21-12-2021 12:14 PM
بقلم : د. انور العجارمة
عبر السنوات العشر الماضية اجتهدت الحكومات المتعاقبة في اتخاذ سياسات وإجراءات اقتصادية ومالية وادارية مختلفة وصفت بالمصيرية لوقف اسباب الهدر وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذات، ونحن نرى بأن النتائج والمؤشرات بمجملها متواضعة؛ والمصيبة ان ذلك ليس جهل وضعف من القائمين على أدارة زمام الأمور! وانما عدم مبالاة في ضل غياب الرؤى والتخطيط وانعدام المسألة، ونحن كمراقبين للشأن نجد انه لا عيب في مراجعة النتائج وتشخيص الاسباب طالما ان ذلك يُلبي مصالحنا ويجب ان لايعترينا التشاؤم ولدينا من الحلول متى ما توفرت الارادة الحقيقية والكف عن التعذر بالضمير المستتر "أوامر من فوق" اضافة الى الاحتكام لنتائج ألاجابة على كلمتين "ماذا لو" عوضاً عن الارتجال وترحيل المشكلات لمن يتبع.
اما في مجال الاصلاح الهيكلي لأجهزة الدولة فان عبئ نزيف الخزينة لن يتوقف مالم يتم اعادة النظر بفلسفة العمل واجتثاء الاحمال الزائدة بشكل جذري؛ وهذا يتطلب وضع نُصب أعيننا ترشيق حقيقي وليس شكلي ودون استحياء في معالجة ترهل مؤسسات القطاع العام، وبنظرة سريعة فأنني اتوقف دون اجابة عند الاتية:
- اليس من الضرورة اخضاع المؤسسات العامة والهيئات المستقلة للتقيم مقارنة بالغايات التي انشئت من اجلها باعتبار ان بعضها وصل لمرحلة النضوج او غير مجدي والبعض الاخر يشوبها ضعف الاداء والإمكانيات في وقت نمتلك نحو 30 وزارة وأكثر من 60 مؤسسة وهيئة مستقلة والمفارقة ان الكثير منها اعمالها متداخلة الصلاحيات.
- اليس من الأجدر تقييم اصول استثمارات وفاعلية ادارتها باعتبار ان بعضها غير مجدي والبعض الاخر يشوبها ضعف الاداء والإمكانيات او نجدها خاسرة وتشكل عبئ على خزينة الدولة حيث تمتلك الدولة نحو 80 شركة والمفارقة ان الكثير ترتبط بمؤسسات مختلفة ومنها ماهو ناشز لايعرف للخزينة باب.
- اليس من المهم هيكلة المؤسستين االاستهلاكيتين المدنية والعسكرية بعد ان زالت الاسباب التي انشئت لهما من التخصيص لفئأت استهلاكية مستهدفة لكل منها واصبحت غاياتهم واحدة تتمثل كذراع توزيع ومتاجرة وخدماتهم مفتوحة لكافة المواطنين بما فيهم الوافدين والمقيمين، وعليه ماهي الغاية من وجود 170 سوق تجاري لتلك المؤسستين في حين ان الاردن مقسم لثلاثة أقاليم تحتوي 12 محافظة تضم 51 لواء ونحو 38 قضاء.
- اليس من الاهمية اعادة النظر بمسؤوليات واليات عمل الوزارات ومؤسسات الدولة الاخرى في ظل تداخل تقديم خدمات مؤسسات الدولة مع بعضها مثل التعليم مع ماتقدمه الحكومة والقوات المسلحة والتي يشوبها عشوائية في التوزيع الجغرافي وضعف في استغلال الموارد من ابنية وكوادر بشرية لتشكل بمجملها عبئ على الخزينة وهدر للمال العام وترهل هيكلي في ظل وجود مديريات تتجاوز احتياجنا (47 مديرية تربية اضافة لمديريات القوات المسلحة).
- اليس من الاهمية اعادة النظر بأداء وتبعية مؤسسات الرعاية الصحية عندما نجد انها تقدم من خلال 31 مستشفى حكومي و736 مركز صحي يتبع وزارة الصحة الى جانب 15 مستشفى عسكري و11 مركز طبي للقوات المسلحة ناهيك عن مستشفيان جامعيين وبالمقابل نصل الى نتائج متواضعة في الرعاية الصحية الرسمية.
- كما لايعقل تعدد جهات الشراء الحكومية حيث نجد دائرة الشراء الموحد ودائرة العطاءات الحكومية ودائرة المشتريات الحكومية في ظل تواضع مخصصات الشراء المرصودة في الموازنات العامة المتعاقبة وقد نجد ان مصروفات تشغيل تلك المؤسسات يتجاوز قيمة ماهو مرصود لعمليات الشراء بالمجمل.
- اما الاعلام الرسمي فأننا نجد وكالة الانباء الاردنية ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون وتلفزيون المملكة وصحيفة الرأي وصحيفة الدستور وصحيفة الغد وفي النهاية الاردنيين يستقون الخبر من مصادر اخرى وبالتالى الايستحق ذلك اعادة النظر بحاجتنا للوصول الى الخبر الرسمي.
- وهنالك سؤال حول ماهية الاهداف والانجازات الوطنية المتوخاة من المؤسسة العامة للاسكان والتطوير الحضري في ظل عدم توفير اي مخصصات لمشاريع وعدم توفر الامكانيات لبناء المساكن في المستقبل وايضاً ماهية الاهداف الوطنية التي نتوقعها من المؤسسة التعاونية الاردنية في ظل عدم توفر راس مال ومخصصات تمويلية لتلك المؤسسة واقتصار عملها على اصدار تراخيص للجمعيات التعاونية والرقابة عليها في ظل وجود وزارة تنمية اجتماعية تصدر تراخيص الجمعيات الخيرية ووزارة داخلية تصدر موافقات لمؤسسات غير ربحية وديوان محاسبة يراقب عمل الجميع بما فيها الاحزاب.
- واخيراً، نتحدث منذ سنوات طويلة عن تطلعاتنا لحكومة الكترونية في ظل ترهل هيكلي غير مسبوق وازدحام تنظيمي يعيق كل سبل تبسيط الاجراءات في حين ان العالم المجاور وصل للخدمات الرقمية والحقيقة المرّة التي يجب ادراكها وبعد كل الانفاق والاجراءات المتخذة بهذا الخصوص فأنها لا تتجاوز وصفها بعملية اتمتة معلومات المؤسسات الوطنية وهذا يعني ان الطريق طويل للوصول الى مانصبو اليه.
أن الحديث يطول بأتجاهات متعددة منها تجاه ضمان الوصول لوحدة ومتانة المؤسسات الرقابية وتوحيد مضلة تبعية المعونة والمساعدات المالية والاعفاءات الطبية واخرى لهيكلة التعليم المدرسي والتعليم العالي وغيرها لصناديق الدعم المتخصصة والجهات ذات العلاقة بالتوظيف وتشغيل القوى العاملة ابتداءاً بوزارة العمل الى جانب الخدمة المدنية وغيرها لتغيير مفهوم العمل والاداء وتعظيم المساءلة للحد من تداخل العمل ووقف نزيف الخزينة العامة وتحقيق منهج اصلاحي مستدام بعيداً عن الضبابية.
لنعمل معاً لوطن يستحق منا الكثير.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-12-2021 12:14 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |