08-01-2022 01:17 PM
بقلم : د. دانييلا القرعان
يعني الحق في الصحة أن الحكومات المتعاقبة يجب أن تهيئ الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان، وتتراوح هذه الظروف بين ضمان توفير الخدمات الصحية وظروف العمل الصحية والمأمونة والإسكان الملائم والاطعمة المغذية، ولا يعني الحق في الصحة الحق في ان يكون الانسان موفور الصحة، وقد تم التأكيد على هذا الحق في الصحة في الكثير من معاهدات حقوق الانسان الدولية والإقليمية وفي الدساتير الوطنية في جميع انحاء العالم.
ويقضي التعليق العام بأنّ الحق في الصحة لا ينطوي على توفير خدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب فحسب، بل ينطوي أيضاً على محددات الصحة الدفينة، مثل توفير المياه النقية والصالحة للشرب ووسائل الإصحاح الملائمة وإمدادات كافية من الأغذية والأطعمة المغذية المأمونة والمساكن الآمنة وظروف مهنية وبيئية صحية وتوفير وسائل التثقيف الصحي والمعلومات الصحية المناسبة.
لا يستطيع الإنسان العيش في المجتمع بكرامة واستقرار وطمأنينة وأمن وأمان إلا إذا تحققت حماية الضرورات الخمس التي أقرتها الشريعة الإسلامية السمحاء الغراء. وهي: الدين، النفس، العقل، النسل، والمال. والدولة ملزمة بتوفير هذه الضرورات في المجتمع وحمايتها والمحافظة عليها ليتمكن الناس من العيش بأمن وأمان وطمأنينة واستقرار، وإذا انتفت واحدة من هذه الضرورات فإن المجتمع يضطرب وتعمه الفوضى وعدم الاستقرار. ويمكن القول بأن صحة الإنسان مرتبطة ارتباطاً مباشراً بثلاثٍ من هذه الضرورات، وهي: النفس، العقل، والنسل؛ لأن انتفاء الرعاية الصحية سيؤثر سلباً في النفس والعقل والنسل، وما دامت الدولة ملزمة بتوفير هذه الضرورات فلا بد من أن تتبنى الدولة الرعاية الصحية. وهناك العشرات من أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومن أفعاله التي تحث على الاهتمام بالصحة ورعايتها، والتي تؤكد أن ولي الأمر ملزم بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين.
إن عدم توفير الطب لمجموع الناس يؤدي إلى ضرر محقق، وان إزالة الضرر في المجتمع من واجبات الدولة لقوله (صلى الله عليه وسلم) «لا ضرر ولا ضرار»، وأقر رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وسلم) مبدأ الحجر الصحي وقاية من الأمراض المعدية، وظهر ذلك جلياً بشأن مرضى الطاعون والجذام سابقا وحاليا فيروس كورونا.
بدأ الاعتراف بحق البشر في الرعاية الصحية بداية وفق احكام الشريعة الإسلامية وفي المواثيق الدولية ودساتير العالم الدول العربية، ودستور منظمة الصحة العالمية، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، ومنظمة العمل الدولية، وصرحت دساتير 115 دولة في العالم بحق مواطنيها بالصحة والرعاية الصحية.
يشكل الدستور الأردني استثناء لجميع الدساتير العربية، وهو من الدساتير القليلة التي تخلو من النص على حق المواطن بالرعاية الصحية رغم التعديلات المتلاحقة التي لحقت به وآخرها تعديل 2022. الذي خلا من النص على حق الرعاية الصحية لجميع الأردنيين، وكان الاجدر بهم الاهتمام بهذا الموضوع، وعند المقارنة بدستور 1952 منح الأردنيين الحق في التعليم في المرحلة الأساسية والحق في العمل، ولم يأت على ذكر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، وأهمل تماما حق المواطنين في الصحة، لكنه وضع تشريعا في قانون العمل بتعويض العمال في حالة المرض. مع التعديلات الدستورية والتي كانت ب 1958 1960 1965 1973 1974 1976 1984 2011 2014 2016، لم تأت هذه التعديلات باستثناء تعديل 2011 بإضافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والذي جاء تعديله استجابة للضغوط الشعبية حيث شمل التعديل في م6/5 إضافة واجب الدولة حماية الطفولة والشيخوخة والأمومة، وجب عليه شمول الأطفال والمسنين بالتأمين الصحي المدني المجاني.
تعديل دستور 2011 لم يرق الى المستوى الذي يتمتع به مواطنو العالم، ولكنه حقق نوعية في حقوق الأردنيين الاقتصادية والاجتماعية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-01-2022 01:17 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |