23-01-2022 09:14 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
وافقت لجنة شؤون الأحزاب قبل أيام على تأسيس حزب سياسي جديد، حيث أعلن القائمون على إدارة هذه اللجنة أن هناك ما مجموعه (18) طلبا لتأسيس أحزاب جديدة يتم النظر فيها حاليا. وهذا الأمر يدعونا إلى التفكير مليا في دستورية هذه اللجنة والمهام التي تقوم بها، ذلك بعد أن أقر مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب التعديل الدستوري المتعلق بالمادة (67/2) من الدستور، والذي بموجبه سينتقل الاختصاص في النظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية والإشراف عليها من لجنة شؤون الأحزاب إلى الهيئة المستقلة للانتخاب.
ويتمثل السؤال الدستوري الأبرز في تحديد مصير طلبات تأسيس الأحزاب السياسية الموجودة لدى لجنة شؤون الأحزاب بعد صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على تعديل الدستور ودخوله حيز النفاذ. فكما هو معلوم، إن الدستور يتمتع بالسمو الشكلي والموضوعي عن باقي التشريعات في النظام القانوني الوطني، وأنه في حال تعارض نصوص القانون مع أحكام الدستور، فإن الغلبة تكون للدستور.
وعليه، فبمجرد نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2021 فيما يتعلق بثبوت الاختصاص للهيئة المستقلة للانتخاب في متابعة شؤون الأحزاب السياسية تكون هذه الأحكام الدستورية هي الواجبة التطبيق على أي قانون آخر، ومن ضمنها قانون الأحزاب السياسية الحالي، الذي يُسند مهام النظر في تأسيس الأحزاب السياسية إلى لجنة شؤون الأحزاب.
وكنتيحة حتمية لنفاذ التعديلات الدستورية، فإنه يتعين على لجنة شؤون الأحزاب السياسية أن تعلن عدم اختصاصها في النظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية الموجودة لديها، وأن تحيلها إلى صاحبة الاختصاص الجديد، وهي الهيئة المستقلة للانتخاب.
وقد يعارض البعض هذا القول بحجة أن قانون الأحزاب السياسية الحالي الذي يعطي الاختصاص للجنة شؤون الأحزاب ما زال نافذا ولم يتم إلغاؤه، وأن المادة (14) منه تلزم اللجنة المعنية بمدد زمنية محددة يجب خلالها أن تصدر قرارها بالإعلان عن تسجيل الحزب السياسي إذا كان طلب التأسيس مستوفيا للشروط القانونية، وإلا اعتبر الحزب مسجلا بحكم القانون. كما أن قرار هذه اللجنة برفض طلب التأسيس يكون قابلا للطعن أمام القضاء، وهذا ما قد يبرر لدى البعض الإبقاء على لجنة شؤون الأحزاب السياسية قائمة ومستمرة في عملها إلى حين إجراء التعديلات التشريعية اللازمة.
إن الرد على هذه الحجج يكون من خلال إعادة التأكيد على سمو الحكم الدستوري على النص القانوني. فإن كان قرار لجنة شؤون الأحزاب السياسية برفض طلب التأسيس لعدم الاختصاص بعد تعديل الدستور سيكون قابلا للطعن أمام القضاء، فإنه يمكن للممثل القانوني للجنة والوزارة في إجراءات التقاضي أن يدفع بعدم دستورية النصوص الحالية في قانون الأحزاب السياسية فيما يتعلق باختصاص اللجنة في ضوء نفاذ التعديلات الدستورية الأخيرة، وأن يطلب إحالة هذا الدفع إلى المحكمة الدستورية، التي لن تتوانى عن الحكم بعدم دستورية النصوص الحالية ذات الصلة بإنشاء لجنة شؤون الأحزاب وممارستها لمهام عملها في ظل النص الدستوري المعدل.
إن لجنة شؤون الأحزاب ستصبح بحكم المنتهية بعد تصديق جلالة الملك على التعديلات الدستورية الأخيرة وصيرورتها نافذة، وعليها أن تعلن عدم اختصاصها في النظر بما تبقى من طلبات لتأسيس أحزاب سياسية جديدة موجودة لديها، وأن تحيلها مباشرة إلى الهيئة المستقلة للانتخاب.
كما أن السلطة التشريعية مدعوة إلى سرعة البت في القوانين ذات الصلة بالإصلاح السياسي، وفي مقدمتها قانون الأحزاب السياسية الجديد وتعديل قانون الهيئة المستقلة للانتخاب، وذلك لكي تنتهي هذه الفترة الرمادية المتعلقة بالحق في تأسيس الأحزاب السياسية، وتبدأ مرحلة جديدة تحت إشراف مباشر من الهيئة المستقلة للانتخاب.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-01-2022 09:14 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |