16-02-2022 08:41 AM
سرايا - لا يزال خبر العرض المقدم من بنك أبو ظبي الأول (البنك الأكبر بدولة الإمارات العربية المتحدة) للاستحواذ على شركة المجموعة المالية ھیرمیس القابضة (أكبر بنك استثماري في مصر) يثير الجدل في الأوساط الاقتصادية المصرية بين مؤيد ومعارض للصفقة المحتملة، التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي.
وكشفت شركة "هيرميس" في بيان لها للبورصة المصرية أنها تلقت عرض شراء مبدئيا غیر ملزم من بنك أبو ظبي الأول لاستحواذ نقدي محتمل على حصة أغلبية بنسبة لا تقل عن 51% من أسھم رأس مال الشركة المصدرة، بسعر شراء تقديري 19 جنیھا مصريا للسھم، بقيمة تُقدر بنحو 18.5 مليار جنيه (1.18 مليار دولار).
وأضاف البيان أن إتمام الصفقة وتحدید السعر النھائي مشروط بإجراء عملية الفحص النافي للجھالة على الشركة والحصول على الموافقات الرقابية المطلوبة لعرض شراء إجباري على كامل أسھم الشركة وفقا للقانون رقم 95 لسنة 1992.
وفي حال تمت الصفقة سيصبح البنك الإماراتي صاحب الحصة الحاكمة في أقوى وأكبر بنك استثماري في مصر، ويصبح المرجع الرئيسي في قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية على مستوى المنطقة، وستكون هذه ثاني صفقة كبرى لبنك أبو ظبي الأول، الذي استحوذ على بنك عودة مصر (التابع لمجموعة عودة المصرفية اللبنانية) العام الماضي، وبذلك أصبح أحد أكبر البنوك الأجنبية في مصر من حيث الأصول التي تتجاوز 130 مليار جنيه (8.5 مليارات دولار).
وفي إفصاح جديد للبورصة المصرية، قرر مجلس إدارة المجموعة المالية هيرميس القابضة في اجتماعه الأحد الماضي بدء تعيين مستشار مالي دولي ومستشار قانوني مصري لتقديم الاستشارات المالية والقانونية بشأن هذه الصفقة المحتملة.
وأعلنت المجموعة المالية هيرميس التحول إلى بنك شامل نهاية العام الماضي، بعد إتمام صفقة الاستحواذ على 76% من بنك الاستثمار العربي من خلال الدخول في تحالف مع صندوق "مصر السيادي" عن طريق زيادة رأسمال البنك إلى 5 مليارات جنيه، وبلغت حصتها 51% وحصة الصندوق 25%. (الدولار يساوي 15.75 جنيها).
دلالات التوسع الإماراتي
وطرحت الصفقة المحتملة تساؤلات حول دلالات التوسع الإماراتي في عمليات الاستحواذ على قطاعات عديدة في مصر، من بينها القطاع المصرفي والمالي، وهل هو اهتمام بالفرص الاستثمارية في السوق المصرية أم رغبة في الهيمنة على قطاعات بعينها؟ ولماذا تخسر مصر واحدة من أكبر المؤسسات الرائدة في المنطقة في مجال الخدمات المالية ذات المنتجات المتنوعة التي تخدم الأسواق الناشئة لحساب دولة أخرى؟
وحسب مراقبين ومحللين فإن الأهمية الكبرى لشركة "هيرميس" لا تكمن في حجم أصولها أو رأسمالها فقط؛ بل في حجم الأصول وصناديق الاستثمار والمحافظ المالية والطروحات التي تديرها، وخبرتها الممتدة إلى 35 عاما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ مما يجعلها رائدة في مجالها وأكثر الشركات نجاحا في نشاطها.
ما حجم أعمال هيرميس؟
وحققت المجموعة المالية أرباحا قوية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، حيث ارتفع صافي أرباحها بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 1.1 مليار جنيه، وزادت إيراداتها بنسبة 8% على أساس سنوي لتصل إلى 4 مليارات جنيه.
تأسست المجموعة المالية هيرميس القابضة عام 1984، وهي مدرجة في البورصة المصرية منذ 1999، ويبلغ رأس مال الشركة المرخص 6 مليارات جنيه، والمصدر نحو 4.8 مليارات جنيه، وعدد أسهمها 973 مليونا و70 ألفا و671 سهما، ويتوزع هيكل ملكية الشركة على عدد من المؤسسات بأقل من50% والحصة المتبقية ممثلة في أسهم حرة التداول.
وتتواجد الشركة في 13 دولة عبر 4 قارات حول العالم، كما تغطي خدماتها 75 سوقًا مختلفا في دول عدة، وتعد أحد أكبر وأهم شركات إدارة الأصول في مصر، وفي تقديم خدمات الترويج وتغطية الاكتتاب في الأوراق المالية على الساحة الإقليمية.
وهيرميس أكبر شركة وساطة في الأوراق المالية بأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذلك الأسواق الناشئة والمبتدئة حول العالم، وتحتل الشركة المركز الأول في السوق من حيث عدد الصناديق الاستثمارية التي تتولى إدارتها بمختلف أنواعها وتدير العديد من المحافظ الاستثمارية.
إهدار لا استثمار
ورأى أستاذ الاستثمار والتمويل الدكتور وائل النحاس أن خبر العرض لصالح البورصة المصرية، ولكنه ضد مصلحة الشركة، قائلا "في البداية العرض المقدم أقل من سعر السهم الحقيقي ولكنه يأتي في وقت غابت فيه الأخبار الإيجابية عن السوق المصرية، وقد يكون الهدف منه امتصاص انهيار السوق أو دعم محافظ وصناديق البنك الاستثمارية، خاصة أن العرض غير ملزم ويحتاج إلى إجراءات تمتد لعدة أشهر".
وتوقع خبير أسواق المال وأحد المعارضين لإتمام الصفقة في تصريحات للجزيرة نت أن تفشل، داعيا إلى عدم التفريط في ما أسماها "أيقونة" الشركات الاستثمارية في مصر والمنطقة، ومن الصعب تعويضها؛ لأن أهمية الشركة ليست في رأس المال بل في العقول البشرية التي تمتلكها، هذا ليس استثمارا لكنه إهدار".
وأشار "إلى أنه في عامي 2012 و2014 فشلت محاولتين سابقتين للاستحواذ على الشركة، كانت الأولى من قبل إحدى الدول العربية، والثانية من جانب رجل الأعمال نجيب ساويرس لشراء 20% من أسهم الشركة، ولم يستبعد أن يكون الأخير وراء عرض بنك أبو ظبي الأول للاستحواذ على الشركة مجددا في إطار الشراكة الإستراتيجية التي تربطه بمراكز المال والأعمال في الإمارات"، وفقا لتصريح الدكتور وائل النحاس.
ورحب رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس رئيس شركة أوراسكوم للاستثمار القابضة بعرض الشراء المقدم من بنك أبو ظبي الأول للاستحواذ على المجموعة المالية هيرميس، وقال في تصريحات صحفية لموقع "حابي جورنال" الاقتصادي إنه "صفقة إيجابية لمناخ الاستثمار في مصر، وستنعش أداء البورصة"، مضيفا أن "الصفقة ستدعم الجنيه المصري، وهي في مجملها خبر سعيد".
وأكدت رئيسة قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس للأوراق المالية رضوى السويفي أن "العرض يعد بمثابة خبر إيجابي"، وأوضحت -في تصريحات صحفية- أن هذا العرض يعكس اهتمام المؤسسات الخليجية بالسوق المصرية، كما أنه يذكر السوق بأهمية التقييمات، ويلفت الأنظار إلى أن التقييمات الحالية في مستويات منخفضة.
احتكار القرارات الاستثمارية بالبورصة المصرية
في حين رأى الخبير الفني والمحلل المالي بسوق الأوراق المالية المصرية صفوت عبد النعيم أن العرض المقدم من بنك أبو ظبي الأول تجاهل تماما نتائج العام الحالي لشركة هيرميس، التي تقدر بنحو 1.3 مليار جنيه مصري.
ودعا في منشور له على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك إلى "الإسراع في الإفصاح عن مخاطر تصدير تلك السلعة المتشابكة والمرتبطة باستثمارات الشركة هيرميس في كل القطاعات، وكان آخرها الشراكة الاستثمارية مع صندوق مصر السيادي للاستحواذ على بنك الاستثمار العربي المصري".
وأضاف عبد الدايم أن هذا بخلاف تحكُّم الشركة في أكبر حجم رأس مال بالبورصة المصرية عن طريق إدارتها العديد من صناديق الاستثمار، خاصة في البنوك الوطنية والاستثمارية، وهي أيضا الذراع الاستثمارية لأكبر صناديق الاستثمار الأجنبية المستثمرة في مصر، وهو ما يمكنها من زيادة فرص احتكار القرارات الاستثمارية بالبورصة المصرية.