حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,25 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3685

يعربون ولا يقرؤون !

يعربون ولا يقرؤون !

يعربون ولا يقرؤون !

20-02-2022 12:01 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : لما صالح
مشهد يتكرر كثيرا لا ندري أنصفق له إعجابا وتعجبا أم ماذا ؟؟ تأتي أم في جلسة أهل أو أصدقاء تنادي ابنها الذي في الصف الثاني أو الثالث ليعرب جملة بسيطة مكونة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر أو حتى شبه جملة من جار ومجرور سعيدة بذلك ظانة أن التعليم بات يخلق من الصغار سيبويه الجيل الجديد.
وفي بحث بسيط لتفسير هذه الظاهرة المتكررة على اختلاف المدارس في مستوياتها وأماكنها فإن المنقب في مناهج المراحل الابتدائية الأولى لن يجد قاعدة واحدة صريحة مؤطرة أو حتى بين
ثنايا السطور، ليقفز السؤال المطروح : من أين جاء الإعراب لهذا الطفل الصغير؟ أمن اجتهاد خاص للمعلمين في رحلة جديدة لتطوير المناهج أم من الأدلة بين أيدي المعلمين ترشدهم لإدخال القواعد والإعراب ؟! لتكون الإجابة القطعية: لا !
وفي توجه للمعلمين بحثا عن إجابة لهذا السؤال فإنهم يؤكدون أنهم لم يخرجوا عن المنهاج قيد أنملة ولو أخبرتهم متيقنا من غياب القواعد لأكدوا لك جازمين وجودها مشيرين إلى تدريبات تخص
القواعد من مثل: أكمل كما في المثال :
وقف العصفور على الشجرة . والأمثلة تحاكي ( على الشجرةِ)
وهنا يأتي كما يقال مربط الفرس، أو الخطأ القاتل الذي يتلخص في الخلط ما بين النمط والقاعدة؛ فما هو موجود في مناهج الابتدائية ما هو إلا أنماط راقية للفصحى في أبسط صورة هدفها هو إتقان الكلام على أشباهها بتكرار أمثلة في بنيتها السطحية تجعل الطفل قادرا إن رأى مثلها على قراءتها ونطقها نطقا صحيحا بعيدا عن اللحن ( الخطأ)
وما يحصل على أرض الواقع أن المعلم ما إن يشاهد تلك الأنماط حتى يظنها خطأ دعوة إلى تحويلها قواعد صريحة فيسارع مثلا إلى إعداد ورقة عمل عن حروف الجر وإعراب الاسم المجرور مضيعا الهدف الأساسي متعديا إلى مرحلة التفسير التي ما هي إلا مرحلة تابعة متأخرة هدفها تفسير النمط، فكأننا نطلب من الطفل تفسير ما لم يعتد عليه ولم يتكلم به أصلا، علما أن القاعدة ما وجدت إلا لتفسير ما حصل في النمط الكلامي المتعارف عليه من لحن ثم تفسيره.
وفي تفسير أبسط فإن القاعدة اشتقت مما تكرر وجرى على ألسنة العرب سليقة كملاحظة أن الكلمات التي تنطق بعد أحرف معينة تكسر في لفظها. وإننا بعد ذلك إن دخلنا في مصطلح الجر انتقلنا إلى الإعراب وهي مرحلة التفسير لا إتقان الكلام.
وهنا سؤال آخر : ما المطلوب من ابن الابتدائية أهو إتقان الكلام جريا على ألسنة العرب الصحيحة أو تفسير سبب نطقهم وكلامهم؟
ولأن المطلوب دون جدال هو إتقان الكلام والقراءة لا التفسير ليصبح قادرا فيما بعد في المرحلة الإعدادية على تفسير ما اعتاد على لفظه لفظا صريحا فإن المراد من الطفل في الصفوف الأربعة الأولى هو التدريب المكثف جدا على الأنماط بصورها الصحيحة وتدريباتها العديدة الجميلة ليتمكن من قراءتها ومجاراتها ببنيتها السطحية دون الغوص إلى تحليلها في بنيتها العميقة.
ولا يخفى أن الخلط بين النمط والقاعدة وتحويل الأولى خطأ إلى الثانية كان السبب الأول في إنتاج جيل يخطأ ويتلعثم في القراءة ومن ثم يكتب فيما بعد كتابة هزيلة تملؤها الأخطاء من مثل : يلعبون الأولاد، من اللاعبون ، الرياضيين يلعبوا…. إلى غيرها من الأمثلة التي لا عدّ لها ولا حصر، ذلك أنه غاص منذ الصغر في تفسير لغةٍ لم يتكلمها أو يكتبها؛ أي تعرض لتعليم عكسي لنصيح صارخين عن سبب تراجع التعليم في اللغة وسوء مخرجاتها الكارثية بين الخريجين في زمن أجدر وأرقى ما يكون فيه هو اللجوء إلى الأنماط لتمكين جيل من لغة لم تعد الأولى بما تحمل كلمة الأولى من شروط.








طباعة
  • المشاهدات: 3685
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-02-2022 12:01 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم