27-12-2021 09:27 AM
سرايا - «امرأة وسط الزحام» للأديبة الواعدة ملاك عادل
الناقد والقاص محمد رمضان الجبور
الكتاب الذي بين أيدينا للواعدة الأديبة ملاك عادل هو بمثابة خواطر نثرية، وهو الإصدار الأول للواعدة، وباكورة أعمالها، لذلك لن نقسوا عليها، بل تكاد تكون المهمة التي نحن بصددها هي بث روح الأمل في نفوس هؤلاء الذين غامروا بنشر نتاجهم الأدبي للمرة الأولى.
فالواعدة ملاك قد اختارت عنواناً يناسب خواطرها التي زاد عددها عن مائة خاطرة ويزيد (امرأة وسط الزحام)، ورغم هذا الزحام إلا أن الواعدة ملاك لم تبخل على المتلقي بمجموعة من الخواطر النثرية الجميلة المُعبّرة، فهي تقطف من بساتين الجمال ما لذ وطاب من الثمار، تتكئ في معظم خواطرها على الأنا المعبرة، التي تُعبر عما يدور من أفكار وعواطف في عمق الواعدة، فكتابة الخواطر تحتاج إلى الموهبة الفكرية والأدبية، التي تُمكّن الواعدة من نقل أفكارها من مجرد وهمٍ أو خيال لتصبح حروفاً وجملاً على الورق، والواعدة ملاك لا تنقصها الموهبة وترتيب الأفكار، ففي الكثير من الخواطر استطاعت الواعدة أن تتفاعل وتصنع التفاعل الجمالي وتوازن بين عنوان الخاطرة ومضمونها، فتنوعت موضوعات خواطرها،، وكما تنوّعت الموضوعات تنوعت حجم هذه الخواطر ما بين الخواطر القصيرة جدا التي لم تتجاوز الثلاثة أسطر وما بين الطويلة يحكمها الحدث والموضوع.
لقد سخرت الواعدة خواطرها في معاني عديدة ومختلفة، قد يكون أكثرها تلك التي تكشف عن العواطف المختزنة في نفس الواعدة، رغم ما يغلفها أحياناً من سوداوية في النظر إلى الحياة والكون، وكأن المتلقي يشعر ببداية بعد نفسي في الكثير من الخواطر. اعتمدت الواعدة على حواسها المرهفة في اقتناص المشاهد المؤثرة، فهي تحاول نقل ما يؤثر في نفسها بأسلوبٍ سردي تُعبر فيه عن بعض الأفكار التي تدور في خيالها، فهي تقتنص المواقف بحرفية دقيقة لتصل إلى المتلقي كما تريد هي.
معظم هذه الخواطر جاءت بلغة سردية تمتاز بحس أنثوي سهل يخلو من التعقيد، تظهر فيه ثقافة الواعدة وذلك من خلال تنوّع الموضوعات التي تناولتها الواعدة فهي تكتب بإحساس الأنثى الصادق البعيد عن التعقيد، فالألفاظ والمفردات التي توظفها الواعدة، مفردات قريبة من النفس تُشعر المتلقي بالأمل رغم السوداوية التي قد تجنح إليها أحياناً.
هذه الخواطر التي سطرتها الواعدة ملاك عادل هي بمثابة رسائل عشق ومحبة للناس وللوطن و للقلم، استطاعت أن تفرغ بين أسطرها فيضاً من مشاعر الحب بمفردات بسيطة تداعب القلوب، وكثيراً ما نلمس فيها الحس القصصي الجميل المعبر الممزوج أحياناً بالوجع والمعبر عما يجول في الصدور، فقد غلبت العاطفة على كلمات الواعدة، فهي تتعمق بقراءة العواطف والمشاعر الفياضة، وكثيرا ما يشعر المتلقي بإبداع الواعدة وهي تربط خواطرها بخيطٍ دقيق يتناسب والإيقاع العام لهذه الخواطر، فالعناوين التي اختارتها الواعدة رغم تنوّعها إلا أنها ترتبط ببعضها، فهي تُعبر عن مشاعرها تجاه قضايا تدور في خيالها، وتُفرغها بعبارات وجملٍ جميلة على الورق.
شهادتي فيما كتبت الواعدة ملاك عادل ما هي إلا شهادة إبداعية لدعم هذه الواعدة التي تشق طريقها في معمعة الكتابة والنشر، نحن نُشجع المواهب الشابة، التي قررت سلوك هذا الدرب رغم ما يجد الكاتب من الصعاب في نشر ما يريد، إلا أننا نطلب من الواعدة ملاك عادل ومن كل الذين سوف يغامرون في نشر كتاباتهم التريث، فقد كان على الواعدة ملاك عادل قبل الطباعة أن تمرر هذا المخطوط لمن هم أصحاب الدراية في اللغة فقد ورد في الكتاب الكثير من الأخطاء سواء كانت هذه الأخطاء في الإملاء أو في النحو أو حتى أحيانا في استخدام القاموس اللغوي، فكان عليها أن تتمهل قليلاً في نشر نتاجها الأدبي، لا نريد أن نقلل من جهد الواعدة ملاك، ولكن هي ملاحظات لا بد لنا أن نمر عليها للأمانة العلمية، حتى لا يقال أننا نصفق لكل جديد مهما كان، ثقافة الواعدة واضحة، لكن قد ينقصها التروي قليلاً لتضع قدمها على أول طريق الإبداع والتميّز، نبارك للواعدة ملاك عادل هذا المولود الأدبي الجديد، ونرجو لها المزيد من التقدم والنجاح في مسيرتها الأدبية.