حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4342

إتجاهات الإصلاح السياسي من مفهوم ما بعد الحداثة

إتجاهات الإصلاح السياسي من مفهوم ما بعد الحداثة

إتجاهات الإصلاح السياسي من مفهوم ما بعد الحداثة

09-01-2022 10:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

إتجاهات الإصلاح السياسي من مفهوم ما بعد الحداثة
ماهية الإصلاح السياسي .

إن الإصلاح السياسي هـو الخيـار الـذي لابـد منـه لعـلاج الأزمـات والفسـاد السياسـي المتفشـي فـي الكثير من الدول ، فقد أصبح الإصلاح السياسي جزءا رئيسيا من قاموس النخـب السياسـية والفكريـة .
والإصـلاح السياسـي هنـا لـيس مقصـودا لذاتـه بقـدر أهميتـه فـي بنـاء حيـاة ديمقراطيـة حقيقيـة تكفـل ضمان أكبـر
قدر من الحريات وتطبيق حقوق الإنسان وهو ما يدفع إلى أوضاع مستقرة داخل الدولة .

مفهوم الإصلاح السياسي .

يختلط مفهوم الإصلاح مع العديد من المفاهيم المشابهة له ( كالتنمية ، التحديث ، التغيير...) .

- مفهوم الإصلاح السياسي :

ومنه فان الإصـلاح السياسـي فـي اللغـة يعنـي الانتقـال مـن وضـع فاسـد إلـى وضـع صـالح فعمليـة الانتقــال مــن وضــع إلــى وضــع آخــر تتطلــب تقلــيص الفــارق بــين الأزمــة – الواقــع الفاســد والحالــة
النموذجيـة المرجـوة ممــا يجعـل مــن قضـية الإصــلاح عمليـة مركبــة ومعقـدة تســتمد مشـروعيتها مــن
(الأهمية التاريخية المرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية لأي بلد ) .

أما فيما يخص التعريف الاصطلاحي لمفهوم الإصلاح السياسي :

تعريف الإصلاح السياسي من المنظور العربي :

لقـد عرفـت الموسـوعة السياسـية العربيـة الإصـلاح السياسـي علـى أنـه " : تعـديل أو تطـوير غيـر جـذري فـي شـكل الحكـم أو العلاقـات الاجتماعيـة دون المسـاس بأسسـها ، وهـو بخـلاف الثـورة التـي ينجـر عنهـا المسـاس بأسـس النظـام السياسـي القـائم ، وعـادة مـا يسـتعمل الإصـلاح السياسـي لمنـع الثورة من القيام


أولاً: الهندسة الدستورية

لا مراء في تلمس أهمية الهندسة الدستورية عند تنظيم الدولة، والحكومة، أو المجتمع فمن خلالها يجري تقسيم السلطات السياسية والحد منها، من أجل إضفاء الشرعية على مصدرها ومجال عملها، وأخيرا لضمان التناغم بين مسارات التغيير والنظام ضمن نسق مؤسسي ومظهر ثقافي فاعل.

إلى جانب ذلك، تتأكد الحاجة إلى الهندسة الدستورية لتثبيت ركائز السلطة السياسية من حيث هي (أي الهندسة الدستورية) تأكيد صميمي للتفاعل الوثيق بين القانون والسلطة.
في ضوء ذلك، ومع انتقالنا لمناقشة بعض جوانب الهندسة الدستورية وعلاقتها بالسلطة السياسية. نجد أن السلطة السياسية بوصفها المالك الوحيد لوسائل الإكراه الشرعي تتطلب:

‌أ. تنظيمها من خلال تركيزها وتوزيع المسؤوليات والمهام.

‌ب. إضفاء الشرعية على صاحب السلطة السياسية و ممارساته.

‌ج. تاطير تنظيم السلطة عن طريق القانون.

‌د. تحقيق التوازن بين التغيير والنظام داخل السلطة السياسية، وهو ما يهمنا في موضوعة هندسة الدستور وحمايته.



أ. تنظيم السلطة السياسية:

تعرف السلطة بكونها اختزال لعلاقة القوة المتواجدة ضمن حدود الطاعة والمقاومة المفوضتين. ويمكن استكشاف تلك القوة في حالة السلطة السياسية في حيازة وسائل معينة ، هي وسائل الإكراه التي تستخدمها عادة لفرض ولايتها على الرغم من مقاومة الآخرين لها.
وبالمثل، فإن السلطة السياسية لا تتميز بحيازة وسائل الإكراه فحسب، ولكن باحتكار استخدامه كذلك. وهذا ما يفسر أهمية تنظيم وضبط مسارها ليس في حالة مركزتها وتركيزها فحسب، بل وفي حالة تقسيمها وتحجيمها عند توزيع قدراتها ووظائفها.

ب. إضفاء الشرعية والمشروعية على السلطة السياسية:


لا يكفي السلطة السياسية احتكارها القوة فقط، بل تحتاج أيضا إلى شرعنة مصدرها وأهدافها. والسلطة السياسية هي شرعية طالما حققت مصالح الحكام والمحكومين على حد سواء هذا من جانب. ومن جانب أخر فان هذه السلطة تكتسب الشرعية طالما استمدت مصدرها من إرادة شعبية استحصلت من قبول عام بها، في صيغة عقد مبرم سلفا.

بالنتيجة، يجب أن تستخدم السلطة السياسية وفقا للقانون. ومن هنا تشير الشرعية إلى مصدر السلطة، في حين يشير مفهوم المشروعية إلى طريقة ممارسة السلطة. في السابق كان يستلزم من أولئك الذين يملكون السلطة السياسية ممارستها بصورة شرعية بدلالة توافر عنصر الرضا الشعبي بها، واليوم يستلزم منهم أن يفعلوا ذلك بشكل قانوني. وبالتالي، يجب أن تكون السلطة السياسية شرعية وقانونية على حد سواء.

ج . الحد من السلطة السياسية:


لنتذكر في هذا المقام مقالة: "إذا كان البشر ملائكة ، فلن تكون الحكومة ضرورية. وإذا كانت الملائكة هي من يحكم البشر ، فلن يكون ثمة حاجة للضوابط الخارجية والداخلية لعمل الحكومة."
ومن جانب آخر، إن الهدف الرئيس من الدستور هو تفويض الحكومة أمر المحكومين وتنظيمها بداعي حماية الشعب: "إن الغاية من هيكلة الحكومة هو لكي يحكم فيها رجال رجالا آخرين، بيد إن الصعوبة تكمن في وجوب تمكين الحكومة من السيطرة على المحكومين، ومن ثم إجبارها في المرحلة التالية على ضبط نفسها. وإذا كان الاعتماد على الشعب هو، بلا شك، الوسيلة المثلى للسيطرة على الحكومة، فان التجربة قد علمت البشرية ضرورة الاحتياطات المساعدة. "

د. التغيير والنظام في السلطة السياسية:

أخيرا، وكما لاحظنا، أن الهندسة الدستورية ليست مهتمة فقط في الحفاظ على الضبط الاجتماعي فحسب، ولكن في تشجيع التغيير الاجتماعي كذلك. فالضبط الاجتماعي مرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن واليقين. ولكن عندما يكون حفظ هذه على حساب المساواة والعدالة، والحرية، يفرض التغير الاجتماعي، لوضع نهاية لعدم المساواة، والظلم، والقهر. كذلك، فإننا نجد قوى مختلفة داخل الدولة والحكومة والمجتمع، بعضها محافظة ترغب في الإبقاء على الوضع الراهن، وأخرى ترغب في إلاصلاح، وتشجع التغيير والتقدم.

ويعبر (ريكاسينس سيجس) عن هذه الحقيقة ببلاغة بالقول: "إذا كان القانون يسعى -من جانب- لتحقيق الطمأنينة والأمن والثقة، فانه من جانب آخر يسعى لتلبية الاحتياجات الناشئة عن التغيرات الاجتماعية والرغبة في التقدم. لذا، وفي الوقت الذي يظهر فيه القانون مستقرا فان هذا لا يعني انه غير متطور، بل على العكس، لا بد من التغيير المتناغم مع الاحتياجات الاجتماعية والظروف المستجدة. إن كمال الأمن يعني جمود المجتمع التام. والتغيير المستمر، من دون ضبط عناصره ونظمه قد يجعل الحياة الاجتماعية مستحيلة ".


ثانيا: الحماية الدستورية

الهندسة الدستورية بحد ذاتها لا تكفي إذا لم تستكمل بتوفير الحماية لنصوصه، فلا يتحقق الغرض من تصميم الترتيبات المؤسسية إذا تركت لمتاهات الفرصة. وإذا ما كان القلق حول ضرورة تحجيم السلطة غائبا في العصور السالفة، فان منهجة المفاهيم والأفكار المتعلقة بالأطر العامة لآليات الحماية الدستورية التي أنشئت تدريجيا في صراع مستمر ودائم لم تبدأ إلا في الثلاثينيات من القرن المنصرم.

وقد بدأ اختبار فاعلية الصيغ المختلفة لحماية الدستور وصيانته يأخذ حيزه من الاهتمام على يد (كارل شميت) في كتابه "حامي الدستور" وكذلك (هانز كيلسن)الذي رد عليه بصراحة في كتابه "من الذي ينبغي أن يكون حامي الدستور؟". ومنذ ذلك الحين أضحى تطور فكرة الدفاع عن الدستور -في المجالات الفقهية والتشريعية والقضائية- هائلا. وفي الطريق ذاته تقف اليوم مفاهيم العدالة الدستورية أو القضائية ،والضوابط والضمانات الدستورية على أرضية مشتركة.


إنَّ النموذج الأنسب لمستقبل أي دولة، لابد أن يتأسس على المعايير الدولية في صناعة وهندسة دستور ديمقراطي يتبنى المبادئ الدستورية الكبرى: مبدأ سيادة الشعب، مبدأ الفصل بين السلطات، مبدأ شرعية السلطة، مبدأ خضوع الدولة للقانون "مبدأ المشروعية"، مبدأ استقلالية القضاء، مبدأ الاعتراف بحقوق الأفراد وحرياتهم. ولن تكون هناك سياسة عادلة للعلاقة بين السلطة والحرية بلا هندسة دستورية، تقيم العدل مؤسسات وآليات وتهندس للمعادلة بين علائق الدولة بالفرد، والسلطة بالحرية حدودا وضمانات، ولذلك أصبحت مناهج ومقومات الهندسة الدستورية طابعا مميزا للدولة الحديثة .

الدكتور هيثم عبدالكريم الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة











طباعة
  • المشاهدات: 4342
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
09-01-2022 10:26 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم