02-01-2022 12:06 PM
بقلم : د . المحامي جهاد الجبور
لا شك أن هذا العنوان كبير جداً تشريعياً ووطنياً ومرحلي له امتداده الغير محدود يحتاج إلى أكثر من مقال أو وقفة أو عرض موجز في عجالة كما هو لطرحي أو غيري ممن تناول هذا الموضوع أو سيتناوله .
وهنالك حقائق لا بد من الإشارة لها قبل الدخول في ما هية هذه التعديلات من المنظور القانوني الدستوري كوجهة نظر للكاتب كحق دستوري لحرية الرأي والتعبير ولحبه للمعلومة القانونية ولمعرفته لبعض حروفها .
الحقيقة الأولى : بأنّ اللجنة الملكية التي صاغت هذه التعديلات والسلطة التنفيذية التي قدمت مشروعها للسلطة التشريعية ولجنتها القانونية هي التي تعلم بموجبات ومسببات وضرورة هذه التعديلات وهي مجتمعه الأعلم بما سترتبه من آثار وضرورات وسلبيات و إيجابيات ستنعكس على الحياة للدولة الأردنية في جميع مناحيها , وهو ما بأن جلياً في بداية ظهور هذه التعديلات للعلن دون الإلمام بها من الأمة مصدر السلطات ووضعها على سكة مسارها التشريعي .
الحقيقة الثانية : يتمثّل في التناقض المباشر والصارخ بين أقوال السلطة التشريعية وأفعالها كصاحب اختصاص أصيل متمثلاً في مجلس النواب الموقر كمرحلة أولى لهذه السلطة من خلال ما صدر عن رئيس المجلس الكريم بعد فوزه بالرئاسة بقوله لن يتم ( سلق ) أي موضوع خلال رئاسته للمجلس وما صدر عنه وعن زملائه أعضاء هذا المجلس في الجلسة الأولى لمناقشة هذه التعديلات والتي شاهدها الكثير من أفراد هذه الأمة وبعدها أصبحت حديث بقية الأمم والتي لم تكن في جوهرها السبب المباشر في ما دار في الجلسة ولا تمت لها كنتيجة صادمة , كما أظهرت التوتر بين الرئاسة للمجلس وأعضائه ورئاسة اللجنة القانونية وأعضاء المجلس بشكل مستغرب , ومحاولة البعض بإيصال رسالة مفادها أن هنالك أمر يدبر بليل وبأن هذه التعديلات سر محمي للّجنة القانونية فقط لمجلس النواب فهم لا يستطيعون الادّعاء بذلك فمن البديهيات للنائب المعرفة والمتابعة لما يدور في الدورة ولو كان خارج أي لجنة مختصة حيث نصت المادة ( ٦٤ ) من النظام الداخلي لمجلس النواب ( لكل نائب حق حضور جلسات اللجان التي لا يكون عضواً فيها , وله ان يناقش المواضيع المطروحة على البحث وتقديم الاقتراحات دون ان يكون له حق الإشتراك في التصويت ) , فلا عذر لهم وهم الممثلين للشعب الذين يحق لهم ابتداء قبول أو رفض هذه التعديلات الدستورية , فالشعب أوصلهم لمعرفة ما لا يعرف من قبله وبالتالي إتخاذ قراره الذي سيتحمل نتائجه الجميع .
الحقيقة الثالثة : وهي الأهم التي ستوصلنا إلى صلب موضوع هذه التعديلات هو نفسها من حيث لزومها أو عدمه للدستور الأردني لعام ١٩٥٢ والذي عُدّل في عهد المغفور له إن شاء الله الملك الحسين تسعة تعديلات وخلال السنوات العشر الأخيرة أربع مرات ( 2011 , 2014 ,2016 ,2021 ) مقارنة على سبيل المثال للدستور الأمريكي والذي أعتمد عام ١٧٨٧ م ( ٢٧ ) تعديلاً , فالدستور كما يعرف الأغلب بأنه هو رأس الهرم القانوني وهو الأسمى في قوانين الدولة فنحن بغنى عن ما لا يلزم بالمجمل والمثاليات النظرية ومثالها النص الدستوري لأحد الأنظمة العربية التي تنص في مادته الثانية والتسعون على أنه ( يسهر رئيس الجمهورية على احترام الدستور وهو يضمن السير المنتظم للسلطات العامة وبقاء الدولة ) ، في حين يسهر ملايين المواطنين أصحاب هذا الدستور في البرد والجوع وخيم اللجوء .
فحري بمشرعنا الكريم أن يتحرى كل ما من شأنه أن يجنّب الوطن أي ردة فعل حتى لو كانت تغضب طفله الرضيع ؟
وبعد تلك الحقائق السابقة سأستعرض أهم ما ورد في هذه التعديلات بمنتهى الإيجاز والاختصار وبشكل مباشر .
أولا : تابعنا الجلسة الأولى للمجلس والتي تم فيها التطرق للتعديل الدستوري الأول والذي كان له ما له وعليه ما عليه من إضافة كلمة الأردنيات على عنوان الفصل الثاني ( حقوق الأردنيين وواجباتهم ) فبكل بساطة كان السؤال الرئيس والمهم لرئيس اللجنة القانونية من أي عضو لمجلس النواب المبجل هل سيرتب ذلك تشريعياً تعديلاً دستورياً مستقبلي ولباقي القوانين والتشريعات الأردنية لتتوافق مع هذا التعديل كونها وردت لعنوان فصل وليس لمادة , أم إن ذلك مقتصر دون قصد مبطن أو وروده كاجتهاد فقط , وعليه يكون الموقف لمشرعنا الكريم واضح جلي لا لبس فيه , فإذا مطلوب التوافق فيجب أن يتم العلم بذلك وذكر الأسباب والموجبات لذلك وتحدد المواقف المؤيدة والرافضة على ذلك الأساس , واذا كان اجتهاد تشريعي وهو المستبعد فهو قانوناً لغو تشريعي وتزيد وإضافة لا لزوم لها ومن السهولة الوصول لرأي بالإلغاء ولا تحتاج لذلك الجدل القانوني والاصطلاحي والتشكيك وما جرى , وهذا هو رأيي القانوني وقناعتي فقط ويشمل كافة التعديلات اللاحقة والرأي الأول والأخير هو حتماً لمشرعنا الذي نحترم .
ثانياً : التعديل الثاني الوارد دستورياً على نص المادة السادسة سواء بالإلغاء أو الإضافة لذوي الإعاقة والمرأة والشباب فلا مانع له أو فيه لُبس .
ثالثا : فيما يتعلق بتعديل المادة ( ٣٢ ) من الدستور فكون الملك وفق المادة ( ٣٠ ) بأنه هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية يتناقض مع التعديل الوارد بإضافة أن الملك هو رئيس مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية واذا كان لا بد منها كضرورة ولأسباب لا نعلمها فالأسلم ان تكون وفق المادة (32 ) بنفس الصيغة ( الملك هو القائد الأعلى للقوات البرية والبحرية والجوية ومجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية ) .
رابعاً : التعديل الوارد على الفقرة ( ٢ ) من المادة ( ٤٠ ) من الدستور طبيعية كما هو حال التعديل الوارد على المادة ( ٤٤ ) من الدستور في حين أن أخطر ما في هذه التعديلات الدستورية إلغاء الدور الرقابي لمجلس النواب على أعمال الحكومة اذا ما تم تمرير وإقرار هذا التعديل في المشروع على نص المادة ( ٥١ ) من الدستور بالإلغاء .
خامساً : بخصوص تعديل المادة ( ٥٢ ) طبيعية بحكم عدم العمل بها منذ زمن بالجمع بين الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب .
سادساً : إن تعديل المادة ( ٥٣ ) بالإلغاء لعبارة عشرة أعضاء لهو إصرار على محاولة نزع الرقابة البرلمانية عن عمل الحكومة وفيه إخلال للتوازن بين السلطات والتغول المقصود على دور مجلس النواب بإضافة عبارة ٢٥% من أعضائه فطرح الثقة يحتاج حالياً فقط لعشرة أعضاء وفي التعديل سيصبح بمعدل ( ٣٢,٥ نائب ) فلماذا هذا التغول والدخول في الكسور الحسابية التي ستدخل المجلس في فلك المحكمة الدستورية والكثير من السلبيات المقصودة لهذا التعديل مع إجازة التعديلات الدستورية اللاحقة .
سابعاً : تعديل المواد ( ٥٤ و ٥٦ ) مقبولاً ولا بأس به لتقرير الواقع الفعلي .
ثامناً : التعديل الوارد على المادة ( ٥٩ ) لا ضرورة له بالنسب المئوية والأغلبية هو المستساغ قانوناً لصورته الجلية الواضحة .
تاسعاً : من أجل استقامة النص لا مانع من تعديل المادة ( ٦٠ ) مع أن تكون النسبة المئوية مخرجها عدد صحيح وكذلك تعديل المادتين ( ٦١ و٦٤ و ٦٧ ) , والمادة ( ٦٩ ) المتناولة لمدة الرئاسة لسنة او سنتين فأعضاء مجلس النواب هم الأقدر على تقرير و تقديره ذلك على ضوء ما تعاملوا معه في هذا المجلس بدوراته السابقة .
عاشراً : مع الوقوف بتعزيز دور الشباب في الحياة العامة إلا أن التعديل الوارد على المادة ( ٧٠ ) بخصوص عمر عضو مجلس النواب وإنقاصه من ثلاثين عاماً إلى خمس وعشرين سنة لا يستقيم مع الخبرة المطلوبة للدور التشريعي والرقابي لذلك العضو والإبقاء على ما هي عليه أصوب , مع التوافق مع التعديلات المتبقية الواردة على المواد ( ٧١ و٧٢ و٧٤ و٧٥ ) من الدستور الأردني .
وخلاصة الرأي لدي بأن التعديلات الدستورية جاءت في هذه الظروف الصعبة لأغلبية الأمة بالبحث عن لقمة العيش اليومية فقط وأصحاب الرأي والفكر والقرار النافذ بين عالم وأعلم وجاهل وأجهل بها .
نسأل الله العزة والقوة لديننا الحنيف ، ولقيادتنا الهاشمية الأبية ومليكنا المفدى عبدالله الثاني وولي عهده الأمين ، وأن يجنب وطننا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-01-2022 12:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |