15-01-2022 12:55 PM
بقلم : د. موسى داوود الطريفي
نبهنا اليوم العالمي لمكافحة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع الذي تم الاحتفال به في 26 يونيو مرة أخرى إلى العواقب الكارثية لعدم اتخاذ إجراءات لوقف تهديد الأمن القومي لتعاطي المخدرات. إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فمن المتوقع أن يرتفع عدد مدمني المخدرات حول العالم من 276 مليون، في السنوات القادمة، إلى أكثر من 300 مليون متعاطي للمخدرات في عام 2030 وفقًا للمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC). مع خسارة نصف مليون شخص لحياتهم بسبب المخدرات في عام 2019 – ومن المتوقع أن ينمو في البلدان ذات النمو السكاني المرتفع، فقد حان الوقت لقياس الطريقة التي نسير بها. بينما احتفلنا في الأردن باليوم العالمي للمخدرات، يجب أن نعترف بأنه على الرغم من جهودنا الوطنية والتزاماتنا الدولية باتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، فإننا نواصل الكفاح وتظافر كافة الجهود بات أمرًا ملحًا أكثر من ذي قبل مع هذا العدو غير المرئي في مجتمعنا. نحن بحاجة إلى قبول أن قضية خدمات الوقاية من المخدرات والإدمان والعلاج وإعادة التأهيل في الأردن متقدمة مقارنة بدول الجوار وأن الاستجابة لمشكلة المخدرات التي يجب أن نعترف بها غير كافية؛ وبحاجة لدعم قواتنا الأمنية ممثلة بإدارة مكافحة المخدرات التي قدمت الشهداء وما زالت تقدم جهوداً كبيرة وملحوظة في كافة محاور عملها، وذلك من خلال تكاتف كافة القطاعات كمؤسسة الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلامية إضافةً للخطاب الديني. وتفعيل استراتيجياتنا الوطنية وتنفيذ تعليمات سيد البلاد الملك عبدالله الثاني أبو الحسين حفظه الله ورعاه وذلك من أجل شبابنا وبلدنا، ويمكننا بالقطع أن نفعل ما هو أفضل.
المخدرات وكورونا
أدى ظهور جائحة كورونا الذي جاء على خلفية الاتجاه المتزايد بالفعل في تعاطي المخدرات، إلى دفع مشكلة المخدرات العالمية لتصبح أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحًا في الأردن وفي جميع أنحاء العالم. لقد أدى الوباء إلى زيادة الوعي بالدور الحيوي للمعلومات العلمية الموثوقة وقوة المجتمع في التأثير على الخيارات الصحية، ويجب أن نستفيد بشكل عاجل من هذه الإمكانية لمعالجة مشكلة المخدرات العالمية. يعرّض الوباء الشباب لسلوكيات أكثر خطورة، ويدفع مجرمي المخدرات عبر الإنترنت، مما يعزز الاتجاه وفقًا لتقرير المخدرات لعام 2021 الذي أعدته وكالة EMCDDA ومقرها لشبونة. كان لجائحة كورونا تأثير بعيد المدى على أسواق المخدرات العالمية. لقد فرضت تغييرات على كل مستوى من تجارة المخدرات، من تجار الجملة والمهربين إلى تجار الأحياء. هذه زيادة مقلقة للغاية. ليس فقط الزيادة في عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، ولكن هناك المزيد من الشباب والمراهقين والأطفال الذين يتعاطون المخدرات حول العالم. تهديد المخدرات هو أزمة وطنية ذات نطاق أكثر حدة من الفاشيات الصحية الأخرى.
السياسات الدولية والمحلية
الأردن الذي يقع في أحد ممرات الاتجار بالمخدرات في الشرق الأوسط -تحتاج إلى مساندة أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة لمعالجة هذه القوة المدمرة بشكل عاجل. كون الشباب هم أعظم ثروة للبلاد حتى الآن تحت مخاطر الخضوع لأخطار تعاطي المخدرات. ولا تقبل الأردن تحمل سياسة مخدرات القرن الحادي والعشرين التي تسمح باستمرار تهديد المخدرات وتشرعن استخدام بعض أنواع المخدرات. أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة مكافحة المخدرات إن قضايا تعاطي المخدرات بلغت العام الماضي 7705 قضية بينما في العام 2021 بلغت 7076 قضية تعاطي، وذلك للفترة الممتدة من كانون الأول/يناير وحتى 22 حزيران/يونيو. ولو قارنا بين عامي 2019 و2020 فإن الزيادة ضمن حدود النسب العالمية. وفي مقارنة بين العامين 2020 و2021 للفترة الممتدة من كانون الأول/يناير وحتى 22 حزيران/يونيو بينت الإدارة أن مجمل قضايا المخدرات عام 2020 بلغت 9356 فيما بلغت عام 2021 نحو 9360 قضية.
أهمية الوقاية
مشكلة المخدرات في الأردن مع تزايد تعاطي عقار الكريستال ميث، هذا الاستخدام المتزايد وإساءة استخدام باقي العقاقير غير المشروعة يسلب مستقبل شبابنا ويضيف تكاليف باهظة لمجتمعنا وإنتاجية بلدنا ويزيد من الدمار والخسارة في الأرواح البشرية لا سمح الله. إنها لحقيقة مريرة أن عددًا لو بسيطاً من الشباب في الاردن يتعاطون المخدرات، حان الوقت الآن لتفعيل الاستراتيجية الوطنية بشكل أكبر لإنقاذ الشباب من ويلات المخدرات والفساد، فهو أكبر خطر على المجتمع بأسره. ولإنقاذ الأجيال القادمة في البلاد، فإن اتباع استراتيجية معصومة عن الخطأ مع نهج موحد لزيادة الوعي بالآثار السلبية للمخدرات في الحياة الشخصية والاجتماعية أمر بالغ الأهمية لمراقبة استخدام المخدرات والسيطرة عليها.
لقد حان الوقت لأن نركز بشكل جماعي في الأردن على قوة الوقاية لتثقيف أبنائنا في مدرستنا حول مخاطر الانغماس في استخدام العقاقير المخدرة والمؤثرات العقلية. فنحن نحتاج إلى إعادة تعيين وتطوير نهجها في سياسة المخدرات للقرن الحادي والعشرين التي تؤثر على الوقاية في صميم جهودها لمكافحة خطر مشكلة المخدرات. إن إزالة وصمة العار، وزيادة الوعي وتضخيم الحاجة الملحة للتثقيف في مجال الوقاية من المخدرات أمر لا بد منه إذا أرادنا كسب الحرب على المخدرات. كلما زاد وعينا من المشكلات المتعلقة بالعقاقير، كانت لدينا فرصة أفضل لمنع انتشارها.
يعد التثقيف الوقائي القائم على الأدلة لتمكين الشباب من تعزيز السلوك الصحي من خلال مناهج تفاعلية ومتنوعة تسعى إلى تعزيز مهارات الحياة الاجتماعية والشخصية في الأردن أمرًا ملحًا. شاركت الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات المكرسة لمحاربة الحرب على المخدرات منذ عام 2008 من خلال التثقيف الوقائي بنجاح مع المؤسسات التعليمية في الأردن من خلال محاضرات التوعية بالمخدرات المنتظمة وعقدت جلسات تفاعلية تركز على المهارات الحياتية مع الطلاب لخلق معرفة وفهم أفضل بشأن المخدرات من أجل تعزيز السلوك الصحي.
ولوضع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله موضع التنفيذ، وبما يتماشى مع تركيزه والتزامه بتمكين الشباب، يجب علينا التعاون مع جميع أصحاب المصلحة والمجتمع المدني لتعزيز تدفق الموارد المطلوبة لمواجهة خطر تعاطي المخدرات، وتنفيذ برامج للتعامل مع المؤسسات التعليمية والجامعية على نطاق واسع إلى أنها المكان الأكثر تأثيراً على المستقبل، من خلال الإجراءات المنسقة يمكننا تحديد الأولويات والأهداف والإجراءات ونظام المراقبة الذي يسمح للشباب أن يعيشوا حياة منتجة وصحية خالية من المخدرات. مع دخولنا العقد الجديد، حان الوقت للعمل والتخطيط ووضع وتفعيل الاستراتيجيات معًا.
لقد حان الوقت لإعادة التفكير في الموقف. حان الوقت لتحريكها بشكل أكثر فعالية. وحان الوقت لإدراك حجم الخسارة التي يسببها إدمان المخدرات في الأردن. نحن بشكل جماعي، بحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على الوقاية كأولوية أولى لمكافحة هذا الخطر. إن خلق معرفة أفضل من خلال تبادل الحقائق حول تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع بها سيعزز رسالة تقرير المخدرات العالمي 2021.
إذا أردنا المضي قدمًا كأمة والازدهار بشبابنا، يجب علينا أن نسحق هذا الوحش الذي يشكل ذراعاً لتمكين جميع أشكال السلوكيات الخاطئة في المجتمع. نحن مسؤولون. ونحن مدينون للأردن بواجب ضمان عدم انتشار تعاطي المخدرات في هذا البلد الغالي. نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات الآن من أجل مستقبل أفضل لشبابنا ولمجتمعنا ككل.
#شارك_حقائق_عن_المخدرات
#أنقذ_الأرواح
د. موسى داوود الطريفي -رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-01-2022 12:55 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |