حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7299

عدنان أبو عوده .. عصيتُك فسامحني

عدنان أبو عوده .. عصيتُك فسامحني

عدنان أبو عوده  ..  عصيتُك فسامحني

03-02-2022 11:52 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد الوشاح
تذكرتُ بعد وفاة وزير الإعلام الأسبق عدنان أبو عوده رحمه الله قصة حصلت بيني وبينه عام 1982 عندما كنت مذيعاً ومحرراً في الإذاعة الاردنية ، حيث تمّ تكليفي ذات العام بتغطية الجلسات الأسبوعية للمجلس الوطني الاستشاري الذي كان بديلاً عن مجلس الأمّه ، فبعد انتهاء كل جلسة كنتُ أسارع بإعداد تقرير إخباري لإذاعته عبر الهاتف على أقرب نشرة أخبار ، وكان الموضوع الذي احتدم النقاش حوله لعدة جلسات هو الوطن البديل ، وقُبيل موعد نشرة أخبار الثانية ظهراً بعشر دقائق كان تقريري الإذاعي جاهزاً لقراءته على الهواء ، فناداني الوزير أبو عوده بجملة – وينك يا إذاعه - ليسألني عمّا كتبت ، فقلت له عن الوطن البديل معاليك ، فغضب وقال اشطبْ ما كتبتْ واستبدله بأنّ المجلس الإستشاري ناقش في جلسة اليوم مشكلة فائض البندورة في الأغوار ، فدُهشتُ من طلبه المتأخر ولم أستطع لحظتها تنفيذ أمره لأن الوقت المتبقي للنشرة خمس دقائق ، فأذعتُ ما كتبتُ وليس كما طلب الوزير .
وبعد استماع ابو عوده لنشرة الأخبار عاد ليلومني على عدم الالتزام بتعليماته ، فقلتُ له معاليك لم يكن لدي مُتسع من الوقت لكتابة تقرير عن البندورة وباقٍ على النشرة دقائق قليلة ، فقال أنتم المحررين يلزمكم غسيل دماغ ، فسألته عن سبب طلبه بتغيير الموضوع من الوطن البديل الى فائض البندورة فقال هذه لعبة السياسة والإعلام ، فإذا بقينا نتحدث عن الوطن البديل فسيظلُ موضوعاً متكررأ على ألسنة الناس ، ومن أجل أن ينسوه يتوجب على الإعلام أن ينتقل الى موضوع آخر .

إنني أعترف أن مخالفتي لتعليمات الوزير أبو عوده وهو الإعلامي والسياسي المحنّك كانت مخاطرة وجرأة غير صحيحة من جانبي ، لكنني بتلك المخالفة التي جنبتّني من مطّبٍ إذاعي مؤكد ، اختصرتُ على نفسي جُهداً شاقاً وموقفاً قاتلاً لا أستطيع تحمله ، حيث أن خمس دقائق لا تكفي لكتابة تقرير عاجل حول موضوع أجهله .

وللأمانة أقول أن أعضاء المجلس الوطني الاستشاري في ذلك الزمن ، كانوا من خيرة الخيرة وأصحاب معرفة وخبرة طويلة ، متوافقين مع السلطة التنفيذية وناصحين لها في أمور كثيرة ، وقد أجمع الكثير من المواطنين الذين عاصروا تلك المرحلة من سياسيين وحزبيين وإعلاميين ، أنّ ذلك المجلس استطاع الى حدٍ كبير ملئ الفراغ الذي أحدثه غياب مجلس النواب وبأقل التكاليف على الدولة ، حيث كان أعضاؤه يتقاضون مكافأة مالية رمزية دون أيّة امتيازات أو تكاليف أخرى ، وكنتُ دائما اسأل نفسي ، لو فكّرتْ الدولة الأردنية العودة الى تشكيل مجلس استشاري من النُخب الوطنية الكفؤة والاستغناء عن مجلسي الأعيان والنواب ، كم سيوفر ذلك على الخزينة الأردنية من أموال ونفقات ؟ .

ومن هنا فإني أعتذر من المرحوم عدنان أبو عوده عن عصياني وامتناعي لتنفيذ تعليماته ، لكنّي أقرُّ وأعترف بأن معاليه كان مدرسة واسعة في الإعلام ، حيث عقد لنا – أسرة المذيعين والمحررين في الإذاعة – إجتماعاً ، أعطانا نصائح مفيدة لا زلتُ ملتزماً بها في مسيرتي الإعلامية .








طباعة
  • المشاهدات: 7299
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-02-2022 11:52 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم