17-01-2022 10:53 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني، دفعة قوية لتوجهات الإصلاح الإداري، بتوجيهاته للجنة تحديث القطاع العام بإصلاحٍ إداريٍ يلمس المواطن أثره.
فبالتوازي مع الإصلاحات السياسية والاقتصادية، يجيء هذا البعد، لأجل تعزيز القطاع ودوره في خدمة المواطن، والمأمول من هذا الإصلاح بأن يتجاوز بعض مكامن الخلل التي شابت الإدارة العامة بالسنوات الأخيرة، خاصة وأنّ عمل هذه اللجنة مربوط بمواقيت زمنية.
إنّ موضوع الإدارة العامة في بلدنا، كان بحاجةٍ إلى هذه الوقفة، خاصة في هذا التوقيت، الذي ينشغل فيه الأردن بورشة إصلاحٍ سياسيٍ واقتصادي، يؤمل منه البناء على المنجز، وتعزيز دور وكفاءة مؤسسات الدولة.
فالأردن، وعلى مدار مئة عامٍ، نجح في تأسيس جهازٍ مدنيٍ كفؤ، وقد أرسى المؤسسون الأوائل، مفاهيم إدارية حقيقية، ومدرسة أردنية امتازت بمقدرتها على فهم حاجات الناس والاستجابة لها، خاصة في القضايا التنموية والخدمية.
واليوم، فإن الأرنيون يتطلعون إلى حتمية تجاوز ما شاب جهازنا الإداري من مكامن خلل، سواء تشريعية أو كيفية (تطبيقية)، إذّ غدا الإصلاح الإداري ضرورة حتمية بغية تحسين مستوى الأداء، وترشيد الإنفاق، وتقليل النفقات، واستخدام أساليب التقنية الحديثة، وإنشاء نظام حديث للإدارة العامة، والتركيز على استراتيجة الحكومة الالكترونية، ومحاربة الفساد، والعمل على إنفاذ القانون، وتفعيل مبدأ التشاركية مع القطاع الخاص.
والأردنيون، يتطلعون إلى لمس مظاهر التحديث الإداري، خاصة من جهة تعظيم المكتسبات، ضمن نظرةٍ شموليةٍ تأخذ في الحسبان، بأنّ أجهزة ومؤسسات الدولة هي على تماس مع الحياة اليومية ومظاهرها.
لربما، وجب التنويه إلى وجود بعض الظواهر التي اعترت أجهزتنا الإدارية، وتسببت في خلق معوقات دون تقديم المرجو منها، ومثالاً عليها الظواهر الكبرى، مثل: الفساد، والارتخاء، والبحث عن المكتسبات الوظيفية بعيداً عن فلسفة الوظيفة العامة القائمة على خدمة الناس...
لذا، فإن ربط أداء الموظف ودائرته بمؤشراتٍ للإنجاز، وتعزيز الرقابة والثقافة الوظيفية، هي مفاهيم متأصلة في جهازنا الإداري، ولكنها اليوم باتت بحاجة إلى تعزيز.
فالأردن دولة تمتلك إرثاً إدارياً غنياً، يمكن تسخير مفرداته ومفاهيمه الإيجابية للبناء عليها، وخلق ثقافة وظيفة عامة، تستقي مشروعتها ودورها، وأساسها التشريعي من خدمة الناس.
واليوم، نحن أمام فرصة جيدة لتحقيق هذه المفاهيم، عبر امتلاكنا مشروعاً جيداً للحكومة الإلكترونية، والأتمتة، وتخفيض الكلف والنفقات، والأوقات المرتبطة بمراجعة معاملاتهم وشؤونهم، وحديثنا في هذه السطور، عن الفرصة التي وفرتها الرؤية الملكية للحكومة ومؤسساتها، بإرادة تنشد توازي المسارات السياسية والاقتصادية.
وبين الماضي والحاضر، فإنّ مطالعة الوثائق الوطنية، تكشف عن زخمٍ في هذا الإرث، الذي أسس لثقافة الوظيفة العامة، ومفاهيمها، بينها: وثيقة صادرة عن حكومة الركابي، بتاريخ 13 أيار 1924م، وهي بلاغ موجه إلى مديري الدوائر يطلب فيه إليهم تزويده بتقرير عن أوضاع دوائرهم.
وفي هذا البلاغ يطلب الركابي، من كل موظف رئيس تنظيم تقرير يجيب فيه عن مواد عدة، بينها "الحالة الروحية والوضعية العمومية في دائرة عمله واختصاصاته وكيف كانت عند استلامه الوظيفة".
ويتسع المقام هنا، لذكر وثيقة أخرى في السابع من تشرين الثاني 1934م، وهي صادرة عن رئيس الوزراء إبراهيم هاشم، ويطلب فيها من مديري الدوائر تحقيق وفرٍ ماليٍ بنسبة 3 بالمئة، مبرراً ذلك بأن "الموقف المالي للحكومة لا يبعث على الارتياح العام".
وهذه الملامح الإدارية المتأصلة، التي تلتقي مع حاضرنا، ورؤى جلالة الملك عبدالله الثاني، تعبر عن دولةٍ أردنيةٍ راسخةٍ تدخل مئويتها الثانية بثقة، وإرث يطمح إلى العصرنة خدمةً للإنسان الأردني، ولرسالة وفلسفة الدولة بخدمته...
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-01-2022 10:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |