05-01-2022 03:44 PM
بقلم : الدكتور غالب توهان الجبور
بداية أنا لست طرفاً محايداً فيما أود الإشارة إليه، فما هو مكتوب أخاطب نفسي به قبل أن أخاطبكم.
من كان يحرص على التقاط الصور لأحداث المناسبة أكثر من حرصه على أن يعيش المناسبة هو شخص جعل للحياة الافتراضية أهمية أكبر من الحياة الفعلية، فأنت انسان من لحم ودم ومشاعر قبل أن تكون صورة مبتسمة على أغلفة مواقع التواصل، وقد أتصور عشرات الصور بوجه مبتسم وقلبي يبكي من الداخل، العالم الافتراضي عالم خالي من المشاعر وان كثرت به قلوب الحب المرسومة، فالتواصل على أرض الواقع هو ما ينقل المشاعر، ألا تعلم أن تأثير الكلمات على الآخرين يبلغ 7% فقط سواءً كانت مكتوبة أم منطوقة، و 38% لنبرة الصوت، و 55% للغة الجسد ( والتي يتم من خلالها نقل المشاعر والأحاسيس) وهذه النسب جاءت بناءً على دراسات.
معنى ذلك أننا ضحينا ب 93% من أجل أن نعيش على 7% نعبر من خلاله عن أنفسنا، وأرتضينا بهذا الشكل من التواصل.
ألم تسألوا أنفسكم لماذا تتدفق المشاعر الإنسانية عبر مواقع التواصل، وتجف عبر قنوات الاتصال الطبيعي ،فأصبح الشخص قوي في التعبير عن نفسه الكترونياً وضعيف في التعبير عن نفسه واقعياً، أنا أجيبكم
هناك قانون لعالم فرنسي اسمه (لامارك) وهو قانون الاهمال والاستعمال وملخص القانون أن أعضاء الكائن الحي تضمر بالإهمال (قلة استعمالها) وتقوى بالاستعمال ( كثرة استعمالها) فقلة التعبير عن المشاعر الإنسانية على أرض الواقع هو سبب جفافها (إهمال) لذلك هي ضعيفة وكثرة التعبير عن المشاعر الكترونياً هو سبب تدفقها (استعمال) لذلك هي قوية.
يقول الشاعر
والعين تعلم من عيني محدثها... إن كان من حزبها أم من أعاديها
أقول للشاعر ليس للكلمات التي نقرأها على صفحات التواصل عيون فأعذرنا إن لم نستطع أن نميز بين الصديق والعدو.
الناس متفاوتين من حيث التأثر بتكنولوجيا التواصل، فمنهم من هي جزء من اهتماماته وهذا مناسب ومنهم من هي أهم أولوياته وهذا يستوجب الحل، فلنستفد من ايجابيات التكنولوجيا ونطوعها لصالحنا وإلا أصبحنا مثلها آلات خالية من المشاعر والأحاسيس.