حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,23 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2368

السياسة والمبادئ

السياسة والمبادئ

السياسة والمبادئ

08-01-2022 10:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رياض خليف الشديفات
كلمة السياسة جاءت من المصدر ساس يسوس: بمعنى دبر ويدبر ، وهي تعني تدبير شؤون المجتمع وفق ما يحقق مصالحه ، ويحفظ أمنه واستقراره ، ويلبي تطالعاته وطموحاته بصورة يقبل بها أفراده ، ويقال عن السياسة: أنها فن الممكن ، والتعامل مع المتغيرات وفق معطياتها .
وتنطلق السياسة من منطلق المصالح ، لكن الإشكالية حين تصطدم مع المبادئ ، هل تقدم المبادئ على المصالح أم تقدم المصالح على المبادئ؟ وهذه إشكالية كبيرة في الواقع المعاصر ، فأصحاب المصالح والفلسفة النفعية " الميكيافلية " يقدمون المصالح على المبادئ على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة ، وغالب الأحزاب والنظم تسير حسب هذا الاتجاه ، ولهذا تجد العلاقات الإنسانية ، والمشاعر تغيب في الصراعات بين القوى عندما تتعارض مع مصالحهم ، وغالب العلاقات الدولية من هذا القبيل .
أما أصحاب العقائد فهم يتعاملون مع السياسة وفق المبادئ والقيم ، فإذا تعارضت السياسة مع القيم ، يقدمون المبادئ على المصالح ، وهنا تظهر المفارقة عند بعضهم حين يقدم المصلحة على المبدأ ، فيحدث التناقض ، وحقيقة الأمر في عالم السياسة في العالم المعاصر أنها تخضع لمعايير المصلحة على القيم ، وغالبا ما يكون السياسي أشبه ما ممثلاً بارعاً يحسن تمثيل الأدوار بصورة متقنة ، فتراه مرة مثال الإنسانية ، ومرة قد يظهر في صورة الذئب الذي لا يعرف الرحمة والإنسانية .
ونحن في عالمنا المعاصر نعيش بين هذين النموذجين من المواقف التي تدعو للحيرة ، لكن عالم السياسة بكل صراحة عالم مليء بالخداع ، وتقلب المواقف ، فما كان بالأمس حليفاً يمكن أن يعتمد عليه ،فسرعان ما تتغير حساباته وفق حسابات الربح والخسارة ، فلا عدو دائم في عالم المصالح ، ولا صديق دائم في حساباتها ، ولا مكان فيه لمنظومة القيم إلا بمقدار ما تجلب له هذه القيم من منافع ، وهذا ما نراه من سياسات تطبق في مختلف ميادين الحياة ، فالمساعدات الإنسانية لها دوافع ، وما يسمى بالمنح ، أو الهبات إنما تكون مشروطة مقابل تنازلات أو مقابل مواقف حتى لو تعارضت مع القيم وفلسفة المجتمع ، وهذا ما يفسر السياسة النفعية في العلاقات بين الدول والأفراد في هذا الزمن .
وهذا المنطق يفسر فشل الكثير من الأحزاب في الخروج بسياسات ناجحة قادرة على الجمع بين المصالح والمبادئ ، لأن الجمع بينهما يوقع تلك الأحزاب بالتناقض والحرج ، وكيف يجمع بين الشيء ونقيضه ؟ وهل تستطيع هذه الأحزاب إدارة الحياة بطريقة مدنية مع وجود كل هذه المتناقضات ؟ إن الجمع بين المتناقضات في عالم شديد التعقيد في تشابك المصالح ، وفي تعدد المرجعيات ، وكثرة الاتفاقيات يبعث على القول إن عالم السياسة يصعب الجمع بينه وبين عالم القيم والمبادئ











طباعة
  • المشاهدات: 2368
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم