03-02-2022 03:52 PM
بقلم : الدكتور أحمد الشناق - أمين عام الحزب الوطني الدستوري
الرسالة :
مقدمات ضرورية لترجمة الرسالة الملكية
لقد جاءت الرسالة الملكية بعيد ميلاد الملك الستون، لتؤكد على نهج جديد نحو إيجاد الحلول لتحديات داخلية، إقتصادية خدماتية وإدارية، وبمتابعة الملك شخصياً ، كخطة وطنية عابرة للحكومات. ولترجمة هذه الرؤية الملكية يتطلب مقدمات ضرورية لواقعاً ملموساً يعيشه الأردنيين في كافة أرجاء المملكة
مقدمات اساسية نحو ترجمة الرسالة الملكية.
أولاً : التأكيد على أن الدولة الاردنية، قامت على الفكر الإصلاحي بنهج التجديد والتحديث والتطوير، الذي عزز من تحقيق الإنجازات الوطنية بنموذج يواكب متطلبات كل مرحلة، وهو نهج إنعكس على قوة الدولة وإستمراريتها، وفي كافة الظروف والمراحل الحادة لمنطقة غير مستقرة، ودون اللجوء إلى نهج التبريرات الذي أصبح نهج الحكومات المتعاقبة وكل مسؤول في موقع إدارة شؤون الدولة ، لتغطية على عجزهم وسوء آليات إختيارهم .
ورغم كل الظروف الخارجية، إلا أن الأزمات الداخلية قد تعمقت حد الإستعصاء بوجود حلول لها، لخلل في آليات تشكيل الحكومات بعوامل الإسترضاء والمحاصصة والشللية والأصحاب، وهذا النهج بكثرة التعديلات الوزارية، والأشبه بالإجهاض المتكرر ، وكل ذلك على حساب الأداء الوطني بنوعية الخدمات وبنية إقتصادية إنتاجية وجهاز إداري انهكته الواسطة والمحسوبية ولا زال، وكأن الدولة مختطفة لأشخاص وبيد الهواة .
ثانياً :مجلس النواب والأصل أن يعبر عن إرادة المواطنيين بهمومهم وتطلعاتهم، لأمة هي مصدر السلطة، بسلطة التشريع التي تتقدم على سلطة التنفيذ، بنظام الحكم النيابي الملكي الوراثي.
فأصبحت البرلمانات تأتي وتغادر، دون إقناع وطني بدوره الرقابي والتشريعي، وحتى دون تأثير على قواعد شعبية لأي أزمة شعبية تحدث في البلاد، فأصبح الأردن يعيش بحالة إنفصال بين المجتمع والدولة، والدولة الأردنية بلا قواعد شعبية سياسية. وهي حالة وطنية وضعت مؤسسة العرش في مواجهة الرأي العام بكل متطلباته وإحتجاجاتة المعيشية والخدماتية وألأوصاع الإقتصادية وفساد المحسوبية والواسطة والشخصنة في أجهزة الدولة .
ثالثاً : كتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة، وبإنصاف لكتب التكليف، أنها كانت تؤكد على الحكومات برؤية تعبّر عن كافة الهموم والتحديات التي يعيشها المواطن الأردني وبكافة مجالات حياته في فرصة العمل والتعليم والعلاج والسكن والنقل وضرورة نهج الإقتصاد الرطني الإنتاجي بالإعتماد على الذات، ولكن كانت بيانات الحكومات بصياغات أدبية ووعود الحمل الكاذب واللجوء إلى التعديلات الوزارية ، ولتعود كل بياناتها الوزارية بجيوبها إلى بيوتها، وتبقى برلمانات التمرير جاثمة على صدور الأردنيين، مما افقد الدولة الثقة بركني الحكم التشريع والتنفيذ، ولتبقى السهام تطال مؤسسة العرش، بدل أن تكون هذه الحكومات والبرلمانات في مواقع تحمل المسؤولية، ولتكتفي بمكتسبات ومنافع شخصية على حساب الشعب ومؤسسة العرش .
ضرورات وطنية لترجمة الرسالة الملكية :
اولاً : إعادة هيكلة الوزارات والهيئات، بإعادة النظر دمجاً والغاءاً ، وبقرارات حاسمة وحازمة، كثورة بيضاء يغادر مربع المرواحة بلجان اثبتت فشلها، فعديد الهيئات المستقلة غير ضرورية، ولإعادة المسؤولية السياسية للوزارات، وإنهاء حالة وزارات الظل في الدولة
- إعادة هيكلة بعض الوزارات دمجاً وإلغاءاً ، فأصبح واقع بعض الوزارات، أشغال مواقع للترضية، وغير فاعلة كالشباب والثقافة والتنمية السياسية والشؤون القانونية، ولا بد من دمج بعضها بما يواكب تطور الدولة، وضرورات بناء مجتمع مدني ينتمي للدولة بتحديد الأدوار وتنظيمها.
ثانياً : حل جذري للجهاز الإداري في الدولة، وهو العامود الفقري لأداء الوزارات والمؤسسات في الدولة، يبدأ الإصلاح بمواقع الأمناء العامين والمدراء بمعايير الكفاءة والعدالة، وكف يد مجلس النواب وعلاقته بالحكومة بهذا الشأن، ومراجعة فورية لكل الأنظمة والتعليمات لكل وزارة ومؤسسة، التي أصبحت تحصين للمسؤول الأول وعلى حساب المؤسسية في الأداء، ومراجعة قانون الإدارة العامة في الدولة.
ثالثاً : إعتماد خريطة جغرافية سكانية للأردن، لإيصال كافة أنواع الخدمات ولكافة المناطق والمواطنين، بعدالة ونوعية موحدة، وبما يوازي ويواكب آلية عمل وواجبات الدولة الحديثة، نحو مواطينها. والصحة نموذجاً، فالمطلوب خدمة صحية تواكب التطور الطبي في الأردن، ولكل مواطن بنوعية موحدة في الخدمة، وهذا يتطلب إعادة هيكلة مستشفيات وزارة الصحة بمشاركة كليات الطب والخدمات الطبية الملكية والقطاع الخاص، نحو إدارة صحية بمستوى دولة مع مواطينها، وتفعيل دور مجلس الصحة العالي المعطل عن دوره.
- إعادة هيكلة وزارة العمل ودمج ديوان الخدمة المدنية بها ، إلى وزارة التشغيل، لنهج جديد بمواجهة البطالة، بوزارة تشغيل الأردنيين للقطاعين العام والخاص، وتوفير بنك معلومات للمواطنيين، وظيفة ومهنة للعاملين وغير العاملين الباحثين عن فرصة عمل، وعلى مستوى الدولة، وإقرار قانون الخدمة الوطنية بما يوازي الخدمة الإجبارية وبشراكة مع القوات المسلحة والقطاع الخاص، كنهج دولة ومسؤولية دولة، وهو مشروع يستوعب مئات الالاف من الأردنيين. ودراسة تفعيل التأمين ضد البطالة، وبراتب لا يقل عن مئة دينار كخطوة أولى، وقرار فوري بشمول كافة العاطلين عن عمل بالتأمين الصحي
رابعاً : خطة وطنية إقتصادية لنهج إقتصادي بهوية إقتصادية إجتماعية، وتحفيز رأس المال الوطني بمدخرات البنوك الأردنية وتقديم كافة التسهيلات الحقيقية، وبما يشجع هذه المدخرات للإستغلال في الموارد والثروات الطبيعية في البلاد، وتقديم خريطة جغرافية بهذه الموارد والثروات وعلى أسس علمية جادة
خامساً : تحريك العقل في الجامعات وكليات الإختصاص والخبراء والنقابات المهنية والأحزاب لمشاركة حقيقية في تطوير وتحديث الدولة بنهج الإصلاح بعيداً عن التقليد، وخيارات شخوص التقليد ، وفصل وزارة التربية والتعليم عن التعليم العالي، وتقديم خطة عملية للتطبيق، للتعليم الجامعي الذي يتأخر بترتيبه العالمي عاما بعد عام، ووزارة التربية والتعليم بعد أن أصبحت لما هب ودب من التجارب الفاشلة، في موقع الوزير، وهي الأعرق على مستوى المنطقة
سادساً : تحديث نهج الأداء الحكومي، لتعنل وفق فرق وزارية،( مثلاً أن تعمل وزراة المالية مع الصناعة والتجارة، والتخطيط كفريق إقتصادي، وليس سياسة مالية فحسب) وتحديث نهج أداء الوزارات بمؤسسية المشاركة من خارج الوزارات ومن اهل الإختصاص ذات الصلة
سابعاً : مراجعة قوانين الحريات والجرائم الإلكترونية في إطار سيادة القانون، وتعزيز سلطة القضاء المستقل، إستقلالاً تاماً، إدارياً ومالياً . وإصلاح واقع الإعلام المرتجف بإدارة موظفين، نحو إعلام الدولة وخطاب الدولة ورسالتها نحو مجتمعه والعالم، وبما يواكب تطورات وسائل الاتصال عبر الإنترنت .
ثامناً :إن الرسالة الملكية، لا بد أن تنطلق في ترجمتها على قواعد وأحكام الدولة الدستورية ، ومبدأ الدولة الوطنية دون إقصاء أو تهميش أو إستحواذ، أو سيطرة أحادية النظرة في التوجهات العامة ، وصولاً لعقيدة وطنية بتأصيل الولاء المجتمعي للدولة ومحتواها الدستوري، وترسيخاً عملياً، بأن الدولة الاردنية حاضنة لمجتمعها، ومؤسسة العرش مظلة لجميع أبنائها كدولة دستور وقانون