17-01-2022 10:52 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
متربعة على قمة هرم القوة العالمية بلا ندٍّ ولا شريك ، لم تعرض يوماً شراكتها على احد ولم تقدم نفسها على انها طرف في شراكةٍ او حتى طرف في اتفاق ، وإن كانت تسمح بقولِ هذا اعلاميا ً فإنها مِن قبيل " المجاملة الدبلوماسية "فقط ، فهي التي تفرض على من تريد ان تضعه بملئ ارادتها في خانةٍ قد اعدَّت لها ما يملئها بما تشاء من مواصفاتٍ وهيئةٍ هي رسَمَتها بريشتها ولونتها واعطتها صفة ومسمى يتماشى مع مصلحتها ، ثم تُجلِسُ مَن وقع عليه الاختيار في تلك الخانة التي لا يملك ساكنها الخروج عن تعليماتها او الاجتهاد في اي طرح
او التململ سواء كان عن حُسن نية او حالةٍ من صحوة ضمير في لحظةٍ عابره .
امريكا هي القادرة على صُنع الوحل في المكان والزمان التي تقتضيه مصلحتها ، وقادرة على ان تجعل من أرجُلِ مَن تشاء مِن شعوب العالم بلا استثناء في هذا الوحل ، وقادرة على تجفيف هذا الوحل عندما تشاء ،
كم قرأنا وسمعنا عن تورط امريكا في الوحل العراقي ، والوحل الافغاني ، ووحل الشرق الاوسط بعمومه ، لا نعلم اي وحلٍ هذا الذي غرقت به امريكا ؟ لا يوجد في هذا الوحل حتى بصتار جندي امريكي ولا خوذة احدهم ولو كانت مهترئة ،
مَن غَرِقَ في الوحل هم من اغرقتهم فيها من شعوب المنطقة كلها منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن ، وتركتهم يتخبطون ويحاولون النجاة فمنهم من قضى ومنهم ما زال ينتظر .
لم تخض امريكا اي حرب حتى تضعف امام روسيا والصين ، ولم تنهار اقتصادياً ولم تتفكك كما تفكك الاتحاد السوفياتي منذ حين ، ولم يجلس ضابط امريكي على ارصفة واشنطن او نيويورك ليبيع التبغ للمدخنين ، ولم تخض روسيا حربا وانتصرت فيها واستولت على غنائم وثروات جعلت منها غنية وقادره على الانتشار والتوسع على مستوى العالم بالقوة الجبريه ، كل هذا لم يحصل.
الصين التي تعداد سكانها قريب من تعداد سكان الهند ، لم تكن قادرة على الوصول الى ما وصلت اليه من تجارة وتصنيع على مستوى العالم لو لم تكن امريكا هي من جعلتها بهذا المستوى والذي هو ايضا حالياً ما زال منضبطًا مع المصلحة الامريكية العليا ، ولو ان امريكا ارادت ان تجعل من الهند القوة الاقتصادية والتجارية لفعلت ، ولكنها ولإعتبارات كثيره ارادات ان تكون الصين على ما هي عليه الان وليس الهند ، وخير دليل على هذا القول هو ان الصين بدأت بالصعود الاقتصادي من خلال تفويض امريكا لها بصناعة ماركة NIKE و REEBOK الامريكيتي المنشأ ،وها هي اليوم تعطيها تفويضًا وامتيازاً لصناعة اعلى ثوره صناعيه عالميه على الاطلاق وهي صناعة سيارة ال TESLA .
لم يكن للتواجد الروسي في المنطقة ان يكون لو لم يكن بالمقاس الامريكي وبالأجر الامريكي المدفوع لها والمحدد كما بالخانة التي ذكرناها سابقاً ، لم يكن يوما مسموح لاي مظهر من مظاهر القوة العسكرية الروسية ايام الحرب الباردة ان يظهر مجرد ظهور على شاشات رادارات امريكا إن كان جواً او بحرا او براً ، فما بالها اليوم تُحلِّقُ فوق الثكنات الامريكيه وتتحرك دباباتها امام القوات الامريكية البريه وتمخر بوارجها امام حاملات الطائرات والمدمرات الامريكية ؟ اجيبوا ايها العارفون .
إن مصلحة امريكا ذات القوة العالمية المفرطة جدا هو ايجاد لاعبين يمثلون دور الندّ او دور العدو ، وحيث انه لا مؤهلين على مستوى العالم الان لملئ هذا الشاغر ، فاختارت الابقاء على هذا اللاعب الروسي المتقاعد الذي بالنسبة لامريكا لا يصلح ان يكون على دكة الاحتياط ، وهي تعلم مدى الضعف والهزال الذي تعيشه اوروبا الان ، وتعلم ان اليابان ليست بوارد الخوض في بحر متلاطم اكثر من تلاطم الامواج آلتي تهددها بتسونامي لا تقف امامه اليابان ولا القوى العظمى مجتمعه .
امريكا لا يهدد وجودها ولا ارضها ولا سمائها احد ، امريكا الان والى وقت غير قصير هي القوة العظمى على هذا الكوكب ، ولن تكون بخطر في يوم من الايام الا من ثلاث ، كوارث طبيعية وزلازل وامطار واوبئة ليس لها علاج ، او حرب اهلية تتفكك فيها ولاياتها
، او ربما تصل الى ذلك الحد من الاسراف في الترف الزائد جداً ولا تجدُ لها ندٌ ولا غريم ولا شيء محذور عليها ولا ممنوع لدرجة تصل بها الى الترف الممل القاتل ، فتطلق النار على نفسها .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-01-2022 10:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |