08-02-2022 09:49 AM
بقلم :
كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن موضوع الهوية الجامعة ، وكثر السجال حول كل مايدور في فلكها ولما جاءت في هذه هذا الوقت ، ولما تشتد سعيرها ، فالبعض سيكتوي بنارها ، والاخر سيكون افضل حالاً مما كان عليه ، في حين ضج الإعلام الجديد بكل مفاهيمه ومصطلحاته بهذه الهوية لما له من أهمية بالغة في التأثير على الشعوب والمٌجتمعات، خاصة في عصر العولمة التي أصبح العالم في ظلها قرية صغيرة، إذ ما يحدث في بقعة جغرافية معينة سرعان ما ينتقل كالنار في الهشيم إلى كل بقاع المعمورة، لذلك اصبح عصرنا الحالي ِ اكثر سرعة جراء ما يجثم من تكنولوجيا حديثةَ ، وتقنيات عصر الإعلام بامتياز على صدر الشعوب والدول ، ليس لأن الإعلام ظاهرة جديدة في تاريخ البشرية، بل لأن وسائله بلغت غايات بعيدة ، واصبح لها تأثير في العمق وقوة التوجيه وخطورة التشكيل، وأدت إلى تغيرات جوهرية مست بالأساس هوية الشعوب ، ومنظومات قيمها ومبادئها، بإرغامها على الانخراط في ثقافة واحدة تتناقض، وتتنافر مع منظومات قيمها ومبادئها، فالإعلام الجديد المتخطي للحدود القومية، وما يقوم عليه من تكنولوجيا ، عادة ما يقوم برسم الخريطة الثقافية المٌحددة ، فيما يحاول التلاعب بالهويات ذت الجذور الاصلية التي لا يمكن ان يٌساوم عليها ، ولعبت صناعات الالة الاعلامية المتطورة، دوراً أدى إلى تقويض الشعور بالانتماء ، مما ادى إلى إضعاف الولاء للدولة جراء الشعور بان التهميش سيكون اكبر مما هو عليه الان ، ناهيك عن التفكير لمن يتمتعون بهوية ذات صلة بالوطن والارض ، ولم يعد لديهم ثقة بالمقومات والثوابت المحلية وجعل أمر التحكم فيها من قبل الاقلية اكبر مساحة مما كان عليه في السابق ، مما جعل الثقة بالهوية الثقافية يتناقص وبشكل غير مسبوق ، وليس ثمة مبالغة في القول بأن الإعلام الجديد أصبح يٌشكل تهديداً لاصحاب الهوية الاصلية التي انبثق منها التشبث بالارض ، ودعم مبدأ التضحية من اجل الوطن من خلال استثمار مكتسبات العلوم والتقدم التكنولوجي في مجال ثورة الاتصال، والمعلومات لتهميشها وخلخلة بنياتها ،والنيل من مكانتها التاريخية، وترسيخ ضعف الولاء لها من قبل أبنائها، وبالتالي قطع الصلة وتحطيم الجسور الواصلة بين الشعب ،وحضارته العريقة وتفتيت الوحدة المأمولة بينهم .
إن المواطن اليوم امام تهديد للهوية التي ينتمي اليها كمواطن اصلي ومٌشارك في بناء وتنمية الدولة ،بكل ما فيها من خصائص ومقومات اساسية، تمثل روح المواطنة ومنبع فكرها وأسلوب حياتها، منها تستمد عناصر بقائها وطاقة إبداعها، لذلك يمكن الجزم أنها الركيزة الأساس في نهضتها والعنصر الأهم في رقيها واستقرارها، فلا تطور ولا تنمية في الدولة ان تعرضت أوصال هويتها "الاردنية" والثقافية للتفكك ، وخضعت هويتها للطمس من قبل ثلة تسعى إلى تذويبها من أجل المحافظة على مصالحه ، لا الحفاظ على الهوية عزيزة وقوية بعيدة عن اي تشويش اوتحريف ، لذلك كان من واجب كل وطني حر ان يرد كيد الأعداء وهجمات المتربصين وسهام الحاقدين، حتى تكون مرجعية الدولة تترسخ وبشكل قوي، اللاوعي الجمعي للدولة، يشعر من خلالها كل فرد اردني حر بانتمائه لها فيسخر جهوده، في إطار من التكامل والتضامن مع غيره، للدفاع عن مكامن عزتها ورسم المكانة اللائقة بها بين دول العالم اجمع .
الهوية اليوم قد يستخدمها اصحاب الابواق الفارغة التي لن يكون لهممكان بين الشعب ، وستضيق مساحات القبول به مهما كان واي كان ، فلا يمكن ان تكون الهوية محط نقاش ، وتصبح العصا التي يٌلجم بها البعض ومن هم حوله ، لطمس كل ما يتمتعون به من حضارة وتاريخ ، فالهوية الاردنية ليست موضوع يمكن ان يتم النقاش فيه ، بغض النظر عن ما يدور في رحا الالة الاعلامية ، او يتم التشدق به هنا او هناك .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-02-2022 09:49 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |