01-01-2022 10:30 AM
فِي خِضَمِّ أَحْدَاثٍ وَانْعِطَافَاتٍ وَأَزَمَاتٍ وَتَرَاكُمَاتٍ مَرَّتْ عَلَيْنَا، نُوَدِّعُ عَامًا مَضَى بِكُلِّ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرَيَاتٍ حُلْوَةٍ وَمَرَّةٍ، مِنْ اِنْطِفَاءٍ وَتَوَقُّدٍ، مِنْ فَرَحٍ وَسَعَادَةٍ، مِنْ وَجَعٍ وَمَرَارَةٍ، مِنْ أَلْقَ وَحُضُورٌ، مِنْ اِنْكِسَارٍ وَخُضُوعٍ، مِنْ تَمُوجُ أَلْوَانَ اَلْحَيَاةِ، لَعَلَّنَا نَكُونَ فِيمَا بَيْنَنَا وَجَدْنَا أَيْنَ نَقِفُ؟ وَهَلْ كَانَتْ اَلْأَيَّامُ كَافِيهِ لِنَتَعَلَّمَ مِنْ كُلِّ مَحَطَّةٍ وَقَفْنَا فِيهَا، وَالذَّاتُ أَمَامَ اِمْتِحَانٍ أَوْ مَوْقِفٍ بَاغَتَهَا فِي لُجَّةِ اَلضَّبَابِيَّةِ اَلَّتِي تَكْتَنِفُ كُلَّ مَا هُوَ حَوْلُهَا، وَهَلْ كُنَّا حَقًّا عَلَى قَدْرِ اَلْمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاهَ أَنْفُسنَا وَتُجَاه اَلْعَائِلَةِ وَأَصْدِقَائِنَا وَمُحِبُّونَا، وَهَلْ تَأَثُّرُنَا وَأَثَرُنَا؟ وَهَلْ كَانَ لَنَا بَصَمَاتٌ فِي ذَاكِرَتِنَا وَذَاكِرَةٍ مِنْ اِلْتَقَيْنَاهُمْ، وَذَاكِرَةُ اَلْأَمْكِنَةِ، وَذَاكِرَةُ اَلْأَحْدَاثِ؟ وَهَلْ نَحْنُ مُهَيَّئِينَ لِاسْتِحْضَارِ ذَاكِرَةٍ مِنْ رَحَلُوا عَنَّا، وَتَرَكُوا إِرْثَهُمْ اَلْجَمْعِيَّ سفرًا زَخمًا، وَخَزَائِنُ مَدْفُونَةٌ لِنَنْفُضِهَا، فِي ظِلِّ عَبَثٍ وَخَرَابٍ يَغْتَالُ اَلذَّاكِرَةَ؟ وَأَيَّام طُوِيَتْ وَتُطْوَى فِي زَمَنٍ عَاصِفٍ، وَقِطَار يَلْفِظُ مِنْ عَلَى رِحْلَتِهِ عَدَدًا لَا يَعُدْ كُلُّ ثَانِيَةٍ، وَلَا تَكَاد تَرَى اَلشَّمْسُ حَتَّى يَأْتِيَ اَلْغُرُوبُ، وَأَنْتَ مَرْهُونٌ لِتَقَلُّبِ اَللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْأَمْرُ بِيَدِكَ، فَإِمَّا تَغْتَنِم اَلْفُرْصَةُ، أَوْ تَفَقُّدِهَا، فَهِيَ لَنْ تَتَكَرَّرَ، وَلَنْ تَعُودَ.
مِمَّا يَعْنِي أَنْ أَصْنَعَ نَفْسُكَ وَارْحَلْ إِلَيْهَا، فَهِيَ مُتَقَلِّبَةٌ وَأَنْتَ مِنْ يُؤَلِّفُهَا لِلْخَيْرِ أَوْ اَلشَّرِّ، لِلشُّكْرِ أَوْ اَلْجُحُودِ، لِلْكَرَاهِيَةِ أَوْ اَلْحُبِّ، لِلسِّلْمِ أَوْ اَلْحَرْبِ، لِلِانْصِيَاعِ أَوْ اَلتَّحَدِّي، لِتَتَشَكَّل دُرُوبَ اَلتَّفَاؤُلِ، وَتَبْعَثَ اَلْآمَالُ فِي اَلطَّرِيقِ، وَتَخْتَصِرَ مَسَافَاتُ اَلْمُكَابَدَةِ وَالْأَلَمِ، وَتَنْتَصِرَ عَلَى اَلظُّرُوفِ، تَغَيُّرُهَا لَا تُغَيِّرُكَ، تَحَكُّمُهَا لَا تَحْكُمُكَ، وَتُعَزِّزَ طُمُوحَكَ وَتَشَتُّتُ كُلِّ اَلتَّشَاؤُمِ اَلَّذِي يَعْتَرِيكَ.
فَالتَّعَثُّرُ وَالسَّقَطَاتُ اَلَّتِي مَرَّتْ هِيَ مِنْ تُوقِظُكَ لِتَقِف مِنْ جَدِيدٍ وَتَجْعَلكَ أَقْوَى، وَتُعْطِيكَ اَلدَّافِعُ أَنْ تَرْسُمَ اَلطَّرِيقَ مِنْ جَدِيدٍ، وَلَوْ بِخُطًى وَئِيدَةٍ تَتَهَجَّى اَلْمُسْتَقْبَلَ وَالْقَادِمَ، فَلَا خَوْف وَارْتِجَاف مَعَ اَلْإِيمَانِ وَالْإِرَادَةِ، مَعَ اَلِانْطِلَاقِ وَاسْتِحْضَارِ مَا تَظُنُّهُ مَحَالُّ، أَوْ أَنَّ مَا فِي بَطْنِ اَلْغَيْبِ يُمْكِنُ أَنْ يَسْحَقَكَ أَوْ يُقْتَلَعكَ، فَتَفَاءَلَ بِالْخَيْرِ تَجِدُهُ، إِنَّهَا اَلْحَيَاةُ وَالْمَشِيئَةُ اِلْتَصَقَ بِهَا، وَعَزَّزَهَا بِالرِّضَا وَالْحَمْدِ وَالْقَبُولِ.
تَنَفُّسُ رَائِحَةِ اَلتُّرَابِ وَانْطَلَقَ لِلْأُفُقِ، وَتَفَاءَلَ بِالصَّفَاءِ، وَاغْسِلْ أَعْمَاقَكَ وَأَرْوِيهَا بِمُفْرَدَاتِ اَلْأَلْقِ وَالْهُطُولِ، وَلَا تَسْتَلِمُ لِلْجَدَبِ وَالشُّحّ، فَإِنَّ لِلْإِدْرَاكِ وَالْمُبْتَغَى بُوصَلَةً لِلْوُصُولِ، وَانْظُرْ قَوْلَ اَلشَّاعِرِ إِيلِيَّا أَبُو مَاضِي:
هُوَ عِبْءٌ عَلَى اَلْحَيَاةِ ثَقِيلٌ مِنْ يَظُنُّ اَلْحَيَاةَ عِبْءَ ثَقِيلاً
لَا تَدَعُ اَلْوَقْتَ يَمُرُّ هَبَاءً، وَلَا تَتَغَيَّبُ، وَأَمْعَنَ اَلصَّمْتُ وَالتَّأَمُّلُ لِخُلُودِ اَلْفِكْرَةِ وَأَنْسَالهَا، وَانْدِفَاعَ وَتَدَفُّقَ قُوًى كَامِنَةٍ فِي أَعْمَاقِكَ، نَائِمَةً تَحْتَاجُ لَمِنْ يُوقِظُهَا، لِصِنَاعَةِ اَلنَّجَاحِ بَعْدَ اَلْفَشَلِ، وَالْمُضِيُّ بَعْدَ اَلتَّقَهْقُرِ، وَالْيُسْرُ بَعْدَ اَلْعُسْرِ، وَالْقُوَّةُ بَعْدَ اَلضَّعْفِ، وَاسْتِبْدَالَ اَلشَّكِّ بِالْيَقِينِ.
هِيَ اَلْحَيَاةُ رُؤْيَا وَرِسَالَةً، أَنْتَ تَوَقُّدُ شُمُوعِهَا فِي نَفَقكَ اَلْمُظْلِمَ، لِتَمَشِّي بُعْدِ اَلْخُطَى اَلْوَئِيدَةِ بِخُطًى مُتَسَارِعَةٍ وَوَاثِقَةٍ، وَتَعَجَّلَ فِي اَلْوُصُولِ لِأَهْدَافِكَ بِحِكْمَةِ اَلْوَاعِي، بَعْدَمَا كُنْتُ مُثْقَلاً بِأَحْمَالٍ اَلْمَاضِي وَأَوْجَاعِهَا، وَمَا أَصَابَ اَلْإِرَادَةَ مِنْ تَخَاذُلٍ، وَانْطِوَاءٌ، وَاسْتِسْلَام لِسُمُومٍ تَرَسَّبَتْ وَأَخَذَتْ مَدَاهَا إِلَيْكَ.
وَأَنْتَ مِنْ تُنْصِفُ نَفْسَكَ وَذَاتَكَ، وَأَنْتَ مِنْ بِيَدِكَ لِتُودَع حَيَاة اَلسُّقُوطِ وَالتَّعَثُّرِ بِقَلِيلٍ مِنْ اَلْعَزِيمَةِ، وَتَغْيِيرَ اَلْأَمْكِنَةِ اَلْمُغْلَقَةِ اَلسَّوْدَاءِ، وَتَصْنَعَ صِلَاتٌ جَدِيدَةٌ، وَأَشْخَاص قَادِمُونَ إِلَيْكَ، وَإِنْجَازَاتُ تُشْعِرُكَ بِكَيْنُونَتِكَ اَلْجَدِيدَة، فَامْضِي بِالسُّبُلِ وَاسْتَرْشَدَ اَلْمُدُنَ، وَالْخُلَّانُ، وَاصْنَعْ دَائِمًا صَنِيعًا يَذْكُرُكَ فِيهِ اَلْآخَرُونَ، حِينُهَا تَكُونُ أَنْتَ مَوْجُودٌ وَلَكَ حُضُورٌ، وَلِلَّهِ اَلْمَقَادِير، وَلَنَا أَعْمَارٌ، وَلَنَا آجَالٌ، وَلَنَا مَوْعِدُ رَحِيلٍ، وَلَنَا خُلُودٌ، خُلُودٌ فِي ذَاكِرَةٍ مُتَنَقِّلَةٍ بَيْنَ مَنْ عَرَفُونَا، وَخُلُود أخير فِي اَلطَّرِيقِ إِلَى اَللَّهِ.
وَنَدْعُو لَكُمْ بِالْأَلْقِ وَالْفَأْلِ اَلطَّيِّبِ دَائِمًا،،
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
01-01-2022 10:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |