12-01-2022 12:19 PM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
يتضمن مشروع تعديل الدستور الأردني لعام 2021 أحكاما تشريعية سيكون نفاذها بأثر مستقبلي، وليس بأثر فوري مباشر كما هو المبدأ العام في مجال تطبيق القواعد القانونية من حيث الزمان. فالمادة (93/2) من الدستور تنص صراحة على أن سريان القاعدة القانونية يبدأ من تاريخ إصدارها من جانب الملك ونشرها في الجريدة الرسمية ما لم يحدد النص القانوني نفسه مدة زمنية معينة لبدء العمل به.
ومن خلال استعراض التعديلات الدستورية المقترحة التي يناقشها مجلس الأمة هذه الأيام، نجد بأن عددا منها سيتأخر نفاذها وتطبيقها عن باقي النصوص الدستورية المعدلة. فالمادة (84/3) المقترح إدخالها إلى الدستور تنص صراحة على أن يتم تعديل القوانين الناظمة للانتخاب، والأحزاب السياسية، والقضاء، والهيئة المستقلة للانتخاب، وديوان المحاسبة، والنزاهة ومكافحة الفساد، والجنسية، والأحوال الشخصية بموافقة ثلثي الأعضاء في كلا المجلسين، وأن تطبيق هذه المادة سيبدأ اعتبارا من مجلس الأمة التالي للمجلس الذي يقر إضافتها.
وتتمثل الحكمة التشريعية في تأجيل سريان هذا النص الدستوري المتعلق باشتراط أغلبية خاصة لتعديل هذه القوانين ذات الطبيعة الدستورية في تمكين مجلس الأمة الحالي من الموافقة على قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب، الذين تقدمت بهما اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وذلك قبل البدء بتطبيق هذه الأغلبية الخاصة.
فهذان القانونان لن يكونان مشمولين بأغلبية الثلثين المطلوبة لإقرارهما بموجب النص الدستوري المعدل، وهذا من شأنه أن يبعث الراحة والطمأنينة بأن مجلس النواب الحالي لن يتم حله في القريب العاجل، وبأنه سيقوم بإقرار قوانين الانتخاب والأحزاب السياسية والهيئة المستقلة للانتخاب وفقا للقواعد التشريعية العامة خلال عمره الدستوري. والقول بخلاف ذلك يعني أن نص المادة (84/3) من الدستور التي تشترط أغلبية الثلثين لإقرار هذه القوانين ستدخل جيز النفاذ، وستكون واجبة التطبيق على هذه القوانين السياسية.
ومن المواد الدستورية الأخرى التي جرى تعليق نفاذها على المستقبل التعديل المقترح على المادة (76) من الدستور، والذي يقضي صراحة بأن الأعضاء في مجلس الأمة يتقاضون مخصصات العضوية وفق أحكام القانون، وبأنه إذا جرى تعديل هذه المخصصات فلا ينفذ إلا بدءا من مجلسي الأعيان أو النواب التالي للمجلس الذي أقر التعديل في قيمة المخصصات.
وتتمثل الحكمة الدستورية في عدم نفاذ أي زيادة في مخصصات العضوية بأثر فوري مباشر في عدم إصدار أعضاء مجلسي الأعيان والنواب لقرارات تخدم مصالحهم المالية الخاصة بهم، واتفاقهم على رفع قيمة المبالغ المالية التي تصرف لهم كمخصصات مقابل عملهم في السلطة التشريعية. فأحسن المشرع الدستوري في تعليق نفاذ أي قرار يتعلق بزيادة المخصصات وسريانه على المستقبل فقط في مواجهة مجلس النواب التالي للمجلس الذي يقرر زيادة هذه المخصصات.
ويبقى التعديل الدستوري الأخير الذي سينفذ بأثر مستقبلي يتعلق بإعادة النظر في المادة (112) من الدستور لصالح دمج مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية في قانون واحد، حيث جرى النص صراحة على أن يبدأ سريان هذا الحكم الدستوري اعتبارا من السنة المالية التالية لإقراره.
والهدف من تأخير نفاذ هذا التعديل الدستوري هو تمكين الحكومة من تقديم مشروعي قانوني الموازنة والوحدات الحكومية لعام 2022 ضمن المدة الزمنية المحددة في الدستور. فتكون حكمة الصياغة التشريعية قد تجلت بشكل واضح وصريح في التعديلات الأخيرة على الدستور الأردني.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-01-2022 12:19 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |