22-01-2022 10:44 AM
بقلم : الدكتور أحمد الشناق - أمين عام الحزب الوطني الدستوري
تناولت بعض الأقلام ولادة حزب جديد بأنه صنيع السلطة ليكون حزب الدولة، وبعض الأقلام من داخل هذا الحزب الجديد، بدأت تحدد من هي الأحزاب القادرة على الإستمرار وفق معادلات العمل السياسي بعد إقرار مخرجات اللجنة الملكية .
وكل أطراف التحليل من داخل الحزب الجديد، أو ممن يتهم الحزب الجديد كصنيع سلطة.
نؤكد أولاً، بأن تشكيل الأحزاب، حق كفله الدستور الأردني بالمادة ١٦، كحق دستوري أصيل يتمتع به الأردنيين، وعلى أن لا يضع قانون الأحزاب أية عقبات أمام ممارسة هذا الحق الأصيل بذريعة التنظيم أو بما يمس جوهر الحريات والحقوق وفق المادة ١٢٨ من الدستور ، لأنه حق على الإطلاق كقانون حرية، كما جاء في الفصل الثاني من الدستور من باب الحقوق للأردنيين، ونوضح ايضاً بأن جميع الأحزاب الأردنية، هي أحزاب دولة وتعمل وفق الشرعية الدستورية وتسعى بالوصول إلى السلطة بالوسائل الديمقراطية المشروعة، ولا يجوز إطلاق على حزب بعينه، بأنه حزب الدولة، وهذا المصطلح ينطبق على الدولة ذات النظام الشمولي بالحزب الشمولي الذي لا يسمح بالتعددية السياسية.
ونؤكد أن الوطن يتسع للجميع، وكما يقول المثل الشعبي، الميدان لأبوحميدان، فلا الزخم بشخصيات موجودة في السلطة تعني أنك الأقوى، لأن ولادة الحزب لم تأتي بإنتخابات شعبية وفق برنامج مطروح بعملية إنتخابية، وهذه تجربتي العميقة والطويلة وعلى مدى ربع قرن في حزب اندمجت به الأحزاب الوسطية عام ١٩٩٧ وتشكل من شخصيات في السلطة لا يباريها في رمزيتها السياسية وتأثيرها الشعبي والوطني، أي تشكيل جديد، وللأسف وتفككت بعد عامين، وهي تجربة الحزب الوطني الدستوري.
ومبكراً للحديث عن تشكل تيارات سياسية كما يكتب أحد شخصيات الحزب الجديد، والذي بدأ بالتفصيل والتقسيم،
يا معالي الأخ، التيارات تولد على قواعد فكرية فلسفية تحمل هوية سياسية واضحة التشكل برؤيتها الإقتصادية، الإجتماعية، السياسية والثقافية، وتبوء موقعاً في سلطة لا يعني أنك سياسي تحمل رؤية تيار سياسي، والجميع يعلم كيف يأتي الأردني إلى موقع الوزير أو العين وكيف ينجح النائب بالدوائر الانتخابية والتمثيل الضيق، فمبكراً معالي الأخ على هذه الأمور، وانت في مناصب جئت اليها بالتعين، ولم تدخل اي انتخابات، وليس لك تجربة حزبية، ومؤشر تفكير الإقصاء والحكم على الحزبية وكأنك الوصي على الشعب وخيارته، لتعلم اخي بأن الحزبية بتياراتها لا تفصل حسب الطلب ! فتمهل ولا يغرنك موقع السلطة بتمثيل تيار لم تطرح برنامجه التفصيلي لشؤون الوطن والمواطن بعد .
وعلى الجانب الآخر، طبيعة نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي، تتطلب نمط الحزبية البرامجية، ويطلق عليها حزبية المؤازرة، كونها آلية برامجية إنتخابية بين الشعب وصولاً لبرلمان، وهي حزبية تقدم الحلول لقضايا المواطنيين في البطالة والفقر ومقعد الجامعة والعلاج والسكن والنقل، ورفع دخل الفرد والأسرة ولتحقيق عدالة في توزيع الثروة والتنمية على مستوى المحافظات، ومواجهة تحدي الطاقة والمياه والغذاء، وهذه التحديات وإيجاد الحلول لها، لا بد أن تنطلق من الحقائق والواقع الأردني، وهي بحاجة إلى عقول وكفاءات وخبرات، وحزبية تعالج أخطاء متراكمة من سياسات حكومية وتمريرات برلمانية، إلى ما وصلت إليه البلاد من أزمات إقتصادية وخدماتية وإدارية.
وهذا سيضع الحزبية جميعها وبكل أطيافها، أمام مشهد وتحدي وطني، يبدأ بكيفية حصولها على ثقة المواطنين أولاً، وآليات اقناع غالبية الأردنيين من المشاركة في العملية الانتخابية ثانياً، ومن ثم قدرة هذه الأحزاب على إيجاد الحلول لهموم المواطن وقضاياه المعيشية والحياتية.
فلا تستعجلون بالأحكام وتفصيل المشهد وفق تنظير ورقي،
فالحكم للشعب في عملية إنتخابية، والطنجرة لم تُفتح بعد، ولا نستطيع تحديد خيارات المواطن الأردني السياسية بعد، ولم تُطرح البرامج الحزبية بعد، لتعطي أملاً لحلول قضايا مواطن، وهو اصلاً يفقد الثقة حتى اللحظة بحكومات وبرلمانات، التي أوصلت البلاد إلى الحافة الحرجة بظروف المواطن المعيشية، ومن تخريب لجهاز إدارة الدولة بالواسطة والمحسوبية، ووضع إقتصادي بمديونية وغياب لمشاريع وطنية إنتاجية بثروات البلاد الطبيعية، وتغيب لتكافئ الفرص والعدالة بين الأردنيين.
لا تستعجلوا بالتنظير سواءاً حزبية تأخذ لون السلطة،
أو حزبية تجتهد من خارج السلطة، فالشعب هو صاحب القرار بعملية إنتخابية لم تُجرى بعد، ولم يبدأ سباق التنافس وطرح البرامج، وتقديم الحلول بعد، ولم تبدأ الحوارات الوطنية بأولويات القضايا لدى المواطنيين بعد ! والشباب الأردني وهو يمثل ٦٨٪ من المجتمع لم يبدأ بالحوار كيف نجد الحلول له بعد ! ولو في تحدي البطالة ، أو توفير علاج بما يواكب التطور الطبي بنوعية وعدالة لكل مواطن !
الحزبية المطلوبة، حزبية تنافس بين برامج، والوطن بحاجة للجميع دون إقصاء أو تهميش، أو تخندق مميت، أو استخدام المال ، أو ممارسات سلبية من موقع السلطة، فالتعددية إثراء في الإجتهاد لخدمة مواطن ينتطر بارقة أمل بنقلة نوعية حقيقية لحياة سياسية وبرلمانية وحكومات حزبية، توفر له حياة كريمة وتحقيق عدالة إجتماعية تغادر أسوأ أشكال الإدارة، التي أرهقتها الواسطة والمحسوبية والشللية، فالمشروع الإصلاحي كبير وبحاجة لنفس طويل، ويتطلب عقول هادئة وأقلام باردة، والحزبية لم تتوطن بعد في محافظات وألوية ومناطق المملكة، وتخوف الإنتساب إليها، لا زال قيداً على الأردنيين. ولماذا تستعجلون ؟ والجمود السياسي والإحباط لا زال مسيطراً على المشهد العام، والبيئة السياسية بحاجة إلى مراجعات في قانون الحريات والجرائم الإلكترونية ومراجعة لثورة إعلامية لإعلام وطن ودولة وتحصين القضاء بإستقلاليته كحاضنة لدولة الدستور وسيادة القانون، فالحزبية لا تعمل إلاّ في بيئة سياسية، وتنظيم الأدوار وتحديدها بمجتمع ينتمي إلى دولة. دعونا نلتزم الاعراف والتقاليد الديمقراطية .
أيتها الأحزاب الزميلة، جميعنا شركاء في هذا الوطن الطيب، نعمل لمصلحة وطن وأجيال، وتحديث على نظامنا السياسي بإرادة ملكية وعزيمة أردنيين، نحو دولة وطنية ديمقراطية بتعددية حزبية برامجية، تكون المواطنة الفاعلة وفي كافة أرجاء الوطن، هي الغاية لتحقيق نجاح ديمقراطية متجددة بنموذج اردني ينبع من الذات الوطنية الأردنية، تعددية تسعى لتطوير عملية انتخابية وصولاً لبرلمان يتشكل من كتل برامجية منتخبة من الشعب الأردني النبيل، ولأول مرة في تاريخ الدولة الاردنية تُعتمد القوائم الحزبية في قانون الانتخابات النيابية، ولنغادر جميعاً الرأي الفردي والإجتهاد الفردي والشخصنة والمحسوبية التي أرهقت دولة، وليستعيد الوطن عافيته ويستعيد الشعب ثقته بدولته ومؤسساتها، فالحزبية وعاء للعقل الجمعي والكفاءات الأردنية، ومصنعاً للقيادات وترسيخاً لفضيلة الحوار ،ولتكن حزبية تنافس والشعب يكون صاحب القرار وحرية خياراته، والجميع أمام الإمتحان بما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وبما يحقق نهضة وطن وكرامة مواطن .
الدكتور أحمد الشناق
أمين عام الحزب الوطني الدستوري، عضو اللجنة الملكية للتحديث السياسي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-01-2022 10:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |