حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4732

أثر التعديلات الدستورية على القوانين السارية

أثر التعديلات الدستورية على القوانين السارية

أثر التعديلات الدستورية على القوانين السارية

25-01-2022 10:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
من المتوقع أن تصدر إرادة ملكية سامية بالموافقة على مشروع تعديل الدستور الأردني لعام 2021، ليتم بعدها نشر هذه التعديلات في الجريدة الرسمية تمهيدا لدخولها حيز النفاذ. وهنا يثور التساؤل حول أثر هذه التعديلات على القوانين والأنظمة السارية، إذ سيؤدي نفاذ بعض النصوص الدستورية المعدلة إلى حدوث تعارض مع أحكام القوانين النافذة، وفي مقدمتها تعديل المادة (67/2) من الدستور الخاص بنقل اختصاص متابعة شؤون الأحزاب السياسية من لجنة شؤون الأحزاب إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، والتي سيترتب على نفاذها أن تفقد لجنة شؤون الأحزاب صلاحيتها القانونية في متابعة طلبات تأسيس الأحزاب المقدمة إليها.
إن النصوص القانونية – ومن ضمنها قواعد الدستور - تسري بأثر فوري ومباشر وتصبح حجة في مواجهة كافة السلطات والأفراد من تاريخ دخولها حيز التنفيذ، وهذا ما يرتب مسؤولية على المشرع بأن يبادر وعلى الفور إلى إجراء التعديلات التشريعية اللازمة بما يتوافق مع نصوص الدستور المعدل.
ولا يمكن في هذا السياق التمسك بأن أثر النص الدستوري الجديد أو المعدل ينسحب فقط على التشريعات المستقبلية، إذ أن عدم الدستورية تتحقق في حال مخالفة نص القانون لأحكام الدستور، وذلك بصرف النظر عما إذا كان النص القانوني سابقا في صدوره على التعديل الدستوري أم لاحقا له. فلا مشروعية دستورية لأي نص قانوني قديم في مواجهة حكم دستوري جديد، ولا يمكن التعذر بأن التعديل الدستوري قد جاء لاحقا للنص القانوني، لغايات مخالفة مبدأ سمو الدستور وهرمية القواعد القانونية.
ومن الأمثلة العملية التي تدعم وجهة النظر هذه ما حصل في عام 2011 عندما جرى تعديل الدستور وتقرير حظر ازدواج الجنسية على الأعيان والنواب، فصدر قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (4) لسنة 2011 الذي اعتبر أن أحكام الدستور لها صفة النفاذ المباشر فور نشرها في الجريدة الرسمية، إلا إذا أورد المشرع الدستوري نصا خاصا على سريان مفعول أحكامه من تاريخ آخر، وبالتالي فإن التعديلات الدستورية لسنة 2011 تطبق على رئيس وأعضاء مجلس الوزراء والأعيان والنواب الحاليين.
ففي هذا القرار الصادر عنه، لم يتمسك المجلس العالي بواقعة أن قانون الانتخاب في تلك الفترة كان قد صدر قبل التعديل الدستوري ذات الصلة، وبأن قانون الانتخاب لم يتضمن نصا صريحا يعتبر ازدواج الجنسية مانعا من العضوية في مجلس النواب. فلم يتردد المجلس العالي في إعلان نفاذ التعديلات الدستورية بأثر فوري وتقديمها على أي نص قانوني ساري المفعول في ذلك الوقت، فخسر الأعضاء مزدوجو الجنسية عضويتهم في مجلس النواب.
وفي التعديل الدستوري ذاته لعام 2011، أوجد المشرع الدستوري آلية واضحة للتعامل مع حكم مخالفة النص الدستوري الجديد لتشريع قائم ونافذ، فنص في المادة (128/2) منه على أن تبقى جميع القوانين واﻷنظمة المعمول بها في المملكة عند نفاذ تعديل الدستور نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه، وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
إن هذا الحكم الذي لم يرد ما يشابهه في التعديلات الدستورية لعام 2021، يؤكد من خلاله المشرع الدستوري على أن نفاذ التعديلات الدستورية الجديدة يكون بأثر فوري ومباشر، وأنه يُسمح فقط بتجاوز هذا التعارض بين الدستور المعدل والقانون القائم في حال وجود نص صريح يعطي لهذه القوانين المخالفة للدستور "حماية" من الطعن بعدم دستوريتها خلال الفترة الزمنية المحددة في الدستور.
ويبقى الإشارة في الختام إلى أن مذكرة طرح الثقة بالوزارة أو أحد الوزراء فيها بعد نفاذ التعديلات الدستورية الأخيرة ستستلزم (25%) من الأعضاء استنادا لأحكام المادة (53/1) المعدلة من الدستور، وأنه لن يتم التمسك بالحكم السابق الذي كان يعطي هذا الحق لعشرة أعضاء على الأقل، والوارد في النظام الداخلي لمجلس النواب. فلسنا بحاجة إلى الانتظار لتعديل النظام الداخلي لغايات تطبيق الحكم الجديد الخاص بالأغلبية المطلوبة لمذكرات طرح الثقة.

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com











طباعة
  • المشاهدات: 4732
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم