حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,6 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3219

"الإصلاح الإداري أولاً" والرسالة الملكية

"الإصلاح الإداري أولاً" والرسالة الملكية

"الإصلاح الإداري أولاً" والرسالة الملكية

02-02-2022 11:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور جمال المصري
رسالة جلالة الملك إلى أبناء الوطن وشعبه بمناسبة عيد ميلاده الستين لم تجئ لشكر الناس، المهنئين منهم، لكنها جاءت لإطلاق وانطلاق رؤية وطنية شاملة لبلدنا الأردن في إطار برنامج استراتيجي يتحدد به مستقبل الأردن وتطوره ونستطيع معه أن نعبر ببلدنا قرنا جديا من البناء والإنجاز. وتنبع أهمية الرسالة الملكية لكونها تأتي في أوقات الازمات حيث تزيد التحديات وتكثر التهديدات التي تفرض على الدول تغير سياساتها بسبب تغيّر الظروف أو دخول سياساتها في طريق مسدود، ولكونها حرصت على استنهاض همم الأردنيين لتحدي العقبات وإزالة ضبابية الأسئلة حول مسيرتنا في عالم يتغير بل ينهار؛ الثابت الوحيد والحقيقة الوحيدة المتفق عليها فيه هو الأردن الوطن.


ومن أجل تحقيق ذلك، فقد رفع جلالته شعار التغيير منهجا لتنفيذ رؤيته، وأكد أنه لا مكانا لنا إلا في مقدمة التغيير، الذي لا مكان في إدارته للمترددين في اتخاذ القرار والبيروقراطيين والمتهربين من تحدي المشاكل والذين أدمنوا تغييب الحقائق وإنكار الواقع والتسويف وادعاء إنجازات لا يراها غيرهم، وان الإصلاح يبدأ بالإصلاح الاداري وأنه جوهر الإصلاح اقتصادي ومتلازمته.


ما لم نقدم الإصلاح الإداري على أي إصلاح أخر ويسير ويتزامن معه كونه جزء منه، فإن علاج استعصاء الإصلاح واخفاق السياسات الاقتصادية وترددها التي ذكرتها الرسالة الملكية صراحة، لن يكون شافيا ولا كافيا باستبدال خطة ثبت فشلها بأخرى جديدة، طالما المخططون هم ذاتهم، ولا باستحداث لجنة أو عقد ورشة عمل يوكل إليها وضع الحلول؛ قد لا تكون لها الخبرة التي تتوفر لمؤسسات القرار الاقتصادي بسياساتها وخبراتها الراسخة. عدا عن أنه يخشى أن توضع توصيات هكذا لجان على الرف، تماما كما كان مصير توصيات لجان أخرى سابقة كل عام منذ عام 2018؛ هذا إذا ما أحسن اختيار أعضائها؛ فابتعدوا عن التنظير الذي شبعنا منه في تجارب سابقة، ربما نذكرها، ومن وراء الشاشات.
الإصلاح الحقيقي يأتي من داخل المؤسسات إذا ما قدر تقديم الكفاءات الحقيقية فيها وتقديم الأكفاء منهم بعدما عصف بهم الفساد الإداري الذي قاد، وما زال، إلى قتل العمل وخنق الإبداع وصنع الفشل من خلال محاربة النجاح؛ بإحباط وإقصاء الناجحين وتقديم قليلي الهمة والموهبة، وإبقاء الأكفاء بعيدين كل البعد عن مراكز اتخاذ القرار، وسيادة عقلية استثقال العدل والعقل.


إن مكمن الخطر الذي يخش منه على كل جهود الإصلاح وخططه هو في تأجيل الإصلاح الإداري وعدم إعطائه الأولوية التي يستحق. وقد لا أكون مبالغا إذا قلت بأن أزمة الأردن الحقيقية تكمن في غياب الإدارة السليمة والقدرة على التخطيط السليم والعمل الجماعي المنظم وفي تهيئة القادة والمديرين اللذين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والقدرة على الابتكار والإبداع من خلال خطط مدروسة تقع ضمن برامج "التخطيط التعاقبي" كما يصطلح على تسميتها في علم الإدارة.


رغم أهمية الإصلاحين الاقتصادي السياسي والمطالبة الدائمة بضرورة تلازمهما، إلا التأخير في محور الإصلاح الإداري من شأنه تقليل نتائج وثمار الإصلاح في محوري الاقتصاد والسياسة، وبالتالي تباطؤ الإنجاز وتواضع الأداء الحكومي في كل المجالات - الذي أشار إليه جلالة الملك في رسالته الملهمة يوم أمس -؛ ما قاد إلى تباطؤ عجلات ومحركات التنمية والنهضة والرفاه الذي نستحقه كأردنيين.


إن الأمر يتطلب اصلاحا إداريا جريئا ومستحقا، يشكل دعما للإصلاحين السياسي والاقتصادي، يعالج الترهل والمحسوبية وضعف الإدارة السليمة والفساد الإداري بكل مظاهرة الذي لم يلق الاهتمام الذي يستحق قبل الآن. ويستدعي تحقيق ذلك مراجعة المنظومة الإدارية للمؤسسات الحكومية وتبني خطط واستراتيجيات إدارة التغير في كل المؤسسات الحكومية بما يعيد الأردن إلى مكانته.


والمطلوب من الحكومة أيضا دون إبطاء ، أن تعلن سريعا عن برنامج وطني شامل يصاغ من عقول أردنية قد يكون قد غيب أصحابها لسبب أو أخر، وعن خطة اقتصادية واضحة وشفافة تنبئ بالتغيير للتعامل مع المنعطف الاقتصادي وتحدياته الصعبة والمخاطر الماثلة للعيان والمخاطر الاضافية التي تتوالد يوما بعد الاخر، ولا يجوز اختزال التحديات الاقتصادية بتحدي أعداد الموازنة العامة وتناسي التحديات الحقيقية والتردد في المباشرة بالإصلاحات لكل مفردات الاقتصاد والاستثمار وقطاع الطاقة والتي لا يمكن أن تتم دون أن يسبقها إصلاح إداري جذري وجدي تأخر البدء فيه طويلا إذا ما أردنا أن ننعم بثمار الإصلاح في كل المحور الاقتصادي الذي ما زال يستعصي على الإصلاح وإحداث التغيير المأمول؛ فلم نعد نملك ترف الوقت ولا عذر لمزيد من إضاعة وهدر الفرص التي لن تبقى سانحة طويلا.











طباعة
  • المشاهدات: 3219
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-02-2022 11:58 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
هل أنت مع عودة خدمة العلم بشكل إلزامي؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم