24-02-2022 09:41 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
إن حرية التعبير عن الرأي وحرية النفاذ إلى المعلومات هما في صميم المٌجتمع المعلوماتي ويؤدي مهامه وهما من العناصر الأساسية للاستقرار السيبراني والسلام السيبراني ، والتهديدات التي تطاول ممارستهما وتقوض الفوائد الرئيسية للإنترنت وتحرم الناس منها، ومن ثم، يتعين تصنيفها في عداد التهديدات الرئيسية الحالية في الفضاء السيبراني.
وقد كانت حرية الرأي وحرية الوصول إلى المعلومات على مر التاريخ عناصر أساسية في بناء المٌجتمعات المتحضرة، فضلا عن انها جزء لا غنى عنه من حقوق الإنسان والحريات المدنية، وبالتالي فهي تكاد تكون في صلب الدساتير الحديثة كلها، وتتضمنها التشريعات الراقية التي لا تمس حرية الاخرين الا بنص قانون ناضم لها ،والواقع أن حرية الفرد في الحصول على المعلومات وتبني آلاراء ، والإدلاء بها يمكن أن يكون مقياساً للتقدم البشري وتطور المجتمعات ، ومن ناحية أخرى، فإن تعريف الحدود التي يجب أن تٌقيد هذه الحرية لأسباب تتعلق بالأمن العام والآداب العامة ، والنظام العام ، وظل دائماً جزءاً لا يتجزأ من النقاش السياسي الداخلي ،ويٌعد جهداً دائماً وضرورياً في السعي للتوفيق بين الحرية الفردية ،والمصلحة العامة على السواء وترشيدهما، والرقابة الحكومية من حيث تجاوز هذه الحدود بصورة منهجية وممارسة رقابة لصيقة على الرأي العام ،وتبادل وجهات النظر، ولا سيما فيما يتعلق بالمواد التي قد تنشر اي كان نوعها شريطة ان تكون ضمن ضوابط تحكمها من التعدي على الاخرين وحقوقهم ، وهو جزء مؤلم ولكنه مٌتكرر من التاريخ البشري وقد أطلق، غير مرة، عليه بشرارة معارك حرية العقل، جراء التهميش لكثير من العقول الراقية الساعية للتطور الفكري وما ينتج عنه من جميل النتائج .
وفي عصر الانترنت، لم تتغير هذه الكوكبة الأساسية، سوى أن أهميتها والشكل الذي تتخذه تغيّراً حقاً فالتكنولوجيات الرقمية أطلقت العنان لفرص النفاذ إلى المعلومات ولفرص الاتصالات وأعطتها بٌعداً جديداً، وهذا هو جوهر مٌجتمع المعلوماتية الذي حل منذ سنوات وما زال يتطوراً بشكل مٌذهل ، وكحال كل جانب من الجوانب أخرى، فشبكة الإنترنت توسع الرحاب، وتٌفند المقاييس الكمية والنوعية، وتلغي المسافة والوقت وتستحدث ظواهر جديدة متناقضة. قد يمكن القبول بها وقدترفض لتعارضها مع بعض القيم .
فشبكة الإنترنت لا تكتفي بزيادة المعلومات ، وتسهيل النفاذ إليها على نطاق هائل، بل تزيد أيضاً من إمكانية التدخل في العمليات التقنية الأساسية ومعالجة المحتويات الرقمية، وتتيح التكنولوجيا الرقمية برمجيات اصطفاء تستطيع سد أي مجال معلوماتي عبر شبكة الإنترنت بأسرها ،أو فيما يتعلق بخدمات معينة فقط فتسمح للحكومات بإدخال الرقابة الحكومية، بما في ذلك الرقابة على نطاق واسع، لكافة العمليات التي قد يتم بنائها او تسييرها عبر الانترنت ، وبالتالي يجب النظر مٌجدداً في قضية حرية الرأي والمعلوماتية كحق من حقوق الإنسان، فالإنترنت تتحول سريعاً إلى مُعترك جديد في النضال من أجل حقوق الإنسان وحرية الرأي.
والتقنيات الرئيسية المتاحة للحكومات المٌمارسة للرقابة هي حظر بروتوكول الإنترنت ،واصطفاء نظام أسماء الميادين، وإعادة التوجيه واصطفاء مٌحدد موقع الموارد الموحد ،من خلال المسح بحثاً عن كلمات رئيسية مٌستهدفة ،أو اصطفاء الٌرزم التي تنهي بإرسال رزم بروتوكول التحكم بالنقل، حال الكشف عن كلمات رئيسية مٌثيرة للجدل ،وتتميز برمجيات الاصطفاء الحالية بتفاعلها المكانيكي حصراً مع وقوع بعض الكلمات أو العبارات وبالتالي كثيراً ما تٌفرط في استهداف الهدف، وبالتالي الإفراط في الحجب لقمع الفرد سبيرانياً بحيث لا يتمكن من القيام باي سلوكيات قد تُعد عدائية بالنسبة للدولة .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-02-2022 09:41 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |