02-01-2022 12:04 PM
بقلم :
لقد حدَّدت الأمم المُتحدة ماهية الأمن الإنساني في ضرورة تلبية الحاجات المادية الأساسية، وتحقيق التنمية المُستدامة، وتحسين حياة البشر دون إلحاق الضرر برأس المال الطبيعي، وضمان حقوق الإنسان والحكم الرشيد، والحصول على التعليم والرعاية الصحية للجميع، وكفالة إتاحة الفرص والخيارات لكلّ فرد لتحقيق إمكاناته، إلى جانب وجوب تخفيض مُعدلات الفقر وتحقيق النمو الإقتصادي، وضرورة الحدّ من الصراعات وضمان قدرة الأفراد على التمتّع بثمار التنمية البشرية في ظل بيئة آمنة تحقق إستدامة نتائجها، بما يضمن الكرامة الإنسانية.
وتُصَنَّف جائحة كورونا كواحدةٍ من الأزمات الإنسانية مُتعدّدة الأبعاد؛ يعكس ذلك قُدُراتها على الإطاحة بعددٍ كبيرٍ من البشر؛ بالإضافة إلى ما تركته من آثار سلبية على القطاعات الإقتصادية؛ حيث نتج عنها خسائر عالمية تقدر بحوالي 50 مليار دولار من إيرادات السياحة السنوية، وتبديد ما يقرب من 50 مليون فرصة عمل في هذا القطاع وتراجع حجم التجارة العالمي بانخفاضٍ يُقَدَّر بنحو 50 مليار دولار أمريكي في ظل حرمان حوالي 55% من سكان العالم من الحماية الاجتماعية وتراجع النمو الاقتصاديّ العالميّ، وبالتالي تدنّي متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، إلى جانب توقُّف حركة الأفراد، وإغلاق المدارس والجامعات وتلاشي كثير من القطاعات الصغيرة انتاجيا وتجاريا وصناعياً .
لقد شرعت العديدُ من دولِ العالمِ بتطبيقِ قانونِ الدفاع في محاولةٍ لاحتواءِ تفشي وباءِ فايروس كورونا الأمر الذي يمكّنُ السلطاتِ التنفيذيةِ من تعطيلِ القوانينِ التي قد تعيقُ عَمَلها في ظلِ الظروفِ الاستثنائيةِ التي تحيط بتفشي الوباء. ومن ضمن التدابير الاستثنائية فرضِ حظرِ التَجوالِ وتقييد حريةِ التنقلِ وإيقافِ العديدِ منَ الأنشطةِ لمكافحةِ انتشارِ الوباءِ. لكن ذلك ينبغي أن يتمَ بأضيقِ نطاق، وألا يمسَ الحقوقَ المدنيةَ والسياسيةَ للمواطنين.
لقد أجازَ القانونُ الدولي والعديدُ منَ المعاهداتِ والصكوكِ الدوليةِ، ومنها المادة( 4 ) منَ العهدِ الدولي الخاصِ بالحقوقِ المدنيةِ والسياسية، تقييد جزءٍ من حقوقِ الأفرادِ في حالاتِ الحرب، وفي حالاتِ تفشي الوباء أو الكوارثَ الطبيعيةِ أو غيرها منَ الظروفِ الاستثنائيةِ التي تهددُ حياةَ الأمةِ والسلمِ المجتمعي، وهو ما ينطبق على الوضع الراهن. وتشمل الحقوق التي يمكن تقييدها، الحق في حريةِ التعبيرِ وحق التجمعِ لأغراضٍ مشروعة، لكن تلك التقييدات ينبغي ألا تؤثرَ على جوهرِ الحقوقِ المتأصلةِ في الامن الإنساني، وألا يتمَ المساسُ بالحقوقِ المنصوصِ عليها في الفقرةِ الثانيةِ منَ المادةِ الرابعةِ منَ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومنها الحقِ في الحياةِ، وعدمِ إخضاعِ أيِ شخصٍ للتعذيب.
ان نفاذ قانون الطوارئ في كثير من الدول أدى الى تجميد بعض الحقوق البشرية بشكل مؤقت كحق التجمع وعدم السماح باستخدام المرافق العامة واداء العبادات بشكل غير تعسفي كالمساجد والكنائس والاسواق، والمرافق العامة، وهي كلها قيود على الامن الإنساني الذي يُشكل تقييداً لهم وعد القدرة على حصولهم على ما يتطلعون اليه حتى يمكنهم من العيش بكرامة ، ناهيك عن حرمانهم من اداء أعمالهم اليومية مما ساهم في تشكيل حالة من الفقر والعوز والحرمان وهو ما مس امنهم الإنساني بشكل مُباشر وكبير ، وجعل ايرادهم يتوقف بشكل تام، فيما لم توفي الحكومات بواجباتهم تجاه هولاء الا بالشئ اليسير الذي لا يسد إحتياجاتهم اليومية وإحتياجات أطفالهم ، وقد تم تهديد الامن الإنساني مرات عدة خلال جائحة كورونا ، حيث أصبحت حالات الوفاة تتجاوز المعقول في مُقابل وقوف الدول مكتوفة الايدي بدون أي إجراء يجعل أمنهم الانساني بعيداً عن الخطر ، حتى ان كثير من البشر ماتوا جراء قلة الادوية وعدم توافر الاسرة والعلاج والرعاية اللازمة، فيما لم يتمكن البعض الاخر من السفر جراء عدم قدرته على توفير ثمن تكاليف السفر مما جعل امنه الانساني في خطر جراء الجوع وعدم توافر فرص العمل ،وتلاشي الفرص التي قد تكون املاً في ان يكون غداً افضل مما كان امس .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-01-2022 12:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |