30-12-2021 12:09 PM
بقلم : آيات زريقات
استوقفني مشهد في أحد الأفلام الأجنبية مؤخرا لطفل يضرب بعصاه دمية ورقية محشوة بالسكاكر وحبات الشكولاتة في حفل عيد ميلاده، ولفتني شدة تشجيع الحضور لهذا الطفل لضرب الدمية بقوة أكبر في كل مرة وبشكل متكرر للحصول على الغنيمة اللذيذة، فهذا المشهد الذي قد يتكرر بمعظم الأفلام الأجنبية دفع فضولي الثقافي للتوسع بالبحث عن دلالات هذا التراث والتقليد المكسيكي القائم على تعزيز مفهوم " اضرب بقوة لتحصل على ما هو لذيذ...”.
على أثر دراسة خاطفة ، فقد تبين لي بأن "البينياتا" هو تقليد تاريخي متوارث بدأ في
المكسيك ، ويكثر استخدامه في مناسبات أعياد الميلاد ، وفكرته قائمة على ملء بعض الاشكال - والتي عادة ما تكون محببة للأطفال مثل الشخصيات الكرتونية او الحيوانات أو النجوم - بالسكاكر والحلويات ، حيث تعلق هذه الدمى عادة بشجرة ليقوم الطفل في عيد ميلاده بضربها مرارا وتكرارا لحين سقوط اكبر قدر ممكن من السكاكر والحلويات والتي تعد بالنهاية غنيمته التي سقطت اليه على اثر تحطيم الدمية ، المثير بهذا التقليد ليس فقط مبدأ ضرب الدمية الورقية (البينياتا) وحسب ، وانما الأنشودة المكسيكية التي يتم ترديدها مع العملية والتي تقول (اضرب الغطاء... لا تخسر دورك...لأنك ان خسرت اللعبة... ستخسر التجميع...) .
ان الربط بين مشهد الفيلم وتفاصيل المعنى الحقيقي لهذا التقليد، أعاد إلى مخيلتي تصورا وطنيا غريبا، وتساءلت هل أصبح الأردن "بينياتا" للبعض؟ وهل أصبح هذا الوطن يضرب "اصطلاحيا او حتى حرفيا" بمختلف الوسائل للفوز بسكاكره؟
بالنسبة لي ففي هذا الوطن، الكل متهم بضرب البينياتا ... فـ "بينياتا" الوطن تضرب بعصا (الفساد، اغتيال الشخصية، قلة الانتماء، والتهرب من المسؤولية والمساءلة...) ، ويتسابق الجميع على مكتسباته غير ابهين لمصير (البينياتا) ، فبالنهاية تم افراغ هذه الدمية الورقية من السكاكر بنجاح وتهافت أطفال الحفل لجمع أكبر قدر من الحلويات لصالحهم الشخصي غير ابهين بشكل البينياتا بعد ان تم تمزيقها...
هذا الوطن الذي لم يعد يفهم البوصلة الأخلاقية لبعض مرتاديه، ولم يتمكن يوما من تحديد بوصلة المواطنة تجاهه ... يضربه البعض تارة ليحصل على سكاكره ومن ثم يتبرأون من جرم ضربه ليقولوا بأن "سكاكر الوطن" قد نزلت عليهم من السماء، وانهم لم يكونوا سببا في ايذاءه...
أتمنى أن تبقى (البينياتا) تراثا مكسيكيا محصورا بأعياد الميلاد، وأن لا ندرجه ضمن قائمة التراث السياسي الأردني ، فحاشا لوطن مثل وطني بأن يكون مصنوعا من ورق ، فلم أعهد صناعته الا من جلمود .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-12-2021 12:09 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |