيبة" لتحذرها من هذا الإقتحام وحتى يأخذ أهل يافا حذرهم.

يعتبر ما فعلته "راشيل" هو خيانة بنظر الصهيونية.. لكن ما حدث منها في اليوم التالي هو الصدمة لهم .. فأثناء اقتحام عصابات الهاجانا ليافا.. فوجئوا أن هناك فرقة مسلَّحة تدافع عن المدينة .. (فرقة مسلَّحة نسائية فلسطينية).. ترأسها "مهيبة خورشيد".. التي بدت كفارسة أسطورية وهي تحمل مدفعًا رشاشًا وتضع على رأسها حجابًا وترتدي ملابس شِبه عسكرية.. فكانت تحارب الهاجانا فعليًّا بكل قوتها.. و"راشيل ديان" من ضمن جنديات هذه الفرقة وتحمل بندقية في يدها وتسعف مصابات باليد الأخرى رغم ما فيها من جروح سببتها الأسلاك الشائكة.

"راشيل"و"مهيبة" كانتا في الميدان كتفًا إلى كتف.. إحداهما مسلمة.. والأخرى يهودية.. تحاربان قوات صهيون ببسالة في هذه الحرب، القيم المشتركة بينهن هي سبب حقيقي للصداقة الصادقة، فحتى بعد أن تم احتلال يافا وطرد أهلها.. كانت "راشيل" تخرج من البلدة إلى جانب صاحبتها "مهيبة" وقد وضعت حجابًا على رأسها كنوع من التنكر حتى لا يعرفها قومها.

فاليهود شيءٌ والصهاينة شيءٌ آخر.. من الممكن أن نبحث عن القيم المشتركة في ضل وهننا وضعفنا هذا، فقصة راشيل هي أكبر تأكيد على ثمار هذه القيم خصوصاً أن عامة اليهود يؤمنون أن دولة إسرائيل هي تعدي على مهمة (المسيح المخلص) .. أما الصهيونية التي هي سبط واحد من أسباط اليهود.. أنه (سبطٌ شرير) أنه السبط الثالث عشر .. الذين بدأوا مع " هرتزل".. الذي استقى أفكاره من "ساباتاي زيفي".

ان الذين تربطنا بهم القيم المشتركة من اليهود كراشيل ديان مستعدون للتضحية بإرواحهم من أجل معتقداتهم الدينية التي تتقاطع مصلحيا معنا، وعدوهم هو نفسه عدونا وهو السبط الثالث عشر، فهم محكومون مثلنا ويتم التلاعب بهم بنفس الوسائل التي يتم التلاعب بها بنا.

فالصهيونية التي تعتبر أهم نجاح خرج من عباءة الماسونية.. جعلت من يصل للدرجة 33 منها يدخل رسميًا في السبط الثالث عشر لبني إسرائيل..(السبط الشرير).. وليس صحيحاً أن اليهود المنتشرين في العالم كلهم مؤيدين للصهيونية.. بل إن الكثير منهم معارض لها وبشدة.. ولا يؤيدون وجود دولة وعلى المستوى العالمي الشعوب فأن الغالبية تعارض الصهيونية، الا اتباع المذهب البروستانتي.. لكن على مستوى الحكام والرسمي فكل الدول الكبرى تدعم إسرائيل وتبارك خطواتها كافة.

أعتقد أن في قصة (مهيبة خورشيد وراشيل ديان) الكثير من المفاتيح لهذه القيم المفقودة لدينا، وأن الإستثمار فيها سيكون عون لنا لتحرير فلسطين من الصهيونية وليس من اليهود الذين هم كأمثال راشيل حيث سيكون لهم دور فاعل في اي معركة مع الكيان الصهيوني الغاصب، ولعل قصص دعم الحركات الفلسطينية من قبل يهود في وقتنا الحالي حتى بالسلاح تشابه قصة راشيل ولنفس الاهداف.








طباعة
  • المشاهدات: 2046
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-12-2021 11:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم