حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4259

ايزابيل شميد .. طريق النور رواية قطرية تعبر بفتاة سويسرية طريق النور

ايزابيل شميد .. طريق النور رواية قطرية تعبر بفتاة سويسرية طريق النور

ايزابيل شميد  ..  طريق النور رواية قطرية تعبر بفتاة سويسرية طريق النور

22-02-2022 10:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. منصور محمد الهزايمة
فوجئت بصدور رواية لصديق وزميل قطري في العمل، تم تدشينها الشهر الماضي على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب، أثار ذلك اهتمامي، فلم أعرف من قبل أن الزميل من المهتمين بأي شكل من أشكال الكتابة، أو أيٍ من صور المشهد الثقافي، والغريب أنني بنيت انطباعا ذاتيا وتصورا مسبقا لما قد تنطوي عليه الرواية، وبقيت ملتصقا به، التهمت معظمها وأنا أبحث عن هذا التصور ولا أجده، أمّا تصوري فكان تقليديا، يبرره ما قرأت من روايات تبرز هذا الاتجاه؛ شاب عربي ذهب لبلاد الغربة لغرض العمل أو الدراسة، يتعرف هناك على فتاة من ثقافة مغايرة، يدعوها للإسلام فتسلم، يتزوجها ويطير بها إلى بلده، تُعجب بالعادات والتقاليد العربية، وتندمج في الحياة الجديدة ، إلاّ انني فشلت في إيجاد هذا التصور وهذه التوقعات، لكن ليس تماما.
بدايةً أثار اهتمامي عنوان الرواية (ايزابيل شميد-طريق النور)، وقد بحثت عن الاسم ظنا مني أنه لشخصية معروفة وخاب ظني، عندها أدركت أن الرواية انتاج أصيل للزميل تستحق القراءة والتأمل.
تقع الرواية في ثمان وستين ومئة صفحة من القطع المتوسط بين دفتي كتاب بغلافين أنيقين؛ يبرز الأول منهما ثلوج سويسرا مسرح الرواية، وهي صادرة عن دار نشر هنا في الدوحة.
الرواية هي فن التفاصيل؛ التفاصيل التي تثير الشجون، وتجعلك تعيشها حد التماهي مع حياة شخوصها، فلا تفلت كلمة أو جملة إلاّ وتضفي أو تضيف شيئا على حياة البطل أو البطلة، ونموها، وترسم بدقة سلوك الشخصيات المعينة، أو المعيقة في حياة الشخصية الرئيسية في الرواية.
ما أن بدأت القراءة، حتى وجدتني التهم سطورها وصفحاتها بشغف، وتشدني الأحداث فيها بأسلوب آسر، بحثا عما بنيته من تصور مسبق أراه مفقودا، وبذات الوقت تشوقا لما تنتهي إليه الأحداث.
تقع أحداث القصة في قرية سويسرية، الشيء الذي كان محل تساؤل لدي، لأتأكد من صاحبها أن الدافع كان مرتبطا بزيارة عائلية لتلك الدولة، وفيها اسقاط لشيء من تجربته، حيث أن الكاتب متطوع في الهلال الأحمر القطري، وقد شارك في العديد من نشاطات الإغاثة في أماكن لجوء صعبة ، ليختار الشخصية الرئيسية لروايته؛ الشابة ايزابيل ابنة الثالثة والعشرين ربيعا، يتيمة الأبوين، التي تتخرج بتفوق من كلية عسكرية في دولة بلجيكا، وتعيش مع خالتها بما يوحي أنه أمر عادي، لكن التأزم يبدأ عندما تعرف أنها تعيش مع خالتها بصفة التبني، بما تثبته الأوراق الرسمية، وأن والديها توفيا بحادث سقوط مروحية، لكنّها لا تعرف لهم مدافن، ولا يرغب أحد بتناول قصة الحادثة، بل أن قريبين منها يتلعثمون باسمها، لتتشابك عندها أحداث الرواية وشخوصها، تجاذبا وتنافرا، عندما تتصدى الفتاة لكشف الحقائق فيما يتصل بحياتها، وحادثة وفاة والديها، فتتعاظم الحبكة لتصبح كل الشخصيات المحيطة بها موضع شك واتهام، ولا تسلم حتى خالتها منه، وهي التي تعيش معها منذ (23) سنة ،تتسارع الأحداث وتتزاحم بشكل مثير، لتكتشف أن القصة لها أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة، بل لها بعد دولي، وتنتهي الرواية أن حادثة المروحية مختلقة، وأن الخالة وزوجها ما هما إلاّ أبويها المتوفين، بل إن ايزابيل أو ايلينا هي أبنة عائلة ارستقراطية ملكية، لاجئة من بلجيكا، لكنيّ سررت أن جزءً من تصوراتي كان له نصيب في الرواية، فأخيرا يظهر يوسف، المحامي المسلم من أصل مغربي، والذي يعود بنسبه للأمير المناضل محمد عبد الكريم الخطابي، ليستحوذ على قلب ايلينا ويحظيان معا بالزواج.
الرواية محدودة المكان والزمان والشخصيات، لكن غزارة الأحداث وتشعباتها، وتقاطع العلاقات بين الشخصيات وغموضها، وخلجات البطلة النفسية، ونمو شخصيتها وتطورها، يشعل الحبكة ويزيد من تأزمها مما يشعرك أن الرواية ممتدة في الزمان والمكان، علما بأن زمن الأحداث لا يتعدى ربع قرن وتقع في قرية صغيرة.
فصول كثيرة وقصيرة بعضها لا يزيد عن صفحة واحدة، ينقلنا الكاتب بينها دون ملل، في خط متصاعد للأحداث، تجعل القارئ متشوقا للمضي قدما حتى خط النهاية.
تميزت الرواية بجمل سردية مكثفة، يميزها التعبير العذب، والوصف المنتج لتسارع المواقف، كما الأماكن والأجواء الصعبة، وبكلمات رصينة لا غريب فيها، وبحوار مقنع بسيط، ومن البداية إلى النهاية ينقلك الكاتب بهدوء وسلاسة، ضمن أهوال متلاطمة، بوصف مثير للأحداث يحبس أحيانا الأنفاس.
عثرت على بعض الأخطاء اللغوية التي تكاد تكون منتظمة؛ أي أن الخطأ نفسه يتكرر، وأن بعض الشخصيات لم تحظ بأكثر من وصف عام ودور ثانوي، مثل شخصية المحامي المسلم التي أحضرت لتؤدي نتيجة متوقعة لا حلاً، وليس لها دور هام في أحداث الرواية، أي لم يكن هناك ربط مهم بين مهنته ودوره بالنزول عن الشجرة (الحبكة)، لكن أُريد له أن يخدم العنوان الفرعي (طريق النور).
لست ناقدا، ولا مجاملا، ولا أجيد أي منهما، لكن هذه الرواية تُعد باكورة أعمال الراوي خالد حمد المري، وأراها بكل موضوعية مقدمة نجاح، وهي بكل الاعتبارات تستحق القراءة، وبذات الوقت يستحق الكاتب الدعم والمساندة، فهي لشاب في مقتبل العمر، لا شك عندي أنه مقبل على تقديم الأفضل، بما يتسم به من طموح يستحق التشجيع والتقدير.








طباعة
  • المشاهدات: 4259
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-02-2022 10:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم